العرض في السلايدرالقضية الفلسطينيةتقارير

لماذا كان استئناف حظر الملاحة الإسرائيلية ضرورة؟

لماذا كان استئناف حظر الملاحة الإسرائيلية ضرورة؟

مساء الثلاثاء 11 مارس الجاري أعلنت القوات المسلحة اليمنية قرار حظر ملاحة السفن الإسرائيلية عبر البحر الأحمر، وباب المندب، وخليج عدن، والبحر العربي، حتى يتم إدخال المساعدات إلى قطاع غزَّة. كان هذا الإعلان خطوة عملية وموقفا ضروريا، في مقابل الخطوة العدوانية التصعيدية، التي أقدم عليها العدو الإسرائيلي، المتمثلة في الإقفال الكامل، والحصار التام على قطاع غزة، في جريمة كبرى، توصف بأنها جريمة حرب، وجريمة ضد الإنسانية، وخطوةٌ تصعيديةٌ كبيرة، فهذه الخطوة ليست مجرد إجراء عادي يمكن التغاضي عنه، أو التجاهل له. والجمود أمام هذه الخطوة التصعيدية يُعَدُ ذنباً وخطيئةً كبيرة، وتنصلاً عن مسؤوليةٍ كبرى على هذه الأمة، في أن تقف مع الشعب الفلسطيني، الذي هو شعبٌ مظلومٌ، وجزءٌ من هذه الأمة.
اتخاذ اليمن لقرار استئناف حظر الملاحة الإسرائيلية أتى من واقع واضح أنه لابدّ من خطوات عملية، لأن التَّعنُّت والصلف والوحشية التي يُبديها العدو الإسرائيلي، والدعم الأمريكي، يجعل العدو الإسرائيلي يُقْدِم على خطوات عدوانية كبيرة، لا يمكن أن يتوقف عنها إلَّا بالردع، وبخطوات قوية، وبمواقف عملية.

في هذا التقرير سنستعرض التسلسل الزمني منذ لحظة إعلان وقف إطلاق النار في غزة، وكيف تنصل العدو الإسرائيلي بدعم أمريكي وعمل على الالتفاف على الاتفاق وصولا إلى إطباق الحصار على غزة بالرغم من المحاولات والجهود التي بذلتها المقاومة الإسلامية حماس في سبيل الوصول إلى التنفيذ الكامل للاتفاق. كما سنعمل على سرد التصريحات الدولية وتصريحات المنظمات الإنسانية بخطورة الوضع في غزة جراء الحصار لنصل إلى نتيجة أن الموقف اليمني كان ضرورة يفرضها الواقع وتفرضها المسؤولية الدينية والأخلاقية.

