أمريكا واسرائيل تقودان أخطر المراحل الاستعمارية وأكثرها وحشية
كتب/ حميد رزق
نحن أمام مرحلة جديدة من مراحل الاستعمار.. مرحلة بسمات وأهداف مختلفة ومغايرة، خلال عقود القرن الماضي وما تلاه كانت أمريكا مهيمنة على غالبية الحكومات والأنظمة العربية غير أن المرحلة الجديدة من المشروع الامريكي تقوم ليس على احتلال المنزل ومصادرته على غرار الاستعمار القديم ..
كما لم يعد الأمريكيين والغرب يرتضون بأسلوب الهيمنة غير المباشرة .. إعادة التقسيم لا تتم بسلاسة وسهولة ولتحقيقها يجب أولا تفكيك الأرضية الاجتماعية الصلبة التي تقف عليها البلدان والشعوب العربية..
تلغيم الأساسات وإحداث هزات وزلازل عميقة ومدمرة وتوجيه ضربات متتابعة ومركزة تسهل اقتلاع الأعمدة التي يستند إليها البناء وإزالة أعمدة الصمود وعوامل الثبات واللحمة داخل البنيان الواحد. وبالتالي هنا هي أخطر المراحل الاستعمارية وأكثرها وحشية وإجراما. ولتقسيم أي بلد عربي لا بد من اثارة الفتنة وتقويض الأنظمة وزراعة الجماعات التكفيرية وتفكيك الجيوش ورفع منسوب التحريض المذهبي والعرقي والعنصري .. الاعدامات الجماعية وتوفير البيئة المواتية لنمو “داعش والقاعدة” ..
لا يهم الغرب وأمريكا ماترتكب من أعمال إبادة وتدمير وقتل تشيب لهوله الوالدان بل بالعكس فكلما اتسعت الجراح وارتفع منسوب القهر والألم ظمنوا مدة اطول من الصراعات والانقسام الأهلي الذي يصعب اندماله بمرور عشرات السينين، وصولا إلى خلق نسيج اجتماعي ممزق متناحر فتتاح الفرصة للأمريكي والاسرائيلي يقدموا أنفسهم في ثوب المنقذين والأسيفين على ما يجري بين أبناء البلد والدين الواحد.. نصف الشعب السوري تقريبا أصبح مهجرا خارج بلده ليتم التلويح الآن بتقسيم هذا البلد كحل وحيد بعد استحالة عودة السوريين كما كانوا ..
وبعد عقود من انهاك العراق وتدميره وقتل مئات الالاف من أبناءه يطرح التقسيم كحل لا مجال لغيرة لحل مشاكل العراق، وهو ما يرسم لليمن وليبيا ومصر ولبنان وحتى السعودية وغيرها.. أمام المرحلة الجديدة والمتوحشة من الاستعمار المطلوب للمواجهة وعي شعبي كبير بدونه لا يمكن المواجهة..
الأنظمة والأحزاب والنخب التقليدية إذا كانت معزولة عن الحاضنة الشعبية الواعية فلا تصمد أمام هذا النوع من الحروب.. النظام الليبي سقط في غضون أيام والنظام العراقي لم يصمد اسبوعين والنظام في سوريا لولا وقوف محور المقاومة كان سقط بشكل مبكر، لتكون النيجة الا امكانية للصمود أمام النسخة الجديدة من الاستعمار الأمريكي الصهيوني غير وعي الشعوب، وهذا ما حدث ويحدث في اليمن، حيث لا يوجد نظام حاكم كما هو متعارف عليه، لأن السلطة أصبحت جزء من العدوان وانقلبت لتكون في صف الصهاينة والأمريكيين ..
وبالتالي هذه هي المرة الأولى التي يصمد فيها شعب بمفرده بزخم وعنفوان واقتدار قل نظيره في التاريخ .. مالذي جعل اليمن مختلفا في تجربته وفاجأ الأعداء برغم أنه البلد المحاصر والمصنف كأفقر دولة في العالم هو الوعي الجمعي الذي كان للشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي دور كبير في صقله وإعادة تفعيله.
ورد في محاضرات الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي حرصه الشديد على دعوة الناس الى التحرك المبكر كان يخاطب المجتمع والناس : تحركوا لا تقصروا لا تتأخروا مهما تعبتم مهما واجهتم لا تتوقفوا سيأتي وقت نجني الثمرة الايجابية لكل تحرك مهما كان بسيطا او العكس سيجني الناس ثمرة التقصير تداعيات خطيرة ويدفعوان أثمانا باهضة ..
منذ العام 2002 والشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي يرى هذه اللحظة (لحظة انطلاقة النسخة الاكثر قذارة من الاستعمار الامريكي الاسرائيلي) وعمل على تبصير الحكومات والشعوب بأهمية الإعداد والاستعداد لمواجهتها..
ولطالما لفت في محاضراته أن الأنظمة والحكومات تخدع ولا يجب أن تتنصل الشعوب عن تحمل المسؤولية لأنها ستكون الضحية حتى الجيوش النظامية قال الشهيد القائد إنها لا تقوى على مواجهة المؤامرات الجديدة إن كانت لوحدها، وأكد على وجوب تحول الشعوب في حضورها وجاهزيتها إلى ما يشبه الجيش الجرار الذي لا حدود لعطائه ولا قدرة لأي غاز على استنزافه… هذا الوعي وهذا الإيمان وهذا السمو وهذا التحرك القرآني المبكر في اليمن بالإضافة إلى تضحيات ودماء الشهداء خلال مراحل الحروب السابقة كلها جعلت اليمن عصيا على الأعداء وانتقلت بالشعب اليمني إلى هذا المستوى من العنفوان والشموخ والإباء ..
اليوم العطاء يا أبناء اليمن هو عطائكم.. الصمود صمودكم.. الحضور حضوركم.. الإباء والشجاعة والتضحية والبذل والشموخ والعنفوان والانتصار هو أنتم .. ليست أطراف إقليمية ولا دولية ولا حزب ولا جماعة.. أنتم وعيكم إيمانكم صدقكم ثقتكم بالله وبقيادتكم الصادقة والمؤمنة والمؤتمنة والشجاعة.