مقالات

غزة لن تموت جوعًا

دينا الرميمة

أثبتت الحرب على غزة مدى استماتة أمريكا والغرب في تثبيت دعائم الكيان الصهيوني في المنطقة خدمة لمشاريعهم الاستعمارية، اتضح ذلك من خلال دعمهم السياسي والعسكري لهذه الحرب، التي أكّـدت أن الغرض منها ليس ما ادعاه الكيان “استعادة الرهائن” إنما لاحتلال غزة والقضاء على مقاومتها وبتأكيد تصريحات بعض وزرائهم الداعية للاستيطان، حتى أن البعض أباح استخدام القنبلة النووية لتحقيق ذلك.

جاء فيما بعد ترامب ليحقّقه لهم عبر خطة التهجير تحت ذريعة الإعمار وأن غزة لم تعد بيئة مناسبة للحياة، ولقت خطته ترحيباً كَبيرًا من قبل الصهاينة بعد فشلهم في ذلك بالحرب والحصار.

ومع أن ترامب حاول فرض خطته بلغة الترهيب والترغيب لكلٍّ من سكان غزة ومصر والأردن إلا أنها قوبلت بالرفض، مؤكّـدين أن الإعمار سيتم دون تهجير بحسب خطة قدمتها مصر في القمة العربية التي عقدت في القاهرة وتم التوافق عليها من قبل المجتمعين مؤكّـدين على ضرورة تشكيل لجنة مدنية لإدارة شؤون غزة تمهيدًا لإدخَالها تحت حكم السلطة الفلسطينية، وهذا ما آثار الشكوك حول خطة مصر بأنها ستسعى لإرضاء ترامب عبر خطتها بالقضاء على حماس وسلبها سلاحها!!

أمرٌ رَدَّ عليه القيادي في حركة حماس أسامة حمدان، بأن ذلك لن يكون طالما أن المقاومة خرجت منتصرة وأن المقاومة لن تدفع ثمن هزيمة الصهاينة، وأكّـد أن من سيعمل وكيلًا لـ “إسرائيل” فالمقاومة ستتعامل معه كتعاملها مع “إسرائيل”..

والسؤال الذي يطرح نفسه هل سيثبت العرب على لاءاتهم الرافضة للتهجير، لا سِـيَّـما وقد تأكّـد لديهم نوايا أمريكا و”إسرائيل” لتوسيع مساحة “إسرائيل” ليس فقط بغزة والضفة إنما سيمتد لأجزاء من مصر والأردن وسوريا ولبنان لتشكيل دولة “إسرائيل” الكبرى من النيل إلى الفرات، وهذا ما حذر منه قادة المحور بدءًا من الإمام الخميني الذي بثورته أخرج إيران من تحت الوصاية الأمريكية ورفض الاعتراف بـ “إسرائيل” وأحيا القضية الفلسطينية؛ ما جَعَلَ بُوصلة عداء الغرب والعرب تتجه نحو إيران.

ومن ثم جاء السيد حسين بدر الدين الحوثي، بمشروعه القرآني الذي فضح مخطّطات أمريكا مع الصهاينة للاستيلاء على المنطقة وأعاد لقضية فلسطين زخمها وحضورها؛ ما جَعَلَ أسهم العداء تتوجّـه نحوه ودفع حياته ثمنًا لمشروعه القرآني، ثم جاء من بعده السيد عبدالملك الحوثي، الذي واصل مشروع السيد حسين واستطاع أن ينتزع سيادة اليمن من يد أمريكا؛ ما جَعَلَها تشن عليها حربًا بتنفيذ وتمويل عربي، قادها اليمنيون بحنكة وتَحَــدٍّ حتى النصر، وخلال سنوات الحرب كانت فلسطين حاضرة في قلوب اليمنيين وقائدهم مؤكّـدين أن الحرب لن تنتهي إلا على أرض فلسطين، وهو أمرٌ جسدوه فعلًا بانضمامهم لمعركة طوفان الأقصى، وكان تأثير عملياتهم قوياً على مجريات الحرب في غزة وعلى الداعمين لها؛ ما جَعَلَ الكيان يرضخ للمفاوضات لإنهاء الحرب والحصار مقابل استعادة الرهائن!! وهذا اعتراف كبير بهزيمة الصهاينة التي لا تزال تمني نفسها بالنصر عبر العودة للحرب، ولذلك لم تلتزم ببنود الاتّفاق، لا سيَّما في أمر السماح للمساعدات بالدخول لغزة.

أمرٌ رفضته المقاومة؛ ما جَعَلَ حكومة الكيان توقف مسار المفاوضات وتعيد فرض الحصار الكامل على غزة غير مكترثة بما تمناه ودعا إليه المجتمعون بالقمة.

حتى جاءهم السيد عبدالملك الحوثي، بخطاب استثنائي متلفز في السابع من رمضان ليعطي مهلة أربعة أَيَّـام للكيان لإدخَال المساعدات وإنهاء الحصار على غزة وإلا فاليمن ستعاود فرض حصارها البحري على الكيان، محذراً من أن غزة لن تموت جوعاً، مؤكّـدًا أن القوات المسلحة على أهبة الاستعداد للعودة للمعركة؛ ما جَعَلَ حكومة الكيان تعود لطاولة المفاوضات خائفة تترقب نفاد المهلة.

فمن مصلحتهم أن يأخذوا تهديد اليمن على محمل الجد؛ فقائدها إذَا قال فعل، وليس كَمَن يتمنى أَو يصدر بيانات خجولة.

الوقت ينفد وغزة تنتظر ما يسد رمقها، نتمنى أن يصلها دون الاضطرار لاستخدام القوة التي ستدخل حيز التنفيذ حال انتهاء المهلة، وعلى الباغي تدور الدوائر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com