اخبار دولية وعربيةالعرض في السلايدرتقارير

تعثر الاتفاق بين “فتح” و”حماس” على إدارة غزة: تعقيدات سياسية وتداعيات مستقبلية

تواجه الجهود المبذولة لتشكيل لجنة إدارية لإدارة قطاع غزة بعد الحرب الإسرائيلية عقبات متزايدة، ما يهدد بنسف الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين حركتي “فتح” و”حماس”، ورغم التفاؤل الذي أبدته الحركتان عقب اجتماعات مكثفة في العاصمة المصرية القاهرة، عادت الخلافات لتطفو على السطح، لتعيد جهود الوساطة المصرية إلى المربع الأول، وسط واقع سياسي وأمني شديد التعقيد.

فبعد حالة التفاؤل التي صاحبت آخر لقاء جمع الحركتين في العاصمة المصرية القاهرة، حتى تدريجيًا بدأت تظهر الخلافات والعقبات الأمر الذي أعاد حالة التشاؤم مجددًا لملف إدارة غزة التي تتعرض لحرب إسرائيلية طاحنة ودامية مستمرة منذ أكثر من 430 يومًا.

لبنة الأزمة الأولى ظهرت حين بدأت قيادات فلسطينية بالتصريح حول الملف وعقبات وطرق إنجازه، وكيفية التعامل معه في ظل حالة الانقسام القائمة، وهو ما أجبر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية على عقد اجتماع طارئ لها في مدينة رام الله، للتباحث في ملف إدارة غزة، لكن، يبدو أن هذا الأمر بعيد المنال فهناك الكثير ممن يعارضون الفكرة.

وفي هذا الصدد، أكد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، رمزي رباح، رفض اللجنة لمقترح تشكيل لجنة الإسناد بغزة، وقال رباح في تصريح له: إن اجتماعًا عقد للجنة التنفيذية؛ “لم يشارك فيه”، حيث صوّت الأعضاء خلاله برفض تشكيل اللجنة.

وفي وقت سابق، أكدت حركة “حماس” موافقتها على المقترح المصري الرامي إلى تشكيل لجنة إسناد مجتمعي تقود الأوضاع في قطاع غزة، بانتظار موافقة حركة فتح، بعدما توجه وفد الحركة إلى رام الله وعرض المقترح على رئيس السلطة.

وطرح الجانب المصري على الفصائل الفلسطينية خلال الزيارة الأخيرة وثيقة تشكيل “لجنة الإسناد المجتمعي” لإدارة قطاع غزة بعد الحرب، واستنادًا إلى ما نشرته وسائل إعلام عربية، فإن اللجنة تتألف من 10 إلى 15 عضوًا، وتدير كل المجالات، بما في ذلك إعادة إعمار القطاع.

كما أعلن القيادي في حركة “فتح” عبد الله عبد الله، رفض حركته مقترح تشكيل “اللجنة المجتمعية لإسناد قطاع غزة”، وقال عبد الله عبد الله في تصريحٍ صحفي: إن حركته وبعد نقاشٍ عميق أبلغت مصر رسميًا، رفضها مقترح تشكيل لجنة الإسناد”، لأنه من وجهة نظرها يُكرس الانقسام بين شطري الوطن قطاع غزة والضفة الغربية، وفق وكالة “سند” للأنباء.

وجاء رفض “فتح” رغم مشاركة وفدها برئاسة عبد الله في اجتماعات مع حركة “حماس” في القاهرة الأسبوع الماضي نتج عنها الاتفاق على ورقة بتشكيل اللجنة، قبل أن تتراجع عنها.

وزعم عبد الله أنّ البديل يتمثل في أن تتولى منظمة التحرير الفلسطينية، المشهد والتحرك السياسي كاملًا؛ “ونحن كفلسطينيين نتفاهم على كل المصالح الداخلية”.

وقال “ليس بالضرورة أن يأخذ ضابط مخابرات الأبعاد السياسية التي تترتب على أي اقتراح، والجانب المصري سيتفهّم أسباب رفض فتح لمقترحها”، مشيرًا إلى أنّ حركته “لا تريد إغلاق قنوات الحوار مع حركة حماس، لكن التحرك الآن يجب أن تتولاه منظمة التحرير على غرار ما جرى في لبنان”، على حد قوله.

