العرض في السلايدرتقارير

الإجرام التكفيري في الساحل السوري .. الوجه الآخر للصهيونية

الإجرام التكفيري في الساحل السوري .. الوجه الآخر للصهيونية

 

21 سبتمبر | تقرير

لم تستطع الدول الداعمة للعناصر التكفيرية طمس الحقائق بالرغم من عملها المكثف على إيصال تلك العناصر للسلطة في سوريا وشرعتنها دوليا بالرغم من المجازر الوحشية التي ارتكبتها بحق الشعب السوري طيلة السنوات الماضية، إلا أن تلك العناصر لم تصمد طويلا حتى خلعت القناع عن وجهها وقامت بالهجوم على المواطنين السوريين العزل من السلاح في الساحل السوري والقيام بإبادة جماعية وحشية في حقهم متدرعين بحجة محاربة فلول النظام السابق.

مشاهد الموت التي جابت القرى والمدن الساحلية كانت تنبض بالدماء، حيث تم إعدام عائلات بأكملها دون تمييز، في عملية ممنهجة تهدف إلى محو الوجود البشري في مناطق بأكملها. لم تقتصر هذه الإعدامات الوحشية على الرجال فقط، بل شملت النساء والأطفال، حيث كان يُنقض على الأبرياء بلا رحمة، وتُدمر بيوتهم وحياتهم في مشهد مروع لا يمكن تصوره إلا في أفلام الرعب.

آلاف القتلى
وبالرغم من صدور العديد من الاحصائيات التي تؤكد مقتل وجرح آلاف المدنيين فقد أكد مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان أنه ومع إعلان انتهاء العملية العسكرية للعناصر التكفيرية في الساحل السوري فإن العمليات انتهت بنحو 40 مجزرة وثّقها المرصد. لافتا إلى أنه يتم تحريف الحقائق في هذه المرحلة عبر الماكينة الإعلامية.. خاصة بعد أن تجاوز عدد القتلى 1000 مدني. موضحا أنه يجري الآن عمليات إزالة الأدلة عبر غسل الشوارع والمباني ونقل الجثامين في محاولة لطمس الحقيقة بينما لجنة التحقيق مرّت مرور الكرام في بعض المناطق بالساحل.

ووثق المرصد السوري لحقوق الإنسان استشهاد 973 مواطنا في محافظتي اللاذقية وطرطوس، نتيجة عمليات التصفية، من ضمنهم مواطنين من طوائف غير العلوية. وجاءت محافظة اللاذقية في المرتبة الأولى، ثم طرطوس، ثم حماة وأخيرا حمص. لافتا إلى أن هذه الجرائم تأتي في سياق عمليات انتقامية واسعة تستهدف أبناء الطائفة العلوية، وسط استمرار القتل الجماعي وحرق المنازل والتهجير القسري، في ظل غياب أي تدخل دولي لوقف هذه المجازر.

وفي الـ7 من مارس وثق المرصد استشهاد 62 مواطنا في طرطوس و98 في اللاذقية وفي الـ8 من الشهر وثق استشهاد 228 مواطنا في اللاذقية و55 في طرطوس و79 في حماة و5 في حمص، وفي الـ9 من مارس وثق استشهاد 103 في طرطوس و194 في اللاذقية و6 في حماة فيما وقف في الـ10 من الشهر 26 شهيدا في اللاذقية و42 في طرطوس و71 في حماة

ونشرت مواقع التواصل الاجتماعي وخاصة منصة x مقاطع فيديو مرعبة لما حدث في مدن الساحل السوري، من إبادة وتطهير عرقي طالت المدنيين العزل من السلاح، بطرق وحشية قل نظيرها بالعالم، ومن بين المشاهد المؤلمة العثور على جثث أربعة اطفال، تم قتلهم بطرق وحشية، تم شق بطونهم وصدورهم.
ما وقع في خلال الأيام الماضية ليس مجرد تصعيد أمني عادي أو تجاوزات فردية كما تحاول العناصر التكفيرية ترويجه، بل هو إبادة جماعية تمت بحسابات سياسية وطائفية، الإعدامات الجماعية تؤكد أن هذا الهجوم هو جزء من سياسة طائفية ممنهجة. هذا الاعتداء الدموي عقاب جماعي موجه ضد مكون اجتماعي كامل، وخاصة في المناطق ذات الأغلبية العلوية، حيث تم استهدافها من خلال عمليات قتل جماعية شملت جميع الفئات العمرية.

