الهجوم البري: احد خيارات المقاومة الاستراتيجية المطروحة
21 سبتمبر
لا يزال هناك العديد من أوراق القوة الاستراتيجية، التي لم تستخدمها المقاومة الإسلامية في لبنان – حزب الله، والتي تمكنها من توجيه ضربة قاسية للكيان المؤقت، ومن أبرز هذه الأوراق: الهجوم البري المضاد على الجليل ومنطقة شمالي فلسطين المحتلة.
فحزب الله منذ ما بعد حرب تموز / يوليو 2006، وتحديداً في مهرجان الذكرى السنوية الأولى للنصر الإلهي، وضع هذا الخيار على طاولة القرار، حينما هدد الأمين العام لحزب الله السيد الشهيد حسن نصر الله بالمفاجأة الكبرى التي يمكن أن تغير وجه المنطقة، كردٍ على أي حرب إسرائيلية. ثم فسّر خلال الأعوام اللاحقة هذا الخيار، بإمكانية طلب قيادة المقاومة من مجاهديها السيطرة على الجليل.
وقد فعّلت قيادة الحزب العسكرية، برامج بناء القوة التي تؤمن تنفيذ هذا الخيار. حتى بات من المتداول لدى الجميع، بمن فيهم الإسرائيليين، أن وحدة رضوان الخاصة النخبوية، بقيادة الشهيد إبراهيم عقيل “الحاج عبد القادر”، هي التي ستكون القوة المنفّذة لهذا الخيار. وقد أقرّت المقاومة بشكل غير مباشر بصحة هذا الأمر، عندما نفّذت وحدة رضوان مناورة “سنعبر” في أيار / مايو 2023، أي قبل أشهر فقط من معركة طوفان الأقصى، التي خلطت كل الأوراق على صعيد مواجهة حزب الله لإسرائيل، بل على صعيد المنطقة والعالم أيضاً.
وعليه، وبعد إعلان المقاومة الإسلامية في لبنان، عبر أمينها العام الشيخ نعيم قاسم، عن بدء معركة “أولي بأس”، رداً على العدوان الإسرائيلي الأمريكي الوحشي على لبنان، وجهوزيتها واستعدادها لكمل السيناريوهات، وامتلاكها للكثير من المفاجآت والقدرات، فإن كل ذلك يوحي بأن الهجوم البري هو من بين سيناريوهات هذه المعركة، وفقاً لما تراه مناسباً قيادة الحزب.
فما هي استراتيجية حزب الله في الهجوم البري وما هي تكتيكاته المحتملة؟
من الأهداف الاستراتيجية لحزب الله في الهجوم البري:
1)اختراق “الدفاعات الإسرائيلية” لتقويض الروح المعنوية في الكيان، من خلال إظهار أن عملية طوفان الأقصى قابلة للتكرار، بالرغم من حروب إسرائيل ضد قطاع غزة وجنوب لبنان.
2)السيطرة على مواقع ومنشآت عسكرية، وخاصة بالقرب من الحدود الفلسطينية اللبنانية، لتحدي القدرات العسكرية الإسرائيلية وتحقيق انتصارات معنوية كبيرة.
3)إلحاق أكبر عدد ممكن من الخسائر المادية والبشرية في صفوف جيش الاحتلال الإسرائيلي، لإضعاف عزيمة إسرائيل وكسر عنجهيتها، أو كما عبّر الشيخ قاسم في خطابه الأول كأمين عام للحزب: “إعادتها الى الحظيرة”.
أمّا على صعيد التكتيكات المحتملة للهجوم البري، فإنه من المرجّح استخدام الحزب لمزيج من الأساليب التقليدية وغير التقليدية، والاستفادة من خبرته في حرب العصابات واستخدام الأسلحة المتقدمة. وفيما يلي أبرز هذه التكتيكات التي قد يستخدمها حزب الله:
_الخروقات الحدودية والغارات المنسقة: من خلال اختراق الحدود الفلسطينية اللبنانية عند نقاط متعددة، وخاصة حيث تكون الدفاعات أضعف. باستخدام وحدات الهندسة المتخصصة والمتفجرات الثقيلة، التي يمكنها استهداف الأسوار والجدران ومواقع المراقبة، ومن ثم القيام بهجوم منسق متعدد الأطراف يتضمن مجموعات صغيرة متحركة، من أجل خلق حالة من الارتباك لدى القوات الإسرائيلية (بطريقة شبيهة بما حصل خلال 72 من عملية طوفان الأقصى). وهنا لا بد الإشارة إلى أنه جرى تدريب مقاومي الحزب على التسلل السريع، خاصةً خلال حرب الدفاع المقدّس عن سوريا، واستطاعوا تحقيق إنجازات باهرة. هذا الأمر إذا ما أضفناه لمعرفتهم العميقة بالتضاريس في جنوب لبنان وشمالي فلسطين المحتلة، من شأنه أن يمنحهم ميزة تكتيكية كبيرة.
_استخدام الأنفاق والشبكات تحت الأرض: فبالرغم من مزاعم الاحتلال عن تمكنه من ضرب البنية التحتية للحزب في قرى الحافة الأمامية، إلا أنه من المرجّح جداً أن يكون لا يزال لدى الحزب شبكة أنفاق متطورة على طول الحدود، لم تستطع إسرائيل تدميرها. وتسمح هذه الأنفاق للمقاومين بتجاوز الدفاعات الإسرائيلية، بما يمكن المقاومة من نقل الأفراد والمعدات سراً وشن هجمات مفاجئة في عمق الأراضي الفلسطينية المحتلة. وقد يؤدي التسلل من مواقع مخفية إلى تعطيل خطوط الإمداد والاتصالات الخاصة بجيش الاحتلال الإسرائيلي.
_نشر قوات النخبة وحدة رضوان: يمكن تكليف هذه الوحدة للقيام بهجمات ضد أهداف ذات أولوية عالية، مثل السيطرة على منشآت حيوية في الكيان، او على منشآت عسكرية إسرائيلية، أو القيام بعمليات أسر للجنود، أو اقتحام بعض المستوطنات.
_استخدام الهجمات الصاروخية كوسيلة تحويل تكتيكية: يمكن لحزب الله تنفيذ هجمات صاروخية ضخمة تستهدف المستوطنات والأهداف العسكرية الإسرائيلية، والتي من شأنها أن تشغل موارد جيش الاحتلال الإسرائيلي.
_استخدام الصواريخ الموجهة المضادة للدروع والطائرات بدون طيار: بإمكان المقاومين استخدام الترسانة الضخمة من الصواريخ الموجهة المضادة للدروع بكثافة، لاستهداف التحشدات وقوافل وآليات جيش الاحتلال الإسرائيلي، وخاصة حول الحدود وفي المستوطنات القريبة.
بالإضافة إلى ذلك، يمن استخدام الطائرات بدون طيار، بكافة أنواعها. بحيث تقوم الطائرات الانقضاضية باستهداف المواقع الإسرائيلية أو مراكز القيادة أو بطاريات المدفعية، بالتزامن مع قيام طائرات المراقبة بدون طيار بتأمين المعلومات الاستخباراتية في الوقت الحقيقي إلى قادة حزب الله الميدانيين، مما يحسن قدرتهم على التكيف مع التدابير المضادة الإسرائيلية بسرعة.