العدو يتنصل عن الاتفاق

منذ توقيع اتفاق إطلاق النار في غزة لم يمرّ يومٌ، إلا وأحدث العدو خرقًا في بنود الاتفاق، سواء فيما يتعلق بالبند الأساسي، وهو وقف العدوان واستهدافِ الفلسطينيين، أو في بند الانسحاب الكامل من قطاع غزة ومحمور “فيلادلفيا”، أو إدخال المساعدات الإنسانية وفتح المعابر. إلا أن التصعيد الأكبر هو ما أعلنه مجرم الحرب نتنياهو في الـ2 من مارس الجاري بإغلاق كافة المعابر إلى قطاع غزة، في تنصل وانقلاب على اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.
قرار العدو الإسرائيلي أتى بعد يوم من إعلان وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، عن توقيعه إعلانًا يقضي بتسريع تسليم مساعدات عسكرية إلى العدو الإسرائيلي بقيمة تقارب 4 مليارات دولار؛ وتشمل مبيعات الأسلحة 35 ألفا و529 قنبلة للأغراض العامة وزنها نحو ألف كيلوغرام، وأربعة آلاف قنبلة خارقة للتحصينات بنفس الوزن من إنتاج شركة جنرال ديناميكس.
وتبلغ قيمة الحزمة الثانية 675 مليون دولار، وتتألف من خمسة آلاف قنبلة تزن كل منها نحو 500 كيلو غرام مع المعدات المطلوبة مناسبة للمساعدة في توجيه القنابل “الغبية”، أي غير الموجهة. ويحتوي إخطار ثالث على جرافات من إنتاج شركة كاتربيلر قيمتها 295 مليون دولار.
تزامن الدعم الأمريكي العسكري للعدو مع دعم سياسي تمثل في تقديم مبادرة أمريكية مجحفة وتنصل كامل على اتفاق غزة الموقع بضمانة أمريكية مصرية قطرية، فقد أعلن مكتب نتنياهو في أواخر فبراير الماضي أن “إسرائيل وافقت على الخطوط العريضة لخطة اقترحها المبعوث الأمريكي ستيفن ويتكوف لوقف مؤقت لإطلاق النار في غزة، خلال شهر رمضان وعيد الفصح اليهودي (12 – 20 أبريل/نيسان)”. وأضاف المكتب في بيان صادر عنه عقب اجتماع أمني ترأسه نتنياهو، إنه سيتم -بموجب مقترح ويتكوف- إطلاق نصف الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في غزة، أحياءً وأمواتا، وذلك خلال اليوم الأول من الهدنة المقترحة. وأضاف أنه إذا تم التوصل إلى اتفاق على وقف دائم لإطلاق النار، فسيتم إطلاق سراح النصف الثاني من الأسرى في غزة. وزعم أن ذلك بحجة رفض حماس مقترح المبعوث الأمريكي ويتكوف لاستمرار المفاوضات، ملوحًا بـ “عواقب إضافية”.
إثر ذلك باشر العدو الإسرائيلي في التنصل عن الالتزامات ومباشرة فرض الحصار الكامل على غزة.

ابتزاز رخيص

وعلّقت حركة المقاومة الإسلامية حماس على خطوة نتنياهو بإغلاق المعابر في غزة وقبول المقترح الأمريكي، حيث وصفت قرار العدو بإغلاق المعابر ووقف إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة بأنه ابتزاز رخيص وجريمة حرب مكتملة الأركان، وعدّت القرار انقلاباً سافراً على اتفاق وقف إطلاق النار.
وقالت حماس: إن بيان مكتب نتنياهو بشأن تبني مقترحات أمريكية لتمديد المرحلة الأولى من الاتفاق، وفق ترتيبات تتعارض مع الاتفاق الأصلي، يكشف بوضوح محاولات العدو المستمرة للتنصل من التزاماته والتهرب من مفاوضات المرحلة الثانية. وأشارت إلى أن نتنياهو، الذي فشل في فرض وقائع سياسية على الأرض رغم خمسة عشر شهرًا من الإبادة الوحشية، “يحاول اليوم الالتفاف على الاتفاق خدمةً لحساباته السياسية الداخلية، دون أي اعتبار لأسرى الاحتلال المحتجزين في غزة وحياتهم”.
وشددت “حماس” أن سلوك الاحتلال يتناقض مع البند 14 من الاتفاق، الذي ينص بوضوح على استمرار إجراءات المرحلة الأولى خلال المرحلة الثانية، وأن الضامنين ملتزمون بضمان استمرار المفاوضات حتى التوصل إلى اتفاق نهائي حول تنفيذ المرحلة الثانية.

أبرز خروقات العدو الإسرائيلي

ونصت المرحلة الأولى من الاتفاق، الذي أعلن دخوله حيز التنفيذ في 19 يناير 2025 على وقف العمليات العسكرية المتبادلة مؤقتًا، وانسحاب قوات العدو الإسرائيلي شرقاً وبعيداً عن المناطق المأهولة بالسكان إلى منطقة بمحاذاة الحدود في جميع مناطق قطاع غزة، بما في ذلك “وادي غزة”، والانسحاب إلى مسافة 700 متر قبل الحدود اعتماداً على خرائط ما قبل 7 أكتوبر 2023.
وشمل الاتفاق الإشارة إلى تعليق النشاط الجوي الإسرائيلي للأغراض العسكرية والاستطلاع مؤقتاً في قطاع غزة بمعدل 10 ساعات يومياً، و12 ساعة في أيام إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين؛ بالإضافة إلى خفض عدد القوات تدريجياً في منطقة محور صلاح الدين (فيلادلفيا) على الحدود بين غزة ومصر. وبموجب بنود الاتفاق يفرج العدو عن نحو ألفي أسير، بينهم 250 من المحكومين بالسجن المؤبد، ونحو ألف من المعتقلين بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، كذلك شمل الاتفاق الإشارة إلى عودة النازحين بعد إطلاق سراح ما مجموعه 7 أسرى إسرائيليين.

