السيد القائد الحوثي: نشأ نبي الله إبراهيم في جنوب العراق وسط انحراف مرتكزاً على حماية رسمية من السلطة

أوضح السيد القائد عبداللمك بن بدر الدين الحوثي أن نبي الله إبراهيم عليه السلام نشأ في جنوب العراق، وسط ذلك المجتمع الذي قد وصل به الانحراف إلى ذلك المستوى، فهو مجتمع متشبث بذلك الباطل، وباطلٌ وضلالٌ كبيرٌ قد أصبح مرتكزاً على حماية رسمية من السلطة، وحماية اجتماعية من نفوذ الأشخاص الذين ارتبطوا بمصالح في ذلك الوضع، وأيضاً بالخرافات والأساطير التي قد أثّرت على الكثير من الناس، فارتبطوا بالأصنام من ظروف حياتهم: في طلب النفع، في طلب دفع الضر، في طلب الشفاء، في طلب الرزق، في طلب البركات، من خلال تلك الطقوس التي يقدِّمونها.
وأضاف السيد القائد خلال محاضرته الرمضانية الثالثة التي ألقاها مساء اليوم 3 رمضان 1446هـ الموافق 3 مارس 2025م: عندما نشأ نبي الله إبراهيم عليه السلام، نشأته كنشأة بقية الأنبياء والرسل، ينشؤون موحِّدين لله تعالى، هذه قضية أساسية، هذا مبدأٌ أساسيٌ، لم يكن هناك أبداً أي رسولٍ أو نبيٍ من أنبياء الله كان قبل رسالته قد اتَّجه في حالة شرك، أو انحرف هذا الانحراف، بل إنَّ الأنبياء والرسل منزَّهون عن غير ذلك أيضاً: عن الجرائم، عن المفاسد، عن… ما قبل رسالتهم، ما قبل بعثتهم، هم ينشؤون في إطار عناية ورعاية إلهية، كما قال الله عن نبي موسى: {وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي} [طه:41]، ينشؤون بسجلٍ نظيف على المستوى الأخلاقي والسلوكي، ينشؤون بقيم راقية، بمكارم الأخلاق، وينشؤون موحِّدين لله سبحانه وتعالى، ومتميِّزين بما هم عليه من توحيدٍ، ومن مكارم الأخلاق، ومن اتِّجاه صحيح، وانشدادٍ إلى الله تعالى، ليسوا متلوثين بما تلوث به المجتمع، لا من الناحية العقائدية بما فيه من باطل وضلال رهيب، ولا من الناحية السلوكية والعملية، فهذه نقطة مهمة جداً، هي أساسٌ في فهمنا لما سيأتي من هذه الدروس عن نبي الله إبراهيم عليه السلام.
وقال السيد القائد: تلك الحالة حالة وصلت إلى محيطه الأسري، حالة الانحراف والشرك، وصلت إلى محيطه الأسري، يعني: حالة مسيطرة على المجتمع من حوله؛ ولذلك هو يعاني من الغربة في التصدي لتلك الحالة، ومواجهة تلك الحالة، يعاني من الغربة؛ لأن محيطه حتى على المستوى الأسري متأثر بتلك الحالة، ولهذا نجد في القرآن الكريم في عدة مواضع، ما يذكره الله سبحانه وتعالى عن مشكلة إبراهيم مع أبيه، في مثل قول الله تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً} [الأنعام:74]، نجد ذلك أيضاً في سورة مريم، في سورة الأنبياء أيضاً، كيف يتحدَّث مع والده، مع أبيه عن هذا الموضوع.
وقال السيد القائد: أن المفسِّرون والمؤرخون اختلفوا: هل آزر والد النبي إبراهيم عليه السلام عندما يقول الله في القرآن: {لِأَبِيهِ}، {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ}، أم أنه يحكي عن عمه؛ لأن العم أيضاً قد يقال له أب، كما في قصة إبراهيم وإسماعيل ويعقوب، عندما حضر يعقوب الموت، {قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ} [البقرة:133]، فذكروا إسماعيل من آبائه، مع أنه عم يعقوب، عم نبي الله يعقوب، لكن حسبوه تحت هذا الاسم، وهذا واردٌ في الاستعمال العربي عند العرب، يقال عن العم أيضاً أب، لكن والد تختص بالأب الذي ولدك، على كلٍ هذا رأي الكثير من المفسرين، أنَّ هذا عمه، والبعض يقولون: [بل أبوه]، والده.
وأضاف السيد القائد: الخلاصة أنَّ هذه الإشكالية وصلت إلى محيطه الأسري، إلى داخل الأسرة، وواجه هذه الإشكالية حتى في داخل الأسرة، وسنجد كيف كان حجم هذه الإشكالية، وكيف كان حجم تأثيرها، في قصة نبي الله إبراهيم عليه السلام.