اخبار دولية وعربيةاخبار محليةالعرض في السلايدرتقارير

العدوان “الإسرائيلي” على إيران … قراءة عسكرية – استراتيجية

شارل أبي نادر

يقدم العميد شارل أبي نادر، في مقاله هذا، قراءة عسكرية واستراتيجية عن الهجوم الفاشل الذي شنه جيش العدو “الإسرائيلي” على إيران، لا سيما أن الهجوم قد أتى هزيلاً بعد الأجواء الإعلامية التي أثارها العدو قرابة الشهر حول مناورات واستعدادات تجري ترافقت مع تهديدات كبيرة لطهران. ويؤكد العميد أبي نادر نجاح الدفاعات الجوية الإيرانية في إفشال الهجوم الجوي الصاروخي “الإسرائيلي”، وفي منعه من تنفيذ استهدافات ناجحة لهذه المواقع العسكرية الإيرانية.

فجر اليوم السبت، نفذت “إسرائيل” عدوانها الجوي المنتظر على إيران، وذلك وفقًا لما تعده ردًا على العملية الإيرانية “الوعد الصادق 2″، في بداية الشهر الجاري.

بحسب المعطيات الإيرانية، وتحديدًا بيان “الدفاع الجوي الإيراني”، فقد توزعت مواقع العدوان “الإسرائيلي” بين محافظات طهران وخوزستان وإيلام، مستهدفة مراكز لإنتاج الصواريخ الباليستية والمسيّرات، بالاضافة إلى مراكز عسكرية تابعة للحرس الثوري الإيراني. ولم ترشح أي معلومات، من داخل إيران أو من خارجها، وتحديدًا من الكيان الصهيوني، أن العدوان قد طال أي منشآت نووية أو نفطية استراتيجية إيرانية، بالرغم من أن التهديدات “الإسرائيلية” التي سبقت العدوان وحضّرت له قبل تنفيذه بحوالي الشهر تقريبًا، كانت قد وضعت ضمن بنك أهدافها الأساسية، منشآت نووية ونفطية إيرانية، الأمر الذي أسهم الاميركيون- وبحسب عدة مصادر مختلفة التوجهات- في منعه وثني “إسرائيل” عنه.. وطبعًا بسبب الخوف من التداعيات الكارثية لهذه الاستهدافات الخطيرة داخل إيران، سواء أكان على مسار الانتخابات الرئاسية الأميركية القريبة أم على مسار فقدان التوازن الأكيد في أسواق الطاقة العالمية.

في قراءة عسكرية أولية لتفاصيل العدوان، يمكن الإضاءة على النقاط الآتية:

1. انحصرت الأهداف، بحسب الرواية “الإسرائيلية”، وأيضًا بحسب المصادر الإيرانية، بمواقع متعلقة بقدرات إيران الصاروخية والمسيّرة وبثكنات للحرس الثوري، وذلك على أساس أن هذه المواقع هي المسؤولة مباشرة عن الاستهدافات الإيرانية للكيان في عمليات “الوعد الصادق ١ و٢ “، حيث مواقع إنتاج الصواريخ والمسيّرات وإطلاقها، وحيث قيادات وعمليات الحرس الثوري الإيراني الذي أدار عمليتي “الوعد الصادق” ضد الكيان، في نيسان الماضي وفي بداية الشهر الجاري.

2. استنادًا إلى المعطيات كافة، أيضًا، وخاصة التي تضمنها بيان “الدفاع الجوي الإيراني”، فقد نجحت مناورة الدفاعات الجوية الإيرانية في إفشال الهجوم الجوي الصاروخي “الإسرائيلي”، وفي منعه من تنفيذ استهدافات ناجحة لهذه المواقع العسكرية الإيرانية. وهذا الأمر يمكن تأكيده باتجاهين: الأول ويتعلق بالجهوزية الكاملة لأسلحة الدفاع الجوي الإيراني، والتي كانت مستعدة ومستنفرة، وبأعلى درجات الجهوزية وعلى المساحة الأكبر من أراضي الجمهورية الإسلامية، لمواجهة العدوان “الإسرائيلي” المنتظر، وعلى الأهداف المحتملة كلها والنووية النفطية العسكرية. والاتجاه الثاني، في فشل هذا العدوان، ويتعلق بالمشاهدات الحية المباشرة من المحافظات الإيرانية التي اعتدي عليها، حيث لا مؤشرات بتاتًا لأي خسائر أو تأثيرات على الوضع الحياتي أو غيره، فقد بقيت مطارات إيران الأساسية تعمل بشكل عادي، وتحديدًا مطار الإمام الخميني ومطار “مهرباد”، وقد بدت الحياة تسير بشكل عادي وطبيعي لناحية الأعمال أو المدارس وغيرها من القطاعات التي تتأثر عادة بهكذا اعتداءات، لو كانت فعلًا قد نجحت في تحقيق أهدافها ولو جزئيًا.