ارتكب العدو الإسرائيلي العديد من الخروقات أهمها:

  •  عدم إدخال الكميات المتفق عليها من الوقود: نص الاتفاق على السماح بإدخال 50 شاحنة وقود يوميًا إلى غزة، إلا أن البيانات تشير إلى أن إجمالي الشاحنات التي دخلت خلال 42 يومًا (قبل إغلاق المعابر) بلغ 978 شاحنة فقط، أي بمعدل 23 شاحنة يوميًا، وهو ما يمثل أقل من نصف الكمية المتفق عليها. وقد أدى ذلك إلى تفاقم أزمة الكهرباء وتعطل القطاعات الحيوية، مثل المستشفيات ومحطات تحلية المياه.
  • منع استيراد الوقود من قبل القطاع التجاري: رغم وجود بند صريح في الاتفاق يسمح باستيراد الوقود من التجار المحليين، إلا أن العدو الإسرائيلي فرض الحظر، ما عّمق أزمة الطاقة، وكذلك منع الحلول البديلة التي يمكن أن تساهم في تخفيف المعاناة اليومية للسكان.
  • عرقلة إدخال البيوت المتنقلة والخيام: من أصل 60,000 بيت متنقل (كرفانات) متفق عليها لإيواء آلاف المشردين. سمح العدو الإسرائيلي بإدخال 15 بيتًا فقط، إضافة إلى عدد محدود جدًا من الخيام، ما ترك آلاف العائلات في العراء وسط ظروف معيشية كارثية بعد أن دمر العدو أكثر من 80 % من مباني القطاع، وحوَّل أكثر من مليوني فلسطيني إلى نازحين في الخيام.
  • منع إدخال المعدات الثقيلة اللازمة لإزالة الركام: لا يزال الدمار يسيطر على أجزاء واسعة من غزة، حيث تحتاج عمليات إزالة الركام واستخراج جثامين الشهداء إلى معدات ثقيلة. ومع ذلك، لم يسمح العدو الإسرائيلي سوى بإدخال 9 آليات فقط، بينما تشير التقديرات إلى أن القطاع يحتاج إلى 500 آلية على الأقل لاستكمال عمليات الإنقاذ وإزالة الأنقاض. وتشير التقديرات إلى وجود أكثر من 10 آلاف مفقود في قطاع غزة غالبيتهم تحت الأنقاض.
  • منع إدخال مواد البناء والترميم: لا تزال عملية إعادة الإعمار أو حتى ترميم المنازل المدمرة جزئيا متوقفة بسبب منع العدو الإسرائيلي إدخال مواد البناء، بما في ذلك الأسمنت والحديد ومواد التشطيب، ما عطل إعادة تأهيل المنازل المدمرة والبنية التحتية الحيوية مثل الطرق والجسور والمستشفيات.
  • عرقلة إدخال المعدات الطبية وسيارات الإسعاف: تعاني المستشفيات من نقص حاد في المعدات الطبية الضرورية لعلاج المصابين وإجراء العمليات الجراحية، حيث لم يسمح العدو الإسرائيلي سوى بإدخال 5 سيارات إسعاف رغم الدمار الواسع الذي لحق بالمرافق الصحية.
  •  منع إدخال معدات الدفاع المدني: تعاني فرق الدفاع المدني من نقص حاد في المعدات اللازمة لتنفيذ عمليات الإنقاذ والإطفاء، حيث رفض العدو الإسرائيلي إدخال المعدات الضرورية، ما يعيق عمليات الإغاثة في ظل استمرار انهيار المباني والبنية التحتية.
  • منع تشغيل محطة الكهرباء وإدخال مستلزماتها: لا تزال محطة توليد الكهرباء الوحيدة في غزة متوقفة عن العمل بسبب منع العدو إدخال المستلزمات اللازمة لإعادة تشغيلها، ما يعمق أزمة الكهرباء ويؤثر على جميع مناحي الحياة في القطاع.
  • منع إدخال السيولة النقدية ورفض استبدال العملات التالفة: فرض العدو الإسرائيلي قيودًا صارمة على إدخال الأموال إلى قطاع غزة، ما أدى إلى أزمة سيولة حادة في البنوك المحلية، وفاقم من الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها السكان. كما رفض العدو استبدال العملات الورقية التالفة، ما زاد من معاناة المواطنين في تسيير أمورهم اليومية.
  •  الاستمرار في قتل المدنيين: بلغت المدة التي بدأ الاتفاق منها 52 يومًا حتى الآن (12مارس)، قام فيها العدو الإسرائيلي بانتهاكات جسيمة وخروقات عديدة، تمثلت في الاستهداف اليومي لأبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة؛ حيث بلغ عدد الشهداء أكثر من 150 .

