مقالات

مسؤولية الأُمَّــة: بين صمت الحكام وضرورة التحَرّك لإنقاذ غزة

فضل فارس

جرأة العدوّ الصهيوني في تصعيده الجديد ضد قطاع غزة تأتي من يقينه التام بأن لا أحد من الأنظمة العربية سيقف في وجهه، فهو يعلم أن الحكام العرب قد أصبحوا أدَاة تُستخدم للسكوت على جرائمه ومنظومة تواطؤ تسهل له ارتكاب الفظائع بحق الفلسطينيين، ولكن الحقيقة المرة هي أن العرب والمسلمين في هذه الأُمَّــة عليهم مسؤولية دينية عظيمة سيسألهم الله عنها يوم القيامة، وهي مسؤولية الوقوف في وجه العدوّ الصهيوني بكل ما أوتوا من قوة لوقف جرائمه والمنكر الذي يمارسه على الأرض الفلسطينية.

إن مسؤولية الأُمَّــة كبيرة، وتوعد الله من يتهرب منها بالعذاب الشديد، فلا يمكن للغافلين أن يظنوا أن صمتهم أَو تواطؤهم سيتجاوز الحساب الإلهي، هذه المسؤولية ضخمة، وتقتضي التحَرّك بجدية وعلى كُـلّ الأصعدة، وخَاصَّة المستوى العسكري، على الأُمَّــة أن تتحَرّك عسكريًّا في سبيل الضغط على الكيان الصهيوني لوقف عدوانه، وأن تشكل جبهة قوية تضغط عليه لتتوقف المجازر في قطاع غزة، فالأمة الإسلامية لديها من القدرات العسكرية ما يخولها للوقوف في صف الفلسطينيين ودعمهم بكل الطرق الممكنة، لكن للأسف، الأنظمة العربية قد تجاهلت هذا الواجب، وتواطأت مع العدوّ بدلًا عن التحَرّك الفعلي.

لكن الجانب العسكري ليس وحده الطريق الوحيد للعمل، هناك أَيْـضًا الجانب السياسي والاقتصادي، الذي يعتبر من الوسائل الفعالة التي يمكن لشعوب الأُمَّــة أن تستخدمها للمساهمة في الضغط على الكيان الصهيوني، يمكن للمقاطعة الاقتصادية أن تلعب دورًا بالغ الأهميّة، ويمكن أن تؤدي إلى إحداث ضرر كبير على (إسرائيل) وأمريكا معًا، خَاصَّة إذَا ما تحول هذا إلى حركة شعبيّة واسعة تشمل كافة دول الأُمَّــة.

المقاطعة ليست فقط خيارًا، بل واجبًا أخلاقيًّا تجاه فلسطين، وهو سلاح فعال في متناول اليد، وفي هذا السياق، يجب على الشعوب الإسلامية أخذ زمام المبادرة، حتى الشعوب المكبوتة التي تواجه تحديات اقتصادية أَو سياسية، ليس هناك عذر اليوم، فالمقاطعة قوة في يد الجميع، ويمكن أن تساهم بشكل كبير في الضغط على العدوّ الصهيوني، كلما اتجهت الشعوب إلى مقاطعة المنتجات الإسرائيلية، كان لذلك أثر كبير في التأثير على الاقتصاد الإسرائيلي والأمريكي، ولذلك، فَــإنَّ المسؤولية على أبناء الأُمَّــة كبيرة وعظيمة، ولا يمكن التساهل فيها، وعليهم أن يتقوا الله في أداء واجبهم تجاه هذه القضايا التي هي جزء من دينهم ومسؤوليتهم.

أيضًا على المستوى الإعلامي، يجب أن تتحَرّك الأُمَّــة بكامل قواها الإعلامية، سواء من خلال التواصل الاجتماعي أَو وسائل الإعلام الأُخرى، هناك منصات حرة ومتاحة للجميع، وعلى الجميع أن يرفعوا أصواتهم لفضح الجرائم الإسرائيلية والمطالبة بحق الفلسطينيين في الحياة والحرية.

التفاعل الشعبي على الإنترنت يمكن أن يكون له أثر عميق في نشر الوعي، والتأثير في الرأي العام الدولي حول ما يحدث في فلسطين.

من لم يتمكّن من التحَرّك على هذه الأصعدة، عليه أَلَّا ينسى قوة الدعاء، نعم، الدعاء لا غنى عنه، فهو سلاح المؤمن الذي لا يُهزم، لكن الدعاء يجب أن يكون مصحوبًا بالاهتمام العملي، كُـلّ فرد في هذه الأُمَّــة عليه أن يساهم بحسب قدراته، الدعاء بالفرج والنصر، أَو التبرع لدعم المقاومة في فلسطين، هي خطوات عملية يمكن للجميع أن يقوم بها. التبرعات ليست فقط في شكل المال، بل أَيْـضًا في شكل الدعم المعنوي والتشجيع للمجاهدين في فلسطين، وفي شتى أوجه الدعم المتاحة.

المسؤولية على الأُمَّــة كبيرة، ولا يمكن لأحد أن يتنصل منها، الشعب الفلسطيني بحاجة إلى الجميع، والعالم العربي والإسلامي بحاجة إلى وقفة حقيقية، سواء على المستوى السياسي، أَو العسكري، أَو الاقتصادي، لا يمكن لأي مبرّر سياسي أَو ديني أن يبرّر السكوت على ما يحدث في غزة. إن المسؤولية الفردية والجماعية كبيرة، وعلى الجميع أن يفي بها اليوم، قبل أن يحاسبنا الله عليها يوم القيامة.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com