كيف تعرف أنك تعاني من مشكلة في الغدة الدرقية؟
هل تشعر بالبرد باستمرار وتعاني من جفاف الجلد وتساقط الشعر والنعاس أو خفقان في الصدر وزيادة في الوزن؟ إذا كنت تعاني من أي مما سبق، فربما لديك مشكلة في هرمونات الغدة الدرقية.
لهرمونات الغدة الدرقية تأثير كبير على صحتنا، إذ يسبب اضطراب وظيفتها كثيرا من المشاكل الصحية التي إن لم تعالج، قد تتفاقم وتشكل تهديداً حقيقاً لصحتك.
وبسبب أهمية عمل هذه الغدة، تم تخصيص الخامس والعشرين من مايو من كل عام، كيوم عالمي للتوعية بمخاطر الإصابة بها.
فما وظيفة الغدة الدرقية وما أعراض الإصابة بخلل في وظيفتها وما مدى خطورتها وكيف يمكن العلاج منها؟
وظيفتها
تعد هرمونات الغدة الدرقية مهمة للغاية لأنها تنظم عملية التمثيل الغذائي لدينا، أي أنها تخبر كل خلية، وبالتالي كل نسيج وعضو، بكمية الوقود (الطعام الذي نتناوله) اللازمة لتحويلها إلى طاقة.
وفي المجمل، هناك أربعة هرمونات رئيسية تفرزها الغدة الدرقية، لا يُعرف سوى القليل عن تلك المعروفة باسم T1 وT2، والتي تمثل القليل جداً من إنتاج الغدة. أما الهرمونان الآخران، T3 وT4، فيشكلان معظم إنتاج الغدة – أي حوالي 20 في المئة و80 في المئة على التوالي.
ينتقل T3 إلى أنسجة الجسم حيث ينظم عملية التمثيل الغذائي الخلوي لدينا، وهي السرعة التي يقوم بها الجسم بجميع التفاعلات الكيميائية التي لا تعد ولا تحصى والتي تبقينا على قيد الحياة.
أما T4 فهو النسخة غير النشطة من هرمون T3، ويتم إطلاقه في الدم ثم تنشيطه إلى T3 حسب الحاجة.
وإذا لم تعمل الغدة الدرقية بشكل صحيح، سواء كان بسسب فرط أو خمول في نشاطها، فللحالتين تأثيرات سلبية متعددة وخطيرة على صحة الإنسان.
قول أحمد حلمي، استشاري أمراض الغدد الصماء والسكري والأستاذ في جامعة بيرمنغهام في المملكة المتحدة، إن الغدة الدرقية يجب أن تكون دائماً في المستوي الطبيعي دون فرط في النشاط أو نقصان.
لكن المشكلة الأكثر شيوعاً هي “قصور الغدة الدرقية” أكثر من فرط نشاطها، والذي يحدث عندما لا تنتج الغدة ما يكفي من الهرمونات، أو عندما لا يتم تحويل هرمونات T4 بالكامل إلى هرمونات T3 النشطة، لذلك لا يمكن أن تكون فعالة.
ويضيف حلمي: “إن زيادة إفراز هرمونات الغدة الدرقية تسبب سرعة في نشاط أجهزة الجسم المختلفة مثل سرعة ضربات القلب أو عدم انتظامها، ما يسبب الشعور بخفقان في الصدر حتى دون بذل أي مجهود مصحوباً برعشة اليدين وتصبب العرق وانخفاض الوزن، وأحياناً سرعة في نشاط الجهاز الهضمي وجحوظ في العينين واحمرار في الجلد على الساقين وتورم في أطراف الأصابع. وعلى العكس، فإن انخفاض تلك الهرمونات يسبب الخمول في أنشطة الجسم مثل بطء ضربات القلب والشعور بالتعب والإجهاد وزيادة الوزن والإمساك نتيجة خمول الجهاز الهضمي، كما يسبب أحيانا اضطراب في الدورة الشهرية عند النساء”.
وقد تتضخم الغدة الدرقية في مقدمة الرقبة في كلتا الحالتين ما يسبب في بعض الحالات صعوبة في التنفس أو البلع.
ويُنصح بزيارة الطبيب عند ظهور أي من الأعراض السابقة الذكر لمعالجتها قبل تفاقم المرض.
ما هو مرض هاشيموتو؟
هو أحد أمراض المناعة الذاتية التي قد تُصيب الغدة الدرقية في الجسم.
عند الإصابة بهذا المرض يبدأ جهاز المناعة بإنتاج أجسام مضادة تُهاجم الغدة الدرقية ما قد يُسبب تلف هذه الغدة مع الوقت، الأمر الذي تنتج عنه مضاعفات عديدة.
ولا يوجد سبب واضح ومحدد لمرض هاشيموتو، فهو من أمراض المناعة الذاتية التي يبدأ فيها جهاز المناعة بمهاجمة الجسم نفسه. ولكن فرصة الإصابة به ترتفع إذا كان أحد أفراد الأسرة مصاب بداء السكري من النوع الأول أو مرض الذئبة الحمراء أو التهاب المفاصل الروماتويدي أو البهاق أو متلازمة شوغرن.
وتقول هيئة الصحة الوطنية البريطانية إنه لا توجد وسيلة لمنع خمول الغدة الدرقية. ويمكن أن يعاني كل من الرجال والنساء من قصور الغدة الدرقية، إلا أنه أكثر شيوعاً عند النساء.