العالم يدين قرار العدو الإسرائيلي

مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك، شدد على ضرورة استئناف تسليم المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة في أقرب وقت. وأوضح تورك في تقريره العالمي الذي قدمه لمجلس حقوق الإنسان، أن “الاعتداءات الإسرائيلية أدت إلى تمزيق النسيج الاجتماعي والمادي” في القطاع.
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش -في كلمة له خلال مشاركته في القمة العربية، المنعقدة في القاهرة- دعا لإنهاء الأزمة الإنسانية في قطاع غزة، وطالب بإزالة العقبات التي تعرقل تدفق المساعدات الإنسانية ووصولها للمدنيين في قطاع غزة، مؤكدا أن ذلك أمر لا يخضع للمفاوضات.
كما أعربت بريطانيا وفرنسا وألمانيا عن قلقها العميق إزاء إيقاف “إسرائيل” دخول المساعدات والسلع إلى قطاع غزة، وطالبتها بالتراجع عن هذه الخطوة وبالانخراط مع الأطراف الأخرى في التفاوض على المراحل التالية من اتفاق وقف إطلاق النار. وقال وزراء خارجية الدول الثلاث في بيان مشترك (5 مارس) إن “وقف إدخال السلع والمساعدات إلى قطاع غزة، كما أعلنت عنه الحكومة الإسرائيلية، قد يشكل انتهاكا للقانون الدولي الإنساني”. وأكدوا أنه “يجب ألا تكون المساعدات الإنسانية مشروطة بوقف إطلاق النار، وألا تستخدم أداة سياسية”.
الاتحاد الأوروبي أصدر بيانا أكد فيه أن قرار العدو الإسرائيلي بمنع دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة “قد يؤدي إلى عواقب إنسانية”. وأعرب الاتحاد الأوروبي عن “الدعم القوي” للدول الوسيطة في مفاوضات وقف إطلاق النار بقطاع غزة، داعيًا إلى “استئناف سريع” لمفاوضات المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار والحرب على غزة.
أما المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان عبر عن بالغ قلقه (3مارس) إزاء قرار العدو الإسرائيلي قطع كامل المساعدات الإنسانية عن قطاع غزة حتى إشعار آخر، في تصعيد خطير يفاقم الكارثة الإنسانية ويكرّس التجويع كأداة إبادة جماعية، تزامنًا مع تصاعد التصريحات التحريضية لمسؤولين إسرائيليين ضد السكان الفلسطينيين هناك، ما يعكس النية المتعمدة لاستمرار هذه الجريمة عبر حرمانهم من المقومات الأساسية للحياة، وفرض ظروف معيشية تؤدي إلى دمارهم الفعلي.
وأوضح أنّ “إسرائيل لا تكتفي باستخدام المساعدات كورقة تفاوضية لتحقيق مكاسب سياسية أو عسكرية، بل تنفذ بشكل متعمد سياسة تجويع منهجية، في محاولة لخلق ظروف معيشية قاتلة تجعل بقاء السكان في غزة مستحيلاً”.
وقال المرصد الأورومتوسطي إنّ “إعلان إسرائيل المتكرر عن تنسيقها الكامل مع الإدارة الأمريكية الحالية، التي أعلنت صراحة نيتها تهجير سكان قطاع غزة بالكامل، يؤكدّ أن جرائم التجويع وقطع المساعدات الإنسانية ليست مجرد أدوات ضغط تفاوضي أو ممارسات معزولة، بل جزء من مخطط مدروس يتماشى مع التوجه الأميركي لفرض التهجير القسري وتفريغ القطاع من سكانه”.
منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف”، قالت إن القيود الأخيرة على إدخال المساعدات إلى قطاع غزة تزيد من مأساة المدنيين بشكل ينبئ بكارثة إنسانية غير مسبوقة. وأكدت “يونيسف”، في بيان لها، (5مارس) أن منع دخول مواد الإغاثة لقطاع غزة -بما فيها اللقاحات وأجهزة التنفس- ستكون له عواقب وخيمة على الأطفال. وبينت المنظمة أنه إذا لم تتمكن من إدخال الإمدادات الطبية إلى قطاع غزة فإن التطعيم الروتيني سيتوقف تماما.

