اخبار دولية وعربيةالعرض في السلايدرتقارير

نصرك هز الدنيا.. ولو بغيابك يا نصر الله

علي الدرواني

مع دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ صباح اليوم، عاد أهالي الضاحية والبقاع والمناطق الجنوبية اللبنانية إلى قراهم ومدنهم التي نزحوا منها بفعل العدوان الصهيوني، رافعين شارات النصر، وصور الشهيد الأسمى، الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصر الله.

كانت تلك العودة السريعة، والتي لم تنتظر تعليمات السلطات اللبنانية الأمنية والعسكرية، ولم تخش ما تبقى من جنود العدو “الإسرائيلي” في مناطق التوغل الفاشل في الحافة الجنوبية، كانت العودة مؤشراً على نصر إلهي جديد يتكرر في لبنان، لكن ينقصه غياب السيد نصر الله.

عندما تستمع لأبناء مجتمع المقاومة في لبنان، تشعر معهم بفرحة عارمة بالنصر، مشوبة بغصة فقدان الأغلى على قلوبهم وقلوبنا وقلوب المؤمنين بالجهاد ومقاومة العدو “الإسرائيلي”، ولا عزاء في ذلك إلا أن دماءً طاهرة كتبت نصراً إلهياً جديداً في لبنان.

ما رأيناه وسمعناه من أهلنا في لبنان، هو أن روح الشهيد الأسمى، ترافق المنتصرين، سواء من المجاهدين الأبطال الذين ثبتوا في الثغور اللبنانية، أو أولئك الأهالي الذين صمدوا خلال النزوح، متحملين أعباء وآلام ترك المنازل والضيع والقرى، كانت روحه بادية، تحدثهم بالنصر، وتعدهم بوعد الله الذي لا يخلف الميعاد، فالنصر صبر وثبات، وهم أهله. كلماته التي لا يزال صداها يتردد، عن أشرف الناس وأعز الناس، ها هي تسمع اليوم، تختلج في الصدور، لتصل إلى المآقي قطرات من الدمع، وفي الحلوق بنوع من الحشرجة الممزوجة بلوعة الفقد، وتوقد الشوق.

إن ثبات المجاهدين وحاضنتهم وأهلهم، في الميدان والنزوح، والموقف والمبدأ، كما لو أن نصر الله السيد الأسمى، حاضر بينهم، بصوته وكلماته، بتحريضه وتطمينه، كل ذلك الثبات كان أهم عوامل الانتصار، فجبهة البيئة الحاضنة جبهة متقدمة، صبراً وشموخاً، صنعت النصر وشكلت ركناً وركيزة أساسية فيه، ولهذا نراهم يعودون رافعي رؤوسهم، شامخين بأنوفهم، على وجوههم بسمة النصر، وفي محياهم دمعة الفراق لصانع زمن الانتصارات.

إن جنوح العدو “الإسرائيلي” للقبول بوقف إطلاق النار في وقت كان ينتظر ترامب الذي يمكن أن يكون أكثر تشدداً في دعم العدو ومشاريعه التدميرية والتوسعية في فلسطين ولبنان، مضافاً إليها أوهام “الشرق الأوسط الجديد” التي عاد نتنياهو لترديدها، وهو يعلن قبول كيانه بوقف إطلاق النار، هذا الجنوح هو أكبر دليل على أن الكيان مني بهزيمة منكرة لا تغطيها أي إنجازات تكتيكية باغتيال القادة أو بتدمير القرى والمدن وصولاً إلى الضاحية.

مراوحة العدو “الإسرائيلي” بجيشه قرابة الشهرين في الحافة الجنوبية، وهو الجيش المدجج بأعتى عتاد قتالي، وأحدث معدات حربية، وأرقى تكنولوجيا عسكرية، دون القدرة على التثبيت في أي نقطة أو قرية أو ضيعة لبنانية وصلت إليها آلياته أو جنوده، رغم الغطاء الناري الجوي الكثيف، والتحليق المستمر بأنواع الطائرات، هي التي فرضت على نتنياهو أن يقبل بوقف إطلاق النار، مضافاً إليها، تلك الصواريخ والمسيرات التي دكت عمق الكيان وأغلب قواعده العسكرية في الشمال والوسط والشريط الساحلي لفلسطين المحتلة.

لو كان العدو قادراً على فعل المزيد غير القتل والتدمير، لما تردد في رفض أي صيغة لوقف إطلاق النار، مستنداً إلى أكبر إنجاز عسكري وأمني حققه ضد حزب الله، باغتيال أمينه العام، إلا أن تعافي المقاومة خلال عشرة أيام فقط، وعودة القيادة إلى العمل بكامل القدرة والكفاءة وبذات الخطط التي وضعها الشهيد الأسمى السيد نصر الله، أعاق العدو، وجعله يفضل الاتفاق على المضي في حرب خاسرة.

ما قاله نتنياهو عن إعادة تأهيل جيشه، هو سبب جوهري للقبول بوقف إطلاق النار، وما أكثر التقارير العبرية التي أكدت أن الجيش الصهيوني أصبح في حالة إنهاك، ومحاولات التجنيد من “الحريديم” وتغيير قوانين التجنيد وتخفيض السن المطلوبة، كلها كانت مؤشرات على أن جيش العدو في أسوأ حالاته، وعلى نتنياهو أن يبادر لإنقاذه من الانهيار التام، ولهذا رأينا إجماع المؤسسة الأمنية والعسكرية بالموافقة على هذه الصفقة.

عوداً على بدء، فإن صورة الانتصار الواضحة على جانبي الحدود، بالتحديد في الجانب اللبناني منها، رسمتها عودة أهالينا إلى قراهم وضيعهم والوقوف على أطلال وركام منازلهم، رسمها ازدحام طرقات الجنوب، رغم محاولات العدو “الإسرائيلي” إطلاق أعيرة نارية في الهواء لإخافتهم من العودة، لكنهم عادوا، يحملون رايات حزب الله المنصور، وصور الشهداء القادة، وفي مقدمتهم الشهيد السيد نصر الله رضوان الله عليه.

أما الجانب الآخر من الحدود، في الشمال الفلسطيني المحتل، فلم يعد حتى اللحظة أي مستوطن، بل هناك تعليمات من السلطات الصهيونية تطلب منهم عدم العودة إلى المستوطنات الشمالية المدمرة.

علاوة على هذا، فإنه صورة نصر لبناني كبيرة، وهزيمة “إسرائيلية” واضحة، فهو دليل على أن أهل الأرض يعودون إليها في كل الأحوال، يرون فيها زهرة حياتهم، هم الذين يصنعون فيها الأمن، ويجدون في كل تفاصيلها الرفاه، أما أولئك المغتصبون الصهاينة، فلا يرون الأرض التي لا يمتلكون أي شبر منها تستحق حتى مجرد العيش فيها إن لم توفر لهم الأمن والرفاه، ويفضلون البقاء في فنادق النزوح في “تل أبيب” و”إيلات”، على العودة إليها.

 

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com