اخبار دولية وعربيةاخبار محليةالعرض في السلايدرمقالات

السيد كما عرفته

جمال واكيم

في العام 1992 تعرفنا لأول مرة على الشاب المعمم السيد حسن نصر الله. بعد ظهوره لأول مرة على شاشة التلفزيون متحدثاً إلى الجمهور بصفته أميناً عاماً لحزب الله. كان السيد نصر الله شاباً في الثانية والثلاثين من العمر وقد اختير للتو أميناً عاماً للحزب خلفاً للسيد عباس الموسوي الذي كان قد اغتيل برفقة زوجته وابنه على يد جيش الاحتلال الصهيوني. وكان العدو يعتقد أنه باغتياله للسيد عباس يوجه ضربة قاصمة للحزب الذي كان آنذاك لا يزال في بداياته.

كان على السيد الشاب حسن نصر الله أن يثبت جدارته بالقيادة، وفاءً لأستاذه الذي تتملذ على يده وهو السيد عباس. وعلى مدى عقد التسعينيات واجه حزب الله بقيادة السيد نصر الله تحديات جسام تمثلت باضطراره لمواجهة دولة لبنانية في غالبية نخبها معادية له، عدا عن مواجهته لفريق سوري يتمثل بعبد الحليم خدام وغازي كنعان يكن له العداء. كذلك فإنه كان على الحزب مواجهة عدوانين كبيرين على لبنان في العام 1993 و1996 واللذين كان له النصر فيهما على الرغم من أن قوته آنذاك لم تكن لتقاس أبداً بقوة العدو.

وبنتيجة إصرار الحزب على خيار المقاومة كان للبنان أن يحرر أراضيه من الاحتلال الإسرائيلي في العام 2000، وكانت هذه هي المرة الأولى التي تتحرر فيه أرض عربية من إسرائيل دون قيد أو شرط. وفي العام 2005 صدر القرار 1559، وكان ذلك مقدمة لأحداث انقلاب في لبنان أدى إلى إخراج سورية وبدأ يعد العدة لضرب المقاومة تمهيداً لوضع لبنان تحت المظلة الأميركية. ولأن القوى اللبنانية المرتبطة بالولايات المتحدة لم تستطع أداء المهمة الموكلة إليها كان أن شنت “إسرائيل” عدواناً كبيراً على لبنان في صيف العام 2006. لكن المقاومة بقيادة السيد نصر الله حققت مفاجآت أدت إلى تحقيق النصر الإلهي الذي أدى بدوره إلى فشل العدوان ونتائجه وإلى هزيمة “إسرائيل”.

بعد ذلك، كان على حزب الله بقيادة السيد نصر الله أن يواجه مؤامرة صهيونية على المنطقة تمثلت بالحرب على سورية، فكان تدخله فيها ضد القوى المدعومة من الولايات المتحدة و”إسرائيل”.

ومع حلول العام 2023 كانت الولايات المتحدة و”إسرائيل” تخططان لإقامة نظام إقليمي تحت الهيمنة “الإسرائيلية” يكون أحد بنوده تهويد فلسطين المحتلة وطرد الشعب الفلسطيني من أرضه وضرب المقاومة في غزة والضفة ولبنان. هذا يفسر الحرب التي اندلعت عقب عملية طوفان الأقصى والمتواصلة حتى يومنا هذا.

كان السيد نصر الله، بمبدئيته المعروف بها مضطراً لإسناد غزة وعدم تركها وحيدة على الرغم من تقديره للتضحيات التي سيتكبدها الحزب، كما أنه برؤيته السياسية التي يتميز بها كان يعرف أن المعركة في غزة هي مقدمة لتطبيق مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي من شأنه تدمير المنطقة العربية برمتها.

هذا ما دفع بالسيد نصر الله للانخراط بالمعركة منذ بدايتها، وهذا ما جعله يرفض تحييد نفسه وحزبه عن المعركة مع معرفته بالمخاطر التي كانت تتهدد اللبنانيين وبيئة المقاومة وحزب الله وهو شخصياً. فكانت شهادته ثمناً يدفعه السيد نتيجة مبدئيته، إلا أن ما عول عليه العدو من أن يؤدي استشهاده إلى انهيار الحزب لم يحصل، فإذا بشباب المقاومة يصمدون وينتصرون في الميدان مانعين العدو من التغلغل في الأراضي اللبنانية ومكبدينه خسائر جسيمة.

لقد كان السيد نصر الله أميناً على قضيته وعلى الوصية التي تركها له مثاله الأعلى السيد عباس بحفظ المقاومة، لذا فهو عمل على تربية جيل كامل من المقاومين ليحمل من بعده الرسالة، وما الإنجازات التي يسطرها هؤلاء في الميدان إلا تطبيق لتعاليم السيد الذي نجد بصماته في كل إنجاز وفي كل انتصار.

 

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com