برنامج الأغذية العالمي، من جهته قال إنّ استمرار فرض القيود على دخول الإمدادات الغذائية والإغاثية إلى غزة سيؤدي لكارثة محققة على صعيد الأمن الغذائي، محذرا من أنّ المخزون المتوفر في القطاع لا يكفي لفترة طويلة.
وشددت المتحدثة الإقليمية باسم البرنامج عبير عطيفة، على ضرورة ضمان دخول منتظم لشاحنات الغذاء والمستلزمات الأساسية، والوقود اللازم لتشغيل المستشفيات والمخابز ومحطات تحلية المياه. وأشارت في تصريح لوكالة “سند” إلى أنّ أكثر من 80% من سكان قطاع غزة يعتمدون على المساعدات الإغاثية الدولية، بينما يواجه 1.2 مليون إنسان حالة انعدام غذائي حادة، أي أنهم غير قادرين على تأمين احتياجاتهم الأساسية من الغذاء.
من جانبها، أدانت منظمة “أوكسفام” قرار العدو الإسرائيلي إغلاق معبر كرم أبو سالم أمام إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة. وقالت المنظمة البريطانية، في بيان عبر منصة “إكس” ، إن الخطوة الإسرائيلية تأتي مع بداية شهر رمضان في عمل متهور يمثل عقاباً جماعيا محظوراً بموجب القانون الإنساني الدولي.
في حين أدانت منظمة “أطباء بلا حدود” عبر منصة “إكس” قرار العدو، وقالت إنه “لا يجوز أبدا استخدام المساعدات الإنسانية أداة من أدوات الحرب”. وشددت على أن الفلسطينيين في غزة “ما زالوا بحاجة ماسة وعاجلة إلى زيادة كبيرة في الإمدادات الإنسانية”.
المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” فيليب لازاريني، حذر من أن استمرار سلطات العدو الإسرائيلي بوقف إدخال المساعدات إلى غزة يهدد حياة المدنيين المنهكين بعد 16 شهرًا من حرب الإبادة. وأكد لازاريني في منشور على منصة “إكس” (4 مارس)، على ضرورة أن تستمر المساعدات الإنسانية بالتدفق “على نطاق مماثل لما شهدناه خلال الأسابيع الستة الماضية منذ بدء وقف إطلاق النار، حيث جلب ذلك بعضا من الراحة والإغاثة لمن هم في أمسّ الحاجة إليها”.

