اخبار محليةالعرض في السلايدرمقالات

الإرهاب وفق المعيار الأمريكي

21 سبتمبر || مقالات:

عندما صنّف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب «أنصار الله» ويعني بذلك الشعب اليمني كمنظمة إرهابية، لم يكن ذلك بسبب تهديدات مزعومة للأمن والسلام، أو بسبب ممارسة القتل الجماعي والذبح والسحل للمواطنين؛ بل لأن الشعب اليمني بقيادة السيد القائد عبدالملك الحوثي، وقف بوجه الهيمنة الأمريكية والإسرائيلية، وساند الشعب الفلسطيني في محنته، ووجه صفعة قوية لمشروع الشرق الأوسط الجديد عبر إغلاق باب المندب وتهديد المصالح الأمريكية في المنطقة، ولأن الشعب اليمني رفض الخضوع والخنوع والاستسلام لأمريكا وإسرائيل.
في المقابل، إسرائيل ترتكب أبشع المجازر والجرائم بحق أبناء الشعب الفلسطيني منذ سبعين عاما، وهي تحتل الأرض وتقتل وتدمر، والتي كان آخرها حرب الإبادة الجماعية بحق أبناء غزة والتي قتلت قرابة 90 ألف شهيد معظمهم نساء وأطفال، وتاريخها الطويل في ارتكاب المجازر بحق الفلسطينيين، ككيان إرهابي. بل على العكس تتلقى الدعم اللا محدود من واشنطن، حتى وهي تواصل انتهاكاتها السافرة للقانون الدولي، وتضرب عرض الحائط قرارات الأمم المتحدة، فإسرائيل، التي تحتل أرضًا ليست أرضها، وتهدم المنازل، وتقتل الأطفال والنساء، وتفرض حصارًا خانقًا على قطاع غزة، تُعتبر في المنظور الأمريكي “دولة تدافع عن نفسها”، بينما أي قوة تقاوم الاحتلال وتدافع عن حقها في الحياة، تصبح “إرهابية”.
لم يكن تصنيف أنصار الله منفصلًا عن موقف اليمن من الحرب على غزة، إذ أن انخراط اليمن في مواجهة الكيان الصهيوني، وإغلاق باب المندب أمام السفن المتجهة إلى إسرائيل، أزعج الولايات المتحدة وحلفاءها، فبالنسبة لواشنطن، أي دولة أو جماعة ترفض الخضوع لإملاءاتها تصبح هدفًا للحصار والعقوبات والتصنيفات الإرهابية.. من يريد أن يكون حرًا مستقلًا صاحب قرار، فهو “إرهابي” في القاموس الأمريكي.
بينما تتحدث أمريكا عن مكافحة الإرهاب، فإنها تمارس الإرهاب بأبشع صوره، وتفرض سطوتها على العالم، فمن أعطى الولايات المتحدة الحق في إقامة قواعد عسكرية في مختلف الدول؟ من منحها حق تحريك أساطيلها في البحار والمحيطات دون رادع؟ ولماذا تُمنع الدول الأخرى من الدفاع عن سيادتها بينما تُترك أمريكا تعبث بمقدرات الشعوب؟
إذا كان الإرهاب هو الاستيلاء بالقوة والهيمنة على الآخرين، فماذا عن ترامب الذي حاول ضم كندا كولاية أمريكية؟ أو سعى للسيطرة على جزيرة غرينلاند؟ وطالب السعودية بدفع 600 مليار دولار مقابل “حمايتها”؟ أو أراد التحكم في قناة بنما والاستيلاء على المعادن الأوكرانية؟ أليس هذا هو الإرهاب بعينه؟
الإرهاب، وفق المعيار الأمريكي، ليس ذبح الأبرياء وقصف المدن واحتلال الدول، بل هو الوقوف في وجه الإمبراطورية الأمريكية ومقاومة مشاريعها الاستعمارية. ولذلك، فتصنيف أنصار الله لم يكن سوى شهادة على أنهم قوة حقيقية تقف ضد الظلم والطغيان، تمامًا كما تفعل المقاومة الفلسطينية، وكما فعلت كل الشعوب التي رفضت أن تكون أداة بيد واشنطن.
إن ازدواجية المعايير الأمريكية لم تعد خافية على أحد، فالعالم اليوم يرى الحقيقة جلية، من يحتل الأرض بالقوة ويمارس القتل والتدمير هو حليف استراتيجي لواشنطن، بينما من يدافع عن نفسه وعن شعبه، يصبح إرهابيا، لكن مهما حاولت أمريكا فرض واقعها، فإن إرادة الشعوب لا تُقهر، وستظل المقاومة حقا مشروعا لا تقرره واشنطن، بل تصنعه تضحيات الأحرار، وإن غطرسة وهيمنة أمريكا واسرائيل قد سقطت، وإن نهايتهما قريبة، ومشاريعهما ومخططاتهما فشلت، وإن الحق سينتصر وسيعود الحق لأصحابه.

 

بقلم/محمد صالح حاتم*

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com