3. من خلال الإشارة إلى جغرافية المناطق المستهدفة داخل إيران، يتبيّن أنها في غرب طهران؛ حيث بعض مواقع “الحرس الثوري” وفي محافظتي خوزستان وإيلام غرب ايران والحدودية مع العراق. والسبب في ذلك أنها المحافظات الأقرب غربًا باتجاه فلسطين المحتلة، حيث من الطبيعي أنها تحضن أغلب قواعد إطلاق الصواريخ والمسيّرات الإيرانية، وأيضا، كونها الأقرب إلى الخارج الإيراني من ناحية الغرب ومن ناحية مياه الخليج، حيث المسارات الجوية الأكثر احتمالًا لهذا العدوان “الإسرائيلي”. هذا؛ وخاصة أنّ بعض المعطيات قد أفادت بتدخل لمنظومات دفاع جوي فوق سوريا والعراق ضد القاذفات أو الصواريخ “الإسرائيلية”، مع التنويه هنا بأنّ المملكة السعودية قد استنكرت العدوان “الإسرائيلي” على إيران، الامر الذي يُستبعد من خلاله استعمال قاذفات العدو للأجواء الخليجية، مع إبقاء بعض التحفظ على هذا الأمر غير المؤكد بشكل دقيق.

4. لناحية مسارات الاعتداءآت “الإسرائيلية”، وبالإضافة إلى المسار البري فوق العراق وسوريا، والذي لا يمكن استبعاده، كوننا نتكلم عن استهدافات من الجو غرب إيران وخارج أجوائها وبصواريخ باليستية تطلق من القاذفات، يمكن أن تتجاوز مدياتها الـ ٥٠٠ كلم، الأمر الذي يوفر على القاذفات مسافة كبيرة، فتصبح القاذفات “الإسرائيلية” “أف ١٦” و”أف ١٥” وحتى “أف ٣٥ “، قادرة على تنفيذها بطلعة واحدة والعودة من دون التزود بالوقود جوا.

كما ويبقى هناك احتمال كبير في أن تكون “إسرائيل” قد نفذت عدوانها من مياه بحر العرب أو خليج عمان أو حتى من داخل مياه الخليج غرب إيران، ومن خلال صواريخ “كروز” تطلق من غواصات، تمتلكها “إسرائيل” حتما من هذه الصواريخ، أو يمكن أن يكون مسار العدوان من الأجواء فوق المياه المذكورة، بعد أن قطعت القاذفات أجواء البحر الأحمر، لتكون هنا عملية التزود بالوقود جوًا قد حصلت فعلًا، بمساعدة أميركية أو من دونها، في تلك الأجواء المذكورة .

أخيرًا؛ تبقى عدة تساؤلات تفرض نفسها عن ردود إيران على هذا العدوان، وهل سوف تبتعد هذه المرة عن الرد كون العدوان قد فشل عمليًا، فتعمل على حصر هذا الاشتباك في مستوى مضبوط ، خاصة وأنّ الكيان نأى بنفسه عن تنفيذ اعتداءات تتجاوز الخط الأحمر، مثل المنشآت النووية أو النفطية الاستراتيجية الإيرانية، بالرغم من أن هذه المنشآت، وخاصة النووية، كان استهدافها دائما ضمن أحلام العدو “الإسرائيلي” وبنوك أهدافه ؟.

ربما الأيام القليلة القادمة، تجيب بوضوح عن هذه التساؤلات.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com