ترامب يتنصل عن اتفاق غزة

المطالبات الدولية لم تُجدِ نفعا في إحداث أي فارق في الموقف الإسرائيلي الأمريكي، بل اتجهت الأمور نحو التصعيد، حيث تنصل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب (5 مارس) من اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى الموقع بوساطة أمريكية، وطالب حركة حماس بإطلاق جميع الأسرى الإسرائيليين “فورا”.
وخاطب ترامب حماس في منشور على منصته الخاصة “تروث سوشال”، قائلا: ” شالوم حماس، وتعني مرحبا ووداعا، ويمكنك الاختيار، إما إطلاق سراح جميع الرهائن الآن، وليس لاحقا، وإعادة فورية لجميع جثث الأشخاص الذين قتلتهم، أو إن الأمر انتهى بالنسبة لك”. وأضاف: “نرسل لإسرائيل كل ما تحتاجه لإنهاء المهمة، ولن يكون هناك أي عضو في حماس آمنا إذا لم تنفذ ما أقول”. وتابع وعيده قائلا: “هذا هو التحذير الأخير..، وقد حان الوقت الآن لمغادرة غزة، بينما لا تزال لديكم فرصة”. وأردف بالقول: “أطلقوا سراح الرهائن الآن، وإلا سيكون هناك جحيم لاحقا”.

حماس ترد على ترامب

كان رد المقاومة الإسلامية حماس قويا، فقد أكد أبو عبيدة، المتحدث العسكري باسم كتائب القسام، أن ما لم يأخذه العدو الصهيوني بالحرب لن يأخذه بالتهديدات والحيل. وشدد أبو عبيدة في كلمة مصورة، أن أقصر الطرق هو إلزام العدو بما وقع عليه، وأن تهديدات العدو بالحرب لن تحقق سوى الخيبة له، ولن تؤدي للإفراج عن أسراه.
وقال: نحن في حالة جهوزية استعدادا لكل الاحتمالات، مشددا على أن أي تصعيد للعدوان على أهلنا سيؤدي لمقتل عدد من أسرى العدو.
وأضاف: تهديد العدو بالعودة للقتال لن يدفعنا إلا للعودة لكسر ما تبقى من هيبته، مؤكدا أن لدى المقاومة ما يؤلم العدو في أي مواجهة مقبلة، مشيرًا إلى أن تهديدات العدو علامة ضعف وانكسار وشعور بالمهانة ودليل على قوة المقاومة وشعبنا.
وقال أبو عبيدة: المقاومة التزمت أمام العالم وأمام الوسطاء ببنود اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى في غزة. منبها إلى أنه رغم كل محاولات العدو المراوغة، آثرنا ولا نزال، الالتزام بالاتفاق حقناً لدماء شعبنا ورغبة لسحب الذرائع.
وأضاف: التزمنا بالاتفاق احتراما لتعهدات الإخوة الوسطاء من الأشقاء، مشيرًا إلى أن العدو تنصل من الكثير من التزاماته التي هي حقوق أساسية لشعبنا. وأكد أن العدو مارس البلطجة والتسويف والعربدة، منبها إلى أن عقدة الإجرام والسادية تعشش في عقل المحتل في غزة ولبنان وسوريا وكل المنطقة.

وفد حماس في القاهرة

قالت الهيئة العامة للاستعلامات في مصر، في بيان، إنّ وفداً من حركة حماس وصل إلى القاهرة، 7 مارس ، لبحث إجراءات تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، ودفع المفاوضات للدخول في المرحلة الثانية من الاتفاق. وجاء في البيان: “مصر تجري اتصالات مكثفة مع كافة الأطراف لسرعة التوصل إلى المرحلة الثانية من التهدئة. اللقاءات المصرية المكثفة مع قيادات حماس والاتصالات مع الجانبين الأميركي والقطري تأتي لاستكمال اتفاق وقف إطلاق النار والدخول بالمرحلة الثانية منه”.
وفي الـ9 من مارس الجاري قالت حماس إن “وفدا برئاسة رئيس المجلس القيادي للحركة محمد درويش التقى -في القاهرة- رئيسَ جهاز المخابرات العامة المصرية اللواء حسن رشاد، حيث جرى بحث العديد من القضايا المهمة بروح إيجابية ومسؤولية، خاصة مجريات تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى في مراحله المختلفة”.
وأضاف البيان أن وفد حماس شدد على ضرورة الالتزام بكل بنود الاتفاق، والذهاب الفوري لبدء مفاوضات المرحلة الثانية، وفتح المعابر وإعادة دخول المواد الإغاثية إلى القطاع دون قيد أو شرط.كما أكد الوفد موافقة حماس على تشكيل لجنة الإسناد المجتمعي من شخصيات وطنية مستقلة لإدارة قطاع غزة إلى حين استكمال ترتيب البيت الفلسطيني وإجراء الانتخابات العامة في كل مستوياتها الوطنية والرئاسية والتشريعية.

