الجدل حول تحديث الجيش المصري وتصعيد التوترات الإقليمية… إشارات إلى أزمة محتملة في الشرق الأوسط
![](https://www.21sep.net/wp-content/uploads/2025/02/66-1.jpg)
شهدت الساحة السياسية والإعلامية في الأيام الأخيرة تصعيدًا ملحوظًا على خلفية تصريحات مندوب “إسرائيل” في الأمم المتحدة، داني دانون، التي شكك فيها في الحاجة الماسة لمصر لتحديث جيشها رغم عدم وجود تهديدات أمنية مباشرة على حدودها.
هذا التصريح أثار ردود فعل غاضبة في الأوساط المصرية، ولا سيما من قبل مندوب مصر في الأمم المتحدة، أسامة عبد الخالق، الذي أكد أن مصر كدولة قوية ومؤثرة في المنطقة تحتاج إلى قوة عسكرية قادرة على الدفاع عن أمنها القومي.
التصريحات الإسرائيلية لم تكن بمعزل عن السياق الإقليمي المتوتر، حيث تزامنت مع تصاعد الجدل حول قضايا حساسة، مثل قضية الفلسطينيين والتهديدات المرتبطة بالتهجير القسري، في هذا التحليل، نسلط الضوء على هذه التطورات وكيفية تأثيرها على الوضع الإقليمي والمستقبل المحتمل للعلاقات العربية-الإسرائيلية.
ففي حادثة لاقت اهتمامًا واسعًا، أطلق مندوب “إسرائيل” في الأمم المتحدة، داني دانون، تصريحات عبر وسائل الإعلام الإسرائيلية تساءل فيها عن أسباب تحديث الجيش المصري، رغم غياب التهديدات العسكرية المباشرة على حدودها.
دانون أشار إلى أن مصر تنفق مئات الملايين من الدولارات سنويًا على تسليح جيشها، من غواصات ودبابات وغيرها من المعدات العسكرية المتطورة، هذا التصريح أثار العديد من التساؤلات وأدى إلى موجة من الردود الرسمية والشعبية في مصر.
وفي رده، أشار مندوب مصر في الأمم المتحدة، أسامة عبد الخالق، إلى أن التصريحات الإسرائيلية لا تمثل موقفًا رسميًا ولن يتم الرد عليها إلا في حال كان التصريح قد صدر في سياق رسمي، ومع ذلك، أكد عبد الخالق أن الدول القوية، مثل مصر، تلزمها جيوش قادرة على الدفاع عن الأمن القومي وحمايته، مشيرًا إلى أن الردع العسكري وتوازن القوى هما الضمان لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة والعالم.
إن هذه التصريحات، على الرغم من كونها تبدو من قبيل الدبلوماسية السياسية، تكشف عن أزمة متفاقمة بين الجانبين، حيث إن التقارب المصري في الدور الوسيط بين “إسرائيل” والفلسطينيين قد خلق نوعًا من الفجوة في الثقة بين الطرفين، كما أن حديث دانون عن زيادة القوة العسكرية المصرية يتزامن مع تصاعد الرفض العربي لمقترحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن تهجير الفلسطينيين إلى دول عربية مجاورة، وهو ما يعكس حالة من التوتر السياسي والديبلوماسي في المنطقة، فقد ترفض الدول العربية بشكل قاطع أي مقترحات تتعلق بنقل الفلسطينيين إلى دول أخرى، مؤكدين أن الحل الوحيد للأزمة الفلسطينية هو إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967.
في الوقت نفسه، تبرز التقارير العسكرية التي تتحدث عن تطور الجيش المصري، حيث أظهرت أحدث تصنيفات موقع “غلوبال فاير باور” لعام 2025 أن الجيش المصري يحتل المرتبة الـ19 بين أقوى جيوش العالم، متفوقًا على العديد من الدول في المنطقة، وتشير هذه التقارير إلى أن الجيش المصري يمتلك مجموعة من المعدات العسكرية الحديثة، تشمل الطائرات الحربية من طراز “إف 16” و”رافال”، بالإضافة إلى أنظمة الدفاع الجوي المتطورة، كما يمتلك الجيش المصري أسطولًا بحريًا كبيرًا يشمل غواصات وسفناً حربية حديثة.
إن تعزيز القدرات العسكرية المصرية لا يقتصر على التأهب ضد أي تهديدات محددة، بل يشكل جزءًا من استراتيجية طويلة المدى لضمان الأمن القومي في ظل التحديات الإقليمية المستمرة، وقد أكدت تقارير إعلامية ودبلوماسية أن تحديث الجيش المصري يعكس تفاعل الدولة مع التهديدات الأمنية المستقبلية، بما في ذلك التهديدات التي قد تنشأ من السياسات الإسرائيلية وأي تصعيد محتمل في منطقة الشرق الأوسط.
ورغم الجدل حول هذا الموضوع، تظل مصر في قلب معركة دبلوماسية استراتيجية تهدف إلى حماية مصالحها الوطنية من خلال تعزيز قوتها العسكرية والسياسية، وبينما يزداد النقاش حول مستقبل العلاقات الإسرائيلية-المصرية، تظل السياسة المصرية قائمة على مبدأ الردع العسكري والاحتفاظ بتوازن القوى في المنطقة.
إن تصاعد التوترات بين مصر والكيان الصهيوني حول تحديث الجيش المصري يعكس حالة من عدم الثقة المتزايدة بين الجانبين في سياق متشابك من القضايا الإقليمية، وعلى الرغم من أن التصريحات الإسرائيلية قد تبدو وكأنها تساؤلات دبلوماسية، إلا أنها تسلط الضوء على المخاوف الأمنية الإسرائيلية من زيادة القوة العسكرية المصرية، وفي المقابل، يبقى الرد المصري واضحًا بأن تعزيز القدرات العسكرية هو خطوة ضرورية لحماية الأمن القومي في ظل بيئة إقليمية غير مستقرة.
وفي هذا السياق، تستمر مصر في تعزيز قوتها العسكرية، متجاهلة الضغوط الخارجية، وتضع في اعتبارات سياستها الأمنية ضرورة الردع العسكري كأداة للحفاظ على الاستقرار الإقليمي، ويبدو أن هذه المرحلة تمثل جزءًا من استعدادات مستقبلية لمواجهة أي تطورات قد تطرأ في المنطقة، ما يضع المنطقة العربية بأسرها أمام مرحلة جديدة من التحديات الجيوسياسية التي قد تؤثر بشكل كبير على موازين القوى في الشرق الأوسط.