اخبار دولية وعربيةاخبار محليةالعرض في السلايدرتقارير

قواعد أطلسية بدلاً من الروسية .. هدف الغرب الأول في سورية

 

شارل أبي نادر

لم يتأخر كثيرًا مسؤولو المفوضية الأوروبية والمتحدثون باسمها، عن الإعلان صراحة حول أحد أهم أهداف إستراتيجيتهم في سورية، حين ربطوا ( مباشرة أو مواربة) مساعدة الشعب السوري والمساهمة في إعادة إعمارها وإلغاء قوانين حصارها (قيصر وغيره) وشطب “هيئة تحرير الشام” مع النظام (بنفس القرار ربما يتم الشطب) عن لوائح الإرهاب، بشرط إنهاء الوجود العسكري الروسي في سورية وخاصة في قاعدتي حميميم الجوية وطرطوس البحرية.

طبعًا، لم يكن يومًا للأوروبيين سياسة خاصة أو إستراتيجية مستقلة عن الولايات المتحدة الأمريكية، والكثير من الملفات المستعرة على الساحة الدولية تدل وتؤكد على ذلك، مثل المواجهة العسكرية الروسية – الأطلسية في أوكرانيا مثلاً، أو مثل المواجهة الباردة في الشرق على أبواب الصين وكوريا الشمالية كمثل آخر، الأمر الذي يستنتج منه إطلاق إستراتيجية أطلسية جديدة في سورية، أحد أهم عناصرها: استبدال القواعد العسكرية الروسية بأخرى أطلسية، وانتزاع نقطة ارتكاز روسية أساسية على المياه الدافئة وفي شرق المتوسط، دائماً كان يراها “الناتو” موضع خطر ونقطة تأثير ونفوذ روسية مهمة، وكانت قد دفعت موسكو الكثير من الأموال والجهود والأرواح ربما من جنودها في سورية، للمحافظة عليها وتثبيتها.

بالعودة إلى مسار الحرب في سورية وعشرية النار، وبمعزل عن أخطاء نظام الرئيس بشار الأسد في استيعاب المطالب المحقة للثوار أو لاحقًا في تلقي وتفهم بعض نوافذ الحلول السياسية، ووصول الوضع إلى ما وصل إليه مؤخرًا وخسارته الحكم مع تداعيات سلبية عليه شخصيًا، من الواضح أنها لن تكون سهلة، فإن
الغرب لعب دورًا أساسيًا في تسعير الحرب في سورية، أولاً من خلال المساهمة الأمنية والإعلامية (اجتياز حدود وتحريض وما شابه) واللوجستية من أموال وأسلحة، في تأمين تدفق فوق الطبيعي لمسلحين إسلاميين من الغرب إلى الساحة السورية، وثانيًا في عرقلة سلوك التسويات والحلول السياسية بين المعارضة والنظام السوري، مباشرة أو عبر الأتراك، وكل ذلك بهدف إحراج الروس لإخراجهم، من خلال إظهار فشلهم في تثبيت النظام، ومن خلال إظهارهم داعمين أساسيين لنظام جائر، وعليه وَجب إنهاء وجودهم ونفوذهم في سورية، وبطلب مباشر من سلطات الحكم الجديد.

على المقلب الآخر، جاءت “إسرائيل”، وبمعزل أيضًا عن أطماعها الخاصة في سورية، وتحديدًا في مرتفعات الجنوب الغربي السوري الإستراتيجية (مرصد جبل الشيخ)، فقد ساهمت في تحقيق هذه الإستراتيجية الأطلسية من خلال تدمير قدرات الجيش السوري بطريقة شبه كاملة، أولاً بهدف إنهاء أية بنية عسكرية سورية ممكن أن تؤثر فيها أو تواجه أطماعها واعتداءاتها، والتي يبدو أنها لن تتوقف مستقبلاً، وثانيًا بهدف إظهار الحاجة لقوى خارجية تحمي سورية ومحيطها من تنظيم “داعش”، والذي ما زال ناشطًا بقوة في بعض مناطق البادية والشرق السوري، وعلى مرأى من الأميركيين الذين أثبتوا أنهم يملكون منظومة رصد وتحكم حاسمة لو أرادوا الاستفادة منها لإنهاء وجود “داعش”، حيث لم تشهد مناطق تمركز الأخير حتى الآن أي تحرك أو تدخل لملاحقة عناصره.

من هنا، وحيث تعلو مؤخراً الأصوات الغربية (الأميركية والأوروبية) للتحذير من خطر التنظيم الإرهابي ووجوب التحضير لمواجهته ،بدأ يكتمل السيناريو المخطط له:

فتكون القواعد الغربية الأطلسية هي المخولة في المستقبل القريب لاحتواء ومواجهة “داعش”، وفي غياب وحدات عسكرية رسمية سورية، تكفلت “إسرائيل” بإنهائها إلى الحد الأدنى، وبطلب من السلطات الجديدة في سورية، والتي أعلنت صراحة أنها منهكة القوى، ولن يكون بمقدورها خوض حرب ضد الاحتلال “الإسرائيلي”، ولتكون قد أعلنت أيضًا (ضمنيًا) أنها غير قادرة على محاربة “داعش”.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com