لقاء أمريكي مع حماس

في التاسع من مارس الجاري أكد “مبعوث الرئيس الأمريكي لشؤون الرهائن” آدم بولر، ، أن الاجتماعات الأمريكية مع حركة حماس “بشأن إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين في غزة كانت مفيدة جدا”. وقال بولر في مقابلة مع وكالة (سي.إن.إن) إنه يعتقد أن شيئا ما قد يتم التوصل إليه بشأن غزة في غضون أسابيع، دون أن يذكر تفاصيل.
وقد أكدت حماس إجراء اللقاء، والذي يأتي في إطار العزم على انتزاع حقوق الشعب الفلسطيني. إلا أن كل الجهود المبذولة باءت بالفشل. ففي الـ10 من مارس أكدت حماس في بيان أن رئيس “حكومة” العدو بنيامين نتنياهو يعرقل تنفيذ الاتفاق لأسباب شخصية وحزبية محضة، وآخر ما يهمه الإفراج عن الأسرى، ومشاعر عائلاتهم.
وشددت على التزامها الكامل باتفاق وقف إطلاق النار، وتنفيذ ما تم الاتفاق عليه. وأعلنت استعدادها للشروع فوراً بمفاوضات المرحلة الثانية. وأشارت حماس إلى أن العدو يواصل الانقلاب على الاتفاق، ويرفض البدء بالمرحلة الثانية، ما يكشف نواياه في التهرب والمماطلة.
كما أكدت رفضها محاولات الضغط عليها، في حين يُترك العدو دون مُساءلة رغم تنصله من التزاماته.