كما أن هذه المجازر تتزامن مع تدهور غير مسبوق في الأوضاع الإنسانية. في ريفي اللاذقية وطرطوس، حيث يعاني المواطنون من انقطاع الكهرباء والمياه والاتصالات بشكل كامل، توقفت الأفران والأسواق عن العمل، مما جعل حياة السكان المدنيين أكثر قسوة في ظل حصار مفروض عليهم من قبل حكومة التكفيريين. هذا الحصار الممنهج، الذي يشمل حظر توفير الاحتياجات الأساسية، يشكل جزءًا من سياسة التجويع والتركيع التي تعتمدها العناصر التكفيرية كأداة ضغط ضد المواطنين المدنيين. الوضع الإنساني في هذه المناطق بلغ حدًا كارثيًا، حيث أصبحت المستشفيات والمراكز الصحية غير قادرة على استيعاب المصابين، في وقتٍ لم تعد فيه أي جهة قادرة على تقديم الحماية أو الردع ضد آلة القتل المنفلتة التي تستخدمها العناصر التكفيرية ضد المدنيين.

جرس انذار
مع كُـلّ جريمة ترتكبها التنظيمات التكفيرية ، تتضح أكثر صورة الكارثة التي يعيشها العالم العربي في مواجهة هذا الوحش الذي يلتهم كُـلّ ما يقف في طريقه. في واقع الحال، لا يسعى التكفيريون لتحقيق أهداف دينية أَو سياسية كما يروج البعض، بل هم مُجَـرّد أدَاة لتمزيق المجتمعات وزرع الفوضى، ولا يمكن تجاهل حقيقة أنهم تنظيم وجد وجرى تسليحه وتمويله لخدمة أهداف مشبوهة، تابعة لمشاريع استعمارية تهدف إلى إضعاف الأُمَّــة العربية والإسلامية من الداخل.

إن العناصر التكفيرية لا تتحَرّك بمفردها، بل هي جزء من مشروع أكبر يمتد على طول المنطقة العربية، منذ بداياته في العراق ثم في سوريا، كان الهدف الأبرز هو تفكيك الدولة وتدمير المجتمعات من الداخل، عبر نشر الفوضى والصراعات الطائفية، هذه المجازر التي شهدها الساحل السوري، حَيثُ تم قتل وتشريد الآلاف من الأبرياء، كانت جزءًا من هذا المخطّط المدمّـر.

وبالرغم من كُـلّ ما يقال عن هذه الجماعات المتطرفة، فإن الحقيقة التي لا يمكن إنكارها هي أن العناصر التكفيرية مُجَـرّد أدوات وظيفية في يد القوى الكبرى التي تسعى لإعادة رسم الخريطة السياسية في المنطقة العربية بما يتناسب مع مصالحها.

ومن المؤكّـد أن هذه المشاريع، التي تغذيها القوى الغربية، لا تقتصر على سوريا والعراق فقط، بل تمتد لتشمل بلدانا أُخرى مثل اليمن، التي تعرضت بدورها لتحديات مشابهة في مواجهة مخطّطات التفكيك والتدمير، في اليمن، كانت هناك محاولات من قبل نفس القوى للعب على وتر الفوضى، وكان الاستهداف واضحًا؛ إضعاف الدولة اليمنية وتفكيك المجتمع، ومن هنا، فإن التهديد الذي تواجهه اليمن ليس مُجَـرّد تهديد عسكري أَو أمني، بل هو تهديد وجودي يهدف إلى تقويض كُـلّ ما يمكن أن يعزز السيادة الوطنية والهوية المستقلة.

لا يمكن التغاضي عن حقيقة أن كُـلّ مشروع تقوده هذه القوى الكبرى يهدف إلى استبدال النظام السياسي المستقر بأي شكل من أشكال الفوضى المدمّـرة.

ومن يعتقد أن الاستسلام أَو الخضوع للضغط الخارجي قد يحل الأزمة، فإنه يعيد تكرار نفس الخطأ الذي وقع فيه الكثير من الدول العربية التي فقدت سيادتها واستقلالها تحت وطأة هذه المشاريع، لذلك، لا بد من الوقوف بصلابة ضد هذه المخطّطات ومواصلة العمل على تعزيز الاستقلال السياسي والاقتصادي.

مجازر الساحل السوري تمثل رسالة واضحة لمن يرفض الحقيقة، فالنظام الذي يتحَرّك اليوم في المنطقة لا يعنيه سوى استمرار الهيمنة والتسلط على المجتمعات الضعيفة، في هذا الصراع المصيري، الأمة اليوم أمام اختيار صعب، إما أن تواصل مقاومة هؤلاء الوحوش؛ مِن أجلِ السيادة والاستقلال، وإما أن تغرق في الفوضى التي تزرعُها هذه المشاريع الاستعمارية.

لا مجال للغفلة أَو الهروب من الواقع، فكل لحظة تردّد قد تكلف الأُمَّــة الكثير، من لم يدرك بعد أن العناصر التكفيرية أدوات استعمارية تعمل لخدمة أهداف غربية هو في غفلة خطيرة، وعلى كُـلّ من يعتقد أن القوى التي صنعت هذا الإرهاب ستأتي اليوم لتقدم حلولًا أن يعيد النظر في دروس التاريخ، المواجهة الحقيقية ليست مع جماعات متطرفة فحسب، بل مع المشروع الذي يقف خلفها ويدعمها ويوفر لها كُـلّ أسباب الاستمرار.

المصدر : موقع أنصار الله

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com