فخ اليمن لـ”أمريكا” في البحر الأحمر

21 سبتمبر |
“أصبح البحر الأحمر فعلياً تحت سيطرت اليمنيين، فلم يعد متاحاً لحركة الملاحة للسفن “الإسرائيلية” والأمريكية في ظل استمرار هجمات القوات اليمنية”، كما أكد موقع “gCaptain” الأمريكي المختصص في الأخبار البحرية والتجارة العالمية.
وقال: “إن الهجمات اليمنية، التي بدأت قبل أكثر من 15 شهراً، أدت إلى تغيير جذري في ديناميكيات أحد أهم الممرات البحرية في العالم، مما دفع الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، إلى الإعلان عن نيته اتخاذ إجراءات عسكرية حاسمة ضد الحوثيين”.
وأضاف: “نجاح الحوثيين اليمنيين في تعطيل حركة الشحن عبر البحر الأحمر أجبر الشركات الكبرى؛ مثل ‘ميرسك’ و’إم إس سي’ على تغيير مساراتها عبر طريق رأس الرجاء الصالح، وهو مسار أطول وأكثر تكلفة”.
وأكد أن الولايات المتحدة فشلت في تأمين مرور سفنها التجارية، وهو ما اعتبره خبراء العسكر والشحن البحري فشلاً للقوة العظمى في فرض سيطرتها على هذا الممر المائي الحيوي، مشيراً إلى فشل عمليات الحلف الأمريكي – البريطاني “حارس الإزدهار” مُنذ ديسمبر 2023، في وقف الهجمات الحوثية، وإخفاق الدول الأوروبية في عملية “أسبيدس”.
وهدد الرئيس ترامب، في تصريحات لوسائل الإعلام، باستخدام “القوة المميتة الساحقة” لرفع الحظر البحري الذي تفرضه القوات اليمنية على السفن “الإسرائيلية” البحر الأحمر.
الموقع اعتبر تصريحاته اعترافا صريحا بفقدان الخطاب الأمريكي السيطرة على البحر الأحمر، وإعطاء بعض من شعور الأمل للبحارة التجاريين الأمريكيين باستعادة السيطرة على الممر البحري الهام.
وقلل من أهميتها قائلاً: “وعد ترامب لن يكون كافياً لتغيير الواقع في البحر الأحمر، في ظل التحديات اللوجستية التي تواجه الجيش الأمريكي، في محدودية عدد المدمرات المتاحة وصعوبة تسريع تسليحها، بالإضافة إلى تحفظ شركات الشحن إلى العودة دون ضمانات طويلة الأمد”.
موقع “GCaptain”، المختصص في الأخبار التجارية البحرية العالمية، ختم تقريره بتساؤل مفتوح هو: “هل ستتمكن الولايات المتحدة من فرض سلطتها مجدداً على هذا الممر الإستراتيجي (البحر الأحمر)، أم أن الوضع قد تجاوز نقطة اللاعودة؟”.
جبهة الإسناد وغدر العدوان
واستأنفت القوات اليمنية، الأسبوع الماضي، عملياتها العسكرية ضد السفن “الإسرائيلية” في البحر الأحمر؛ إسناداً غزة، بعد منع الكيان إدخال المساعدات الإنسانية لسكان القطاع.
وعاودت الولايات المتحدة، السبت الماضي، عدوانها على اليمن، بعشرات الغارات الجوية على العاصمة صنعاء، وعدد من المحافظات اليمنية المحررة، أدى إلى استشهاد أكثر من 53 مدنياً و100 جريح.
واستهدفت القوات المسلحة اليمنية، للمرة الرابعة خلال 72 ساعة، حاملة الطائرات الأمريكية “يو أس أس هاري ترومان”، وقطعها الحربية شمال البحر الأحمر؛ رداً على العدوان الأمريكي، بعمليات هجومية نوعية بالصواريخ والمسيِّرات، وأفشلت خطط العدو الأمريكي لتنفيذ عدوان جوي على اليمن.
التحدي الكبير والخبرة المتطورة
من جهته، أكد القائد السابق للقيادة المركزية الأمريكية، الجنرال جوزيف فوتيل، أن القدرات العسكرية للحوثيين تمثل تحدياً كبيراً.. محذراً من التداعيات الكارثية للغارات الأمريكية على اليمن على المصالح امريكا في المنطقة وخارجها.
وقال، في مقابلة مع “معهد الشرق الأوسط الأمريكي”: “إن الانخراط في هذه الحملة يلحق ضرراً على السفن والطائرات الأمريكية، ويؤدي إلى خسائر بشرية وضغط متزايد على الإدارة لإنهاء الحملة العسكرية”.
فوتيل قدَّم نصيحة لبلاده مفادها: “يجب ألا نستهين بالحوثيين، فهم يمتلكون خبرة عسكرية متطورة، ويمكنهم استهداف مواردنا ومصالحنا في مناطق أخرى”.
ورطة أمريكا
في السياق، اعتبر الدبلوماسي الأمريكي – المسؤول السابق في وزارة الخارجية الأمريكية، نبيل خوري، أن قرار ترامب بشن غارات عسكرية على اليمن وهو لا يمتلك عقيدة عسكرية، سيورط أمريكا في فخ حرب طويلة المدى مع الحوثيين.
خوري، الذي شغل منصب نائب رئيس البحث السابق في السفارة الأمريكية باليمن، أكد، في مداخلة على “قناة الجزيرة” القطرية، أن عمليات الحوثيين مرتبطة بغزة، وسيصمدون أمام الضربات الأمريكية، وقد أستفادوا من حروب عدوانية سابقة مع قوى تفوقهم تكنولوجيا، التي كان آخرها حرب تحالف العدوان بقيادة السعودية لمدة ثماني سنوات.
وقال: “إن الضربات الأمريكية تغذي روح الانتقام لديهم، وتبرر عدائهم أمريكا، وبدل أن يأخذ ترامب مبادرة سياسية، ويتفاهم مع الحوثيين، يتخذ خطوات عسكرية تزيد من معاناة اليمن، وتعيق وصول المساعدات الإنسانية”.
وأضاف: “من غير المنطقي أن تلوم الولايات المتحدة إيران، بينما الحوثيون يصنعون أسلحتهم محلياً، ويمتلكون قرارهم الخاص”.
يُشار إلى أن قوات صنعاء فرضت حظراً بحرياً على سفن “إسرائيل” وحلفائها، مُنذ نوفمبر 2023 إلى يناير 2025، وأطلقت 1165 صاروخاً باليستياً، وفرط صوتي، ومسيّرة، إلى عُمق الكيان.
وكبَّدت قوات دول العدوان الأمريكي – البريطاني – “الإسرائيلي”، في المواجهات البحرية، أكثر من 220 قِطعة بحريَّة تجارية وحربية؛ ضمن معركة “الفتح الموعود والجهاد المقدّس”، خلال 14 شهراً، دعما للمقاومة؛ ونصرة لغزة.
السياســـية – صادق سريع