كيف حدد الأمين العام ملامح الحرب والمفاوضات في وقت واحد
21 سبتمبر
قبل أن يغادر المبعوث الأميركي العاصمة اللبنانية، كانت احاطة الأمين العام لحزب الله كفيلة برسم ملامح المرحلة المقبلة، فيما ترك قرار الحرب إلى رئيس وزراء الاحتلال، اذا ما قرر رفض مقترح وقف إطلاق النار مؤكداً على أن “الحزب مستعد لحرب طويلة” ولديه من القدرات ما يكفي لذلك.
كان تشديد الشيخ قاسم على القدرة التي لا يزال يمتلكها الحزب رغم كل ما حل به، “وهو لو أصاب جيشاً أو دولة” لانهارت، النقطة الجوهرية التي ترتكز عليها المرحلة المقبلة. اذ أنها في سياق الشق العسكري تعني الجهوزية “لحرب استنزاف” الكيان لمدة طويلة، وفي سياق الجهود التفاوضية تعطي دفعاً لرئيس مجلس النواب للاصرار على الشروط من موقع قوة.
وأشار الشيخ قاسم إلى أن الحزب استلم المقترح الأميركي بشأن وقف إطلاق النار، والذي قدم ملاحظاته عليه، مع وجود تطابق بين ملاحظات لبنان الرسمي كدولة ذات سيادة وتلك التي قدمها الحزب، مؤكداً مرة أخرى على أن “التفاوض يتم تحت سقفين رئيسيين: الأول هو وقف العدوان بشكل كامل وشامل، والثاني ضمان الحفاظ على السيادة اللبنانية”.
في المحور الثالث من الكلمة، قدم الشيخ قاسم رؤية الحزب وخارطة الطريق لمرحلة ما بعد الحرب، موضحا مواقفه من خلال 3 خطوط رئيسية:
-استمرار حزب الله في تبني موقفه السابق قبل الحرب وهو المقاومة، مبدياً قبول الحزب “بالنزال الناري” الذي يسعى إليه كيان الاحتلال من أجل تطبيق استراتيجية التفاوض تحت النار.
-التأكيد والتذكير على ثلاثية “الجيش، الشعب، المقاومة”، مع الإشارة إلى أن الحزب معني بتسهيل انتخاب رئيس جمهورية ضمن الأطر الدستورية وتحت سقف اتفاق الطائف، اذ يعتبر عقداً سياسياً وطنياً جامعاً متفق عليه من مختلف الأطراف، وقطع الطريق أمام أي استثمار سياسي في الداخل، وتأكيد التزام الحزب بسيادة منطق الدولة كما كان منذ تأسيسه.
-التزام الحزب بالمشاركة في إعادة الإعمار.
من بين أهم التمريرات في الخطاب قوله “أننا ساندنا غزة 11 شهراً” في اشارة إلى أن جبهة الاسناد انقلبت حرباً وعليه فإن مساعي وقف إطلاق النار بشكل منفصل عن ربط الجبهة مع غزة هو أمر منطقي مبرر، اذ أن لكل واقع حسابات مختلفة تفرضها المتغيرات السياسية والميدانية.
كما أعاد الشيخ قاسم رسم ملامح المرحلة المقبلة عسكرياً وسياسياً كمسارين متلازمين. الأول بالاشارة إلى أن استهداف العاصمة بيروت سيقابله استهداف تل أبيب، وسيتبعه اعادة رسم معادلات أخرى تتعلق ببقية المناطق بالنسبة للعمق الجغرافي ورمزية كل منطقة، تماماً كما كان الوضع قائماً منذ حرب تموز عام 2006. ويدلل هذا الأمر من ناحية أخرى على أن الحزب استعادة عافيته بشكل كامل وانتقل من مرحلة “نفض الغبار”وترميم بيته الداخلي بعد الاغتيالات التي طالت كبار قادته، إلى مرحلة “رسم المعادلات” وفرض الشروط.
من ناحية أخرى، قدم الشيخ قاسم احاطة عن طريقة عمل المقاومة على الحافة الأمامية والصمود النوعي للمقاتلين على الرغم من الطلعات الجوية المكثفة لطائرات التجسس والقصف العنيف الذي يطال مختلف القرى الجنوبية وبشكل مستمر. موضحاً أن المقاومة باتت تعتمد أساليب مختلفة تضمن الليونة في اتخاذ القرارات السريعة بما يتطلبه الميدان. مشيراً إلى أسلوب الدفاع المتحرك عوضاً عن الدفاعات الثابتة التقليدية. مبيّناً نجاح الحزب خلال الشهرين الماضيين في احباط محاولات احتلال أي قرية من قرى الجنوب، او تحقيق أي انجاز ميداني. ولفت في السياق نفسه إلى استمرار إطلاق الصواريخ والتصدي لمحاولات التوغل في مناطق مثل الخيام، وشمع، وأطراف بنت جبيل، على الرغم من التفوق الجوي الذي يمتلكه جيش الاحتلال.