بصدورهم وبدمائهم .. أبناء الجنوب يكسرون الاحتلال والمعادلات الدولية
شارل أبي نادر
الجميع في يوم أمس – غير العائدين من أبناء الجنوب – لم يكونوا ينتظرون أن يحصل ما حصل من دخول هؤلاء الأبطال إلى أغلب بلداتهم المحتلة رغمًا عن أنف الاحتلال ونيرانه …
العدو أولاً؛ لم يضع بتاتًا في حساباته أـن يجرؤ أبناء الجنوب على تحدي النيران المباشرة لبنادق عناصره ورشاشاتهم، وأن يفرض هؤلاء بصدورهم وبدمائهم معادلة استثنائية بكسر الاحتلال ورضوخه.
الدولة اللبنانية ثانيًا، وبعد أن كانت قد سلّمت بواقع بقاء الاحتلال مدة غير واضحة، بعد انتهاء مهلة الستين يومًا لانسحاب العدو، وخاصة بعد تبليغها الضوء الأخضر الأميركي (الضمني أو العلني) لذلك رأت نفسها معنية، ومن خلفها المواطنين الجنوبيين، بتدارك ما سلّمت به حيال القرار الإسرائيلي- الأميركي بتمديد مهلة الاحتلال.. ووجدت الدولة اللبنانية نفسها، أيضا، مضطرة لدعم ومتابعة القرار الذي فرضه الناس، والذي كسر معادلة دولية كان أغلب الأطراف قد رأوا أنهم فرضوها وبأنها قد سلكت..
الجيش اللبناني ثالثًا والذي بالرغم من تعليماته المشددة للمواطنين بعدم الدخول إلى مناطق محتلة وعدم تجاوز الحواجز والسواتر التي نشرها العدو على مداخل تلك البلدات، منعًا لتعرضهم لأخطار الأجسام المشبوهة من جهة، ولأخطار نيران العدو المباشرة من جهة أخرى، وهو بالرغم من الأوامر المعطاة له من قيادته ومن الحكومة اللبنانية بعدم السماح بدخول الجنوبيين إلى بلداتهم المحتلة، اضطر أن يكون صادقًا مع قناعة جنوده وضباطه الحقيقية، وغطى وواكب وسهّل إنجاح عملية الاختراق التاريخية للمناطق المحتلة، ووقف جنبًا إلى جنب مع المواطنيين في مواجهة نيران العدو المباشرة، ليسقط منه شهداء ومصابون أيضا، واختلطت دماؤهم بدماء أبناء الجنوب، تجسيدًا لمعادلة الجيش والشعب والمقاومة، والتي تثبتت يوم أمس بهذه الدماء الذكية البطلة..عمليًا، لقد كسر أبناء الجنوب يوم أمس، ومعهم الجيش اللبناني، إرادة العدو المحتل، وانتزعوا منه الذرائع الميدانية والعسكرية لتمديد احتلاله، وأثبتوا للجميع، وخاصة لهذا العدو وللأميركيين، بصدورهم وبدمائهم تحرير عدد كبير من البلدات الحدودية المحتلة، وبأنه لا معنى عسكريًا لمنطقة فاصلة أو عازلة يدّعي العدو حاجته إليها بعد انتهاء المرحلة الأولى من تطبيق القرار ١٧٠١، إذا كانت قد كُسرت واِختُرِقَت بدماء أبناء الجنوب في العديد من البلدات الموجودة على الحدود مباشرة.
أيضًا، بصدورهم وبدمائهم أفشلوا وكسروا المخطط “الإسرائيلي”- الأميركي للضغط على الدولة اللبنانية وعلى المقاومة بإطالة الاحتلال، لتنفيذ أهداف سياسية محلية وإقليمية، وأثبت أبناء الجنوب أنهم يشكّلون نقطة التاثير الأقوى في مواجهة أي معادلة إقليمية ودولية، يمكن ان تُفرض عليهم..