وعلى مدار ثلاثة أيام متتالية، عقدت الأسبوع الماضي اجتماعات فلسطينيّة ثنائيّة وثلاثيّة مع الجانب المصريّ، طرحت خلالها تفاصيل تشكيل لجنة تحمل اسم “لجنة الإسناد المجتمعيّ لقطاع غزة”، المعنيّة بإدارة القطاع في “اليوم التالي” لانتهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.

وعلى إثرها؛ انتشرت على وسائل إعلام عربية نسخة من وثيقة تشكيل “لجنة الإسناد المجتمعيّ” لإدارة قطاع غزة، وهي مكوّنة من صفحتين توضّح محددات تشكيل اللجنة، ومرجعيتها، ومهامّها وصلاحياتها، وهيكلها التنظيمي.

وجاء في الورقة أن مرجعية اللجنة الإدارية تابعة للحكومة الفلسطينية، وتتبع اللجنة النظام السياسي الفلسطيني الموحد، دون فصل غزة عن باقي الأراضي.

وتتشكل اللجنة من 10 إلى 15 عضوًا من الكفاءات الوطنية المستقلة.

وكان من المقرر أن يصدر الرئيس محمود عباس موقفًا حيال تشكيل اللجنة المجتمعية، وفق الوعود التي قدمتها “فتح” للجانب المصري وحركة “حماس” والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.

يُذكر أنّ حركة “حماس” أعلنت في بيان صدر عنها مساء الخميس الماضي، موافقتها على المقترح المقدم من في مصر حول تشكيل لجنة الإسناد المجتمعي عبر آليات وطنية جامعة، وذلك بعد لقاءات معمقة جرت مع حركة فتح في القاهرة.

من جانبه، قال الكاتب والمحلل الفلسطيني محمد القيق: إن الرئيس عباس قدم رفضه تشكيل لجنة “الإسناد المجتمعي” لإدارة غزة على طبق من ذهب للاحتلال، مضيفًا “عباس لم يصدر مرسوما بانتخابات وبحكومة وحدة وطنية منذ ال7 من أكتوبر، وبالتالي الفلسطيني يدفع أثماناً متمثلة بالإقصاء التنظيمي والفصائلي وثمن عدم تجديد الشرعية الفلسطينية، وهذا انعكس على غزة بمزيد من الدمار والاستفراد بها”.

وتابع المحلل السياسي “رفض عباس للجنة الإدارية لغزة يدل على أن الضفة الغربية سيضمها الإسرائيلي وعامل خطر كبير على غزة بحجة عدم وجود حكومة منتخبة فيها ولا يوجد فيها تجديد شرعية ولا برلمان ولا رئيس حكومة ولا رئيس دولة”.

وبين القيق أن “عباس يلعب في مرتكزات الشارع الفلسطيني والوحدة الفلسطينية ويجب على الجميع أن يوقف هذا التصرف لأن هذا التصرف يعني أن الضفة الغربية باتت في عداد الدولة الإسرائيلية، وغزة باتت ككيان معادٍ يريدها الإسرائيلي”.

وأوضح أن الموضوع ليس لجنة وأكبر من رفضه لتشكيلها، مضيفاً :” يجب أن يكون مرسوم انتخابات عاجل للفلسطينيين أمام المجتمع الدولي لتجديد الشرعية وحفظ الحقوق الفلسطينية”.

تشير المعطيات إلى أن الأزمة تتجاوز مجرد تشكيل لجنة إدارية لإدارة غزة، إذ يعكس هذا التعثر التوترات العميقة بين “فتح” و”حماس”، والتحديات التي تواجههما في بناء رؤية مشتركة لمستقبل القطاع، كما أن استمرار حالة الانقسام يصب في مصلحة الاحتلال الإسرائيلي الذي يستغل هذه الانقسامات لتوسيع سيطرته على الضفة الغربية ومضاعفة الحصار على غزة.

في ظل هذه التطورات، تبدو القضية الفلسطينية بحاجة ماسة إلى إرادة سياسية جادة تتجاوز الحسابات الفئوية الضيقة، وإن نجاح الجهود المصرية مرهون بتقديم الأطراف الفلسطينية تنازلات حقيقية تُعلي المصلحة الوطنية، ويبقى السؤال مفتوحًا: هل ستنجح الحركتان في تجاوز خلافاتهما، أم إن استمرار الانقسام سيبقي الفلسطينيين رهينة لمآسي الحصار والاحتلال؟

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com