اخبار محليةالعرض في السلايدرتقارير

مفهوم التضحية ومكانة الشهداء في الإسلام

21 سبتمبر || تقرير:

تعتبر الشهادة في سبيل الله من أعظم وأرفع مراتب الإيمان، إذ تمثل قمة التضحية بالنفس في سبيل الحق وإعلاء كلمة الله، وتكمن قيمتها في كونها وسيلة لبلوغ الخلود في الجنة ونيل رضوان الله في الآخرة والدفاع عن المستضعفين وحماية الأمة في الدنيا.

الشهادة ليست مجرد انتقال من الحياة الدنيوية إلى الآخرة، بل هي تحول الشهيد إلى نور مشع، يحمل في معانيه القوة والإيمان للأمة بأكملها، ومصدرٌ للعزيمة والثبات للأجيال القادمة.

في هذا التقرير نسلط الضوء على مفهوم الشهادة وفق التوجيهات القرآنية، ويتناول مكانة الشهداء في الإسلام، ودروس العطاء التي يتركها الشهداء لأمتهم..

أهمية الذكرى السنوية للشهيد

الذكرى السنوية للشهيد مناسبةٌ في غاية الأهمية؛ لأنها من المحطات المهمة التي نتزود فيها المزيد من العزم، وقوة الإرادة، والاستعداد للتضحية، ونستذكر فيها قداسة القضية التي ضحى في إطارها الشهداء، كما أنَّ لها أهميةً كبيرة في ما يتعلق باستذكارهم، والاستفادة من سِيَرهم، من أخبارهم، من جهادهم، من تضحيتهم، من أخبارهم، التي هي كلها دورس مهمة ومفيدة، ولا سيما أنَّ منهم الكثير ممن هم على مستوىً عظيم من الإيمان، والوعي، والبصيرة، والالتزام الأخلاقي والإيماني في كل المراحل الماضية.

ثم -أيضًا- ما يستفاد منه في هذه المناسبة بلفت الانتباه بشكلٍ أكثر إلى المسؤولية التي تقع على عاتق الجميع: المجتمع والدولة، تجاه أسر الشهداء، و -أيضًا- ترسيخ مفهوم الشهادة في سبيل الله وفق التقديم القرآني المبارك والعظيم.

في ظل هذه الظروف التي تعيشها أمتنا بشكلٍ عام، والظروف التي يعيشها شعبنا اليمني  على وجه الخصوص، نرى الحاجة الملحة لمناسبةٍ كهذه فيما تقدمه لنا -أيضًا- على مستوى إبراز المظلومية، وإظهار حجم ومستوى هذه المظلومية من جانب، وإبراز وإظهار مستوى الصمود، والثبات، وقوة الإرادة، والاستعداد العالي للتضحية، وما يشهد على الإباء والعزة والثبات… إلى غير ذلك.

مفهوم الشهادة ومكانتها في الإسلام (تعريف الشهادة)

الشهادة في الإسلام هي تضحية واعية بالنفس وبالمال في سبيل الله، وفي سبيل نصرة الحق الذي أمر به، استجابةً للتوجيهات الإلهية التي تحث على مقارعة الظلم والفساد . هذا التعريف يضع شرطين أساسيين ليكون القتل في سبيل الله شهادة:

الأول: أن تكون الغاية هي نصرة الموقف الحق، وفي إطار القضية العادلة التي ترتبط بتعاليم الإسلام.

الثاني: أن تكون التضحية خالصةً لوجه الله، بعيدًا عن المصالح الشخصية.

وليس ظالمًا، ولا باغيًا، ولا مجرمًا، ولا خائنًا، ولا عميلًا لأعداء الإسلام.

الإنسان إذا اتجه على هذا الأساس الصحيح، واجتمعت هذه الأركان؛ يعتبر شهيدًا في سبيل الله، وقُتِل في سبيل الله “سبحانه وتعالى”، وهذا يعتبر فوزًا عظيمًا.

 مكانة الشهداء في القرآن الكريم

الله “سبحانه وتعالى” منح الشهداء -في سبيله- امتيازًا عظيمًا، بحيث تكون شهادتهم عبارةً عن انتقالٍ من هذه الحياة، إلى حياةٍ يعيشون فيها حياةً حقيقيةً بكل مشاعرهم، ويعيشون فيها في ضيافة الله “سبحانه وتعالى”، وبتكريمٍ كبيرٍ من الله “سبحانه وتعالى”، كما قال “جلَّ شأنه” في القرآن الكريم في سورة آل عمران: “وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ” (آل عمران: 169) يبين الله “سبحانه وتعالى” هذه الدرجة العالية، هذه المرتبة العظيمة، هذا الشأن الكبير، هذه الكرامة العظيمة جدًّا التي يمنحها للشهداء، فهم عندما ضحوا بحياتهم في سبيل الله “سبحانه وتعالى” لم يخسروا، ولم يتجهوا في عداد الأموات، فيبقون في حالة موتٍ إلى يوم القيامة؛ إنما أكرمهم الله “سبحانه وتعالى” بأن نقلهم إلى حياةٍ هي أفضل من هذه الحياة في هذه الدنيا، أسعد من هذه الحياة، أهنأ من هذه الحياة، حياة في كرامة وفي رعاية إلهية خاصة، وفي ضيافة الله “سبحانه وتعالى”، وحياة خلُصت من كل كدر، من كل الشوائب، من كل الأحزان، من كل الهموم، من كل المعاناة، حياة سعيدة على أرقى مستوى، فهم كما قال عنهم: {بَلْ أَحْيَاءٌ}، ومعنى هذا: أنها حياة حقيقية بكامل مشاعرهم ووعيهم.

{عِنْدَ رَبِّهِمْ}،  في ضيافة الله “سبحانه وتعالى” يحظون بتكريمٍ خاص، وبرعايةٍ خاصة، وبضيافةٍ كريمة عند الله “سبحانه وتعالى”، تفوق كل مستوى من الخيال يمكن أن نتخيله عن مستوى التكريم، والرعاية، والرحمة، والفضل، وعلو الدرجات، والمرتبة الرفيعة، والرعاية العجيبة.

{يُرْزَقُونَ}، يعيشون حياة لهم فيها رزق، ورزق مستمر من الله “سبحانه وتعالى”، ورزق كريم يلائم طبيعة تلك الحياة التي لا نعرف التفاصيل الدقيقة جدًّا عنها، ولكنها مؤكَّدة.

ثم يقول: {فَرِحِينَ}، هم في حالة حياة طيبة، ورزق مستمر، لن يكون عندهم أي أزمة اقتصادية، ولا ظروف صعبة، ولا معاناة بشكلها المادي والمعيشي، كل هذا انتهى، وليس عندهم أي همّ تجاه الرزق والحياة المعيشية التي هم فيها بطبيعة وظروف تلك الحياة التي قد تختلف عن طبيعة وظروف هذه الحياة في الدنيا هنا على الأرض.

{بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ}، في ظل عطاء الله المتجدد والمستمر والكريم والعجيب يُفرِحُهم بشكلٍ مستمر، ليست حالات نادرة, حياة الدنيوية بل تتجاوزها عظمةً وخلودًا، فهم ينتقلون إلى حياة حقيقية بكرامة إلهية كاملة، حيث ينعمون برزق الله ويعيشون في ضيافته.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com