الجوع يعم غزة

مع تفاقم الأوضاع الإنسانية في غزة صدرت العديد من البيانات خلال الأيام الثلاثة الماضية، والتي تؤكد على ضرورة فتح معابر غزة، حيث دعا المتحدث باسم مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، ثمين الخيطان، المجتمع الدولي إلى عدم السماح بانتشار الجوع مرة أخرى في قطاع غزة. وقال الخيطان في تصريح صحفي 10مارس، إن منع سلطات العدو الإسرائيلي دخول جميع المساعدات الإنسانية إلى غزة، أمر يتنافى مع مسؤولياتها تجاه القانون الدولي.
من جانبه حذر المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني من خطر العودة إلى أزمة الجوع في قطاع غزة، نتيجة إغلاق العدو الإسرائيلي المعابر ومنع إدخال المساعدات.
وقال المفوض العام – خلال مؤتمر صحفي في جنيف10 مارس: “نواجه خطر العودة إلى أزمة الجوع في قطاع غزة إذا استمر حظر إسرائيل للمساعدات”. وأضاف لازاريني أن “إسرائيل ترفض تسهيل دخول وخروج الأفراد من معبر كرم أبو سالم”. وأشار إلى أن هناك جهودا في “إسرائيل” لإسكات المنظمات الداعمة للفلسطينيين.
من جهتها، حذرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر من تفاقم الأزمة الإنسانية بغزة، مؤكدة أن المساعدات شحيحة مقارنة بالاحتياجات الهائلة. وقالت اللجنة: إن تعليق المساعدات ووقف إمدادات الكهرباء لمحطة تحلية المياه بغزة يهددان بأزمة إنسانية. وطالبت “إسرائيل” بضمان تلبية الاحتياجات الأساسية لسكان غزة والسماح بمرور المساعدات.
كما حذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، من أن النقص الحاد في المياه في قطاع غزة وصل إلى مستويات حرجة، إذ لا يستطيع سوى واحد من كل 10 أشخاص حاليا الوصول إلى مياه الشرب الآمنة، أي ما مجمله 90% من السكان.
وقالت مسؤولة (يونيسف) في غزة، روزاليا بولين، على الموقع الإلكتروني للمنظمة، إن 600 ألف شخص استعادوا الحصول على مياه الشرب في نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، لكنها انقطعت عنهم مرة أخرى.
وتقدر وكالات الأمم المتحدة أن 1.8 مليون شخص أكثر من نصفهم من الأطفال يحتاجون بشكل عاجل إلى المياه والصرف الصحي والمساعدة الصحية، مؤكدة أن الوضع تدهور بشكل أكبر بعد قرار قطع الكهرباء عن القطاع، ما أدى إلى تعطيل عمليات تحلية المياه الحيوية.
وفي وقت سابق، دانت المقررة الأممية الخاصة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية فرانشيسكا ألبانيز قطع سلطات الاحتلال إمدادات الكهرباء عن قطاع غزة. وقالت في بيان نشرته على حسابها عبر منصة إكس: “إنذار بإبادة جماعية! إن قطع إسرائيل لإمدادات الكهرباء عن غزة يعني عدم وجود محطات تحلية مياه عاملة، وبالتالي عدم وجود مياه نظيفة”.
أما منظمة أطباء بلا حدود فأدانت بأشد العبارات الحصار الذي تفرضه “إسرائيل” على قطاع غزة، والذي يحرم السكان من الخدمات الأساسية والإمدادات الحيوية، بما في ذلك الحصول على المياه، بقطعها إمدادات الكهرباء في التاسع من مارس/آذار. وقالت المنظمة إن السلطات الإسرائيلية جعلت الاحتياجات الإنسانية ورقة مساومة، مثل قطع إمدادات الكهرباء عن القطاع ومنع دخول جميع المساعدات. وطالبت بوقف هذه السياسة على الفور، والتي ترقى إلى مستوى العقاب الجماعي.
كما قال المقرر الأممي الخاص المعني بالحق في الغذاء، مايكل فخري، 12 مارس، إن “حرمان إسرائيل الفلسطينيين من المساعدات الإنسانية يعد استكمالا لجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية”. وأضاف فخري أن “النظامين الاقتصادي والقانوني الإسرائيليَين مصممان لضم فلسطين”.

1300 خرق

المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، أكد (12مارس) أن العدو الإسرائيلي لم يلتزم ببنود اتفاق وقف إطلاق النار في غزة منذ اليوم الأول لسريانه، حيث رصد أكثر من 1300 خرق تسببت باستشهاد العشرات.
وبين الإعلامي الحكومي، في بيان مقتضب، أنه ومنذ صباح الـ19 من يناير الماضي، حين وُقّع اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، يمارس الاحتلال الإسرائيلي شتى أشكال الخروقات للاتفاق، تحت مبررات وذرائع مختلفة. وارتكب جيش الاحتلال 1300 خرقًا للاتفاق، بما يشمل قتل 112 فلسطينيا، وإصابة 490، عدا عن عمليات قصف جوي وتجريف أراض وهدم منازل وتوغل دبابات.
وبرزت أخطر خروقات العدو للاتفاق، في عدم التزامه بالبروتوكول الإنساني، في نية إسرائيلية مبيتة لتقويض تعافي قطاع غزة، وإبقاء الأوضاع الكارثية وإعاقة عملية إعادة الإعمار. وقتل العدو 112 فلسطينيا، 32 منهم ارتقوا أول ساعتين من بدء سريان الاتفاق، وأصيب نحو 490 آخرين.
وسجلت منذ توقيع الاتفاق، 77 عملية إطلاق نار، و45 عملية توغل للآليات، و37 عملية قصف واستهداف، و 210 حالة لتحليق الطيران.

 

  • نقلا عن موقع أنصار الله

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com