إسرائيل تستكمل حربها على «الأونروا»: فلْيُشطب حقّ العودة
21 سبتمبر
مستظّلة بالدعم الأميركي والغربي اللامتناهي، اختارت إسرائيل استهلال دورة البرلمان الشتوية بإقرار قانون نهائي حظرت بموجبه نشاط «وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين» (الأونروا) داخل إسرائيل، وقانون آخر يحظر التواصل مع الوكالة. وبدا القرار الآنف متماهياً إلى حدّ كبير مع العدوان المتواصل على قطاع غزة، واستعدادات حكومة اليمين المتطرّف لاستكمال مخطّطات الحسم والضمّ في الضفة الغربية.
وشكّلت «الأونروا»، منذ بداية الحرب قبل أكثر من عام، هدفاً في إطار المزاعم التي روّجتها إسرائيل حولها، من قَبيل مشاركة عدد من موظفيها في عملية السابع من أكتوبر، وغيرها من التصنيفات الساعية لتصفيتها، كونها تمثّل الإطار الأممي والقانوني لقضيّة اللاجئين الفلسطينيين، وحق العودة. ومنذ بداية العدوان، وضع كيان الاحتلال الوكالة الأممية ومختلف مؤسّساتها في مرمى نيرانه؛ فارتكب أبشع المجازر في مدارس «الأونروا»، والتي شكّلت ملاذاً لآلاف النازحين، إلى جانب رفضه أداءها أيّ دور في في تقديم المساعدات الغذائية أو الطبية للنازحين الغزيّين.
وحظي قانون حظر «الأونروا» وأنشطتها بتأييد 92 عضو «كنيست»، هم الذين نادوا، منذ اليوم الأول للعدوان على غزة، بارتكاب جرائم محو وإبادة كاملة، وقطع المياه والكهرباء والغذاء عن سكان القطاع، بل إن بعضهم دعا إلى قصف غزة بقنابل نووية. وممّا جاء في إطار مقترح مشروع القانون، أنه «حتى قبل أحداث السابع من أكتوبر، وردت تقارير في وسائل الإعلام، مفادها بأن أنشطة الأونروا تُستخدَم كغطاء للأعمال الإرهابية. بالإضافة إلى ذلك، تم إجراء دراسات وعرضها على اللجنة، تشير إلى أن نشاط الأونروا يشجّع ويديم استمرار الصراع مع دولة إسرائيل، ولا سيما من خلال نظام التعليم التابع لها». ومن شأن القانون المذكور أن يعمّق من معاناة الفلسطينيين، وخصوصاً في قطاع غزة، علماً أنه يشكّل سابقة خطيرة ويعارض ميثاق الأمم المتحدة، وينتهك التزامات إسرائيل بموجب القانون الدولي، ويهدف إلى المسّ بوضع اللاجئين المحمي من الأمم المتحدة. كما أنه يهدّد حياة أكثر من مليونَي إنسان في غزة، كونه يقطع شريان الحياة الحيوي الذي توفّره الوكالة للاجئين الفلسطينيين في كل من القطاع والضفة وشرق القدس المحتلة، فضلاً عن أنه يتعارض مع التدابير المؤقتة التي أعلنتها «محكمة العدل الدولية» في قضيّة الإبادة الجماعية.
قالت السلطة الفلسطينية إن القرار يهدف إلى تصفية قضية اللاجئين وحقّ العودة والتعويض
وليست مصادفة أن يفتتح «الكنيست» دورته البرلمانية بقرار حظر «الأونروا»، والذي يتزامن إقراره مع التصعيد الكبير في حرب الإبادة والمجازر التي ترتكبها قوات الاحتلال، وتحديداً في شمال قطاع غزة، في إطار ما يُسمّى «خطة الجنرالات» الرامية إلى إخلاء الشمال من سكّانه، وهو ما يتمظهر في الاستهداف المتعمّد لمراكز الإيواء والمستشفيات والمقارّ الخدمية والمربعات السكانية، على غرار ما جرى، فجر أمس، في بيت لاهيا. وتهدف «خطة الجنرالات» إلى تحويل كامل المنطقة الواقعة شمال ممرّ «نتساريم»، أي محافظتَي غزة والشمال، إلى منطقة عسكرية مغلقة، وإجلاء السكان خلال أسابيع قليلة، وفرض حصار على المنطقة، وقطع المساعدات الإنسانية عن مئات آلاف الفلسطينيين، ومنعهم من الحصول على الطعام والشراب، واعتبار مَن سيبقى منهم مقاتلين.
ولقي القرار إدانة الفصائل والأحزاب الفلسطينية، فيما اعتبرت السلطة الفلسطينية أنه يهدف إلى تصفية قضية اللاجئين، وحقّهم في العودة والتعويض، وهو ما «لن نسمح به»، مؤكدةً أن هذه الخطوة «ليست فقط ضد اللاجئين، وإنّما ضد الأمم المتحدة والعالم الذي اتّخذ قراراً بتشكيل الأونروا». وتابعت أن «تصويت ما يسمّى الكنيست على القرار بالأغلبية الساحقة، يدلّ على تحوّل إسرائيل إلى دولة فاشية، وذلك لم يَعُد مقتصراً على عدد من الوزراء، وإنّما ما يسمى دولة إسرائيل». ورأى الناطق السابق باسم «الأونروا» والخبير في شؤون اللاجئين، سامي مشعشع، بدوره، أن «القرار الواجب اتّخاذه حالياً من قِبَل الأمم المتحدة، هو معادلة الطرد بالطرد، أي أن طرد الأونروا، يجب أن يقابله طرد إسرائيل من الجمعية العامة للأمم المتحدة، وأن تصبح دولة خارجة عن القانون».
والجدير ذكره أن قانون حظر «الأونروا» يلغي «اتفاقية المقر»(اتفاقية كوماي – مكليمور) لعام 1967، والتي سمحت للوكالة الأممية بالعمل داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، كما يمهّد لطردها من مقرّها في الشيخ جراح، في موازاة منعها من العمل وتقديم المساعدات الإنسانية، ويهدّد أيضاً مكانة ووضعية مخيم شعفاط للاجئين في القدس، وسائر منشآت وخدمات «الأونروا» فيها وفي بلدتها القديمة، وإمكانية استفادة عشرات الآلاف من اللاجئين القاطنين في المدينة المحتلة وضواحيها، من خدمات الوكالة.
ولم يتوانَ وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، عن الكشف عن أجندة «الكنيست» المستقبلية في هذا السياق، إذ نشر صورة تُظهر طرد وترحيل عائلات فلسطينية، مرفِقاً إيّاها بتعليق: «ستصوّت لجنة الكنيست اليوم على مشروع قانون لترحيل عائلات منفّذي العمليات المقيمين داخل الخط الأخضر، وهذا قانون مهمّ وتاريخي ومن شأنه ردع الإرهاب والتصدّي له».
الأخبار