وبحسب هيئة الصحة الوطنية، يصيب هذا المرض في بريطانيا، 15 من بين كل 1000 امرأة و1 من بين كل 1000 رجل، كما يولد به حوالي 1 من بين 3500 إلى 4000 طفل مصاباً بخمول الغدة الدرقية الخلقي.
يتم فحص جميع الأطفال المولودين في بريطانيا بحثاً عن قصور الغدة الدرقية الخلقي باستخدام بقعة دم لفحصها عندما يبلغ عمر الطفل حوالي 5 أيام.
وتقول كوثر عبدالله من لندن (51 عاماً) المصابة بمرض هاشيموتو لبي بي سي، إنها تسيّر نمط حياتها وتراقب ردة فعل جسمها على أي شيء تتناوله وتسجل ذلك على دفتر الملاحظات في كل مرة تتناول فيه شيئاً جديداً.
“لقد تخليتُ عن كثير من الأطعمة والخضروات وغيرها من المواد الغذائية من قائمتي من أجل التحكم بوزني والحفاظ عليه في المستوى الصحي، وأمارس الرياضة يومياً تقريباً، وأتبع حمية غذائية مناسبة وأتناول الأدوية في أوقاتها إلا أنني لا زلت أعاني من العصبية الزائدة التي لا أستطيع التحكم بها، إلى جانب شعوري المستمر بالتعب والنسيان فضلاً عن معاناتي من متلازمة القولون المتهيج، وجميعها ناتجة عن خمول الغدة الدرقية”.
ويُعالَجُ مرضى خمول الغدة الدرقية عن طريق تناول أقراص بديلة للهرمونات يومياً، تسمى ليفوثيروكسين، لرفع مستويات هرمون الغدة الدرقية لدى المصاب.
وسيحتاج المريض عادة إلى أخذ العلاج طيل فترة حياته. ويمكن للشخص أن يعيش حياة صحية وطبيعية في حال المداومة على أخذ العلاج المناسب بانتظام.
إذا لم يتم علاج قصور الغدة الدرقية، فقد يؤدي ذلك إلى مضاعفات، بما في ذلك أمراض القلب وتضخم الغدة الدرقية ومشاكل الحمل وحالة تهدد الحياة تسمى غيبوبة الوذمة المخاطية.
تعاني زينب ابراهيم (47 عاماً) وهي امرأة سورية تعيش في جنوب ألمانيا، من زيادة كبيرة في الوزن بسبب خمول الغدة، حيث يتجاوز وزنها 120 كيلو غرام. وتقول زينب لبي بي سي : “أعاني من صعوبة في التنفس، وأستعين بعكازة للمشي بسبب آلام الركبة، وأشعر بالتعب والنعاس دون سبب، كما أن عقيدات الغدة باتت بارزة وواضحة في أسفل رقبتي، تم تحويلي إلى قسم الأورام الخبيثة للتأكد من أنها ليست سرطانية”.
ستجري زينب أيضاً عملية تكميم المعدة لمساعدتها في خسارة وزنها الذي تقول إنه زاد بسبب خمول الغدة الدرقية لديها، كما أجرت أيضاً عملية في مفصلي ركبتيها إلا أنها لا تزال تعاني من الألم بسبب الوزن الزائد بحسب قولها.
أما بالنسبة لفرط نشاط الغدة الدرقية، فيتم العلاج عن طريق تناول الأدوية التي تخفض زيادة إفراز هرمونات الغدة الدرقية أو من خلال العلاج باليود المشع (نوع من أنواع العلاج الذي يندرج ضمن الطب النووي، يستخدم أيضاً لعلاج سرطان الغدة الدرقية) وفي أحيان أخرى يتم استئصال الغدة جراحياً”.
وبحسب كل حالة وكل مريض، يتم تحديد طريقة الفحص أو العلاج اللازم، فبعضها لا يحتاج سوى لتحليل الدم وبعضها الآخر يتم عن طريق أخذ عينة من الغدة في حال تورمها لفحصها والتأكد من أنها أورام حميدة.
العناصر الغذائية التي يجب تجنبها
تؤثر بعض العناصر الغذائية بشكل كبير على كيفية عمل الغدة الدرقية، ويمكن لبعض الأطعمة أن تمنع قدرة الجسم على امتصاص الهرمونات البديلة التي قد تتناولها كجزء من علاج الغدة الدرقية.
صحيح أن بعض عوامل قصور الغدة الدرقية تكون خارجة عن سيطرة المريض بما في ذلك تاريخ العائلة والبيئة المحيطة به، إلا أن النظام الغذائي يلعب دوراً بارزاً أيضاً. من أبرز العناصر التي يجب تجنبها أو استخدامها باعتدال هي:
- الأطعمة التي تحتوي على فول الصويا، بما في ذلك التوفو.
- الخضروات مثل البروكلي والقرنبيط (الكرنب).
- الغلوتين الموجود في الخبز والمعكرونة والمعجنات.
- الأطعمة عالية الدهون مثل الزبدة واللحوم وجميع الأطعمة المقلية.
- السكريات مثل كعكة الشوكولاتة وغيرها من الحشوات السكرية.
- الأطعمة المعلبة والألياف الزائدة الموجودة في الفول والبقوليات والخضروات.
- احتساء القهوة باعتدال.