اخبار دولية وعربيةالعرض في السلايدرتقارير

لماذا يسعى ترامب من الضغط على طالبان؟

عندما عاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض للمرة الثانية، بدا أن سياسته الخارجية هذه المرة تركز بشكل أكبر على الصين وأوكرانيا والشرق الأوسط، حيث أدى صمت ترامب بشأن أفغانستان في أيامه الأولى في البيت الأبيض إلى تكهن البعض بأن واشنطن لن تولي اهتماما كبيرا للقضايا الأفغانية خلال فترة ولاية ترامب الثانية.

من ناحية أخرى، كانت جماعة طالبان في أفغانستان، باعتبارها الجماعة الحاكمة، قد توصلت إلى اتفاق مع إدارة بايدن قبل أسابيع قليلة من تولي ترامب منصبه في واشنطن بشأن إطلاق سراح سجينين أمريكيين في كابول، لكن حكام طالبان أرجؤوا هذا التبادل حتى وصول دونالد ترامب إلى السلطة، كان هدف طالبان من إطلاق سراح السجناء الأمريكيين في عهد إدارة ترامب، على الرغم من الاتفاق السابق في عهد بايدن، هو إعطاء ترامب إشارة لإظهار استعداد طالبان للتعاون مع الحكومة الأمريكية الجديدة، لكن على عكس توقعات طالبان، كشر المسؤولون في واشنطن ووزير خارجية ترمب عن أنيابهم ولم يظهروا أي إشارات إيجابية لطالبان، حبث أدان وزير خارجية ترامب مارك روبيو حركة طالبان بعد إطلاق سراح سجينين أمريكيين، قائلا: إن طالبان لا تزال بحاجة إلى إطلاق سراح المزيد من الأمريكيين، بل أعلن عن إمكانية وجود مكافأة للقبض على زعيم طالبان، قائلا إن هذه المكافأة قد تكون أكبر حتى من مكافأة القبض على ابن لادن!

ماذا يريد ترامب من طالبان؟

ما تم الإعلان عنه حتى الآن من مواقف رسمية لترامب تجاه طالبان هو طلب إعادة الأسلحة والمعدات العسكرية الأمريكية إلى أفغانستان، قبل أسبوعين، دعا ترامب إلى إعادة معدات عسكرية بقيمة 7 مليارات دولار بقيت في أفغانستان بعد انسحاب القوات الأمريكية من البلاد، في حين لم ترد طالبان رسميًا على طلب ترامب حتى الآن، وقال بعض مسؤولي طالبان الذين لم يتم الكشف عن أسمائهم للجزيرة: إن المعدات العسكرية الأمريكية المتبقية في أفغانستان ضرورية لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية في ولاية خراسان، وهذا يعني أن طالبان لم تقرر حتى اليوم قبول طلب ترامب بإعادة المعدات العسكرية الأمريكية.

كما قطع ترامب المساعدات المالية عن أفغانستان بشكل كامل وحذر طالبان من أنه لن تكون هناك مساعدات مالية لأفغانستان إذا لم يعيدوا المعدات العسكرية.

رد طالبان الرسمي على ترامب: نحن لسنا أشرف غني

وفي رده على طلب الحكومة الأمريكية الجديدة من طالبان، أكد المتحدث باسم حكومة طالبان ذبيح الله مجاهد، ردا على تصريحات ترامب بشأن استعادة قاعدة باغرام والأسلحة المتبقية للبلاد في أفغانستان، أن “استعادة باغرام حلم وخيال، ويجب على الولايات المتحدة والهاربين من النظام السابق أيضا التخلص من هذا الخيال”، ورفض أيضا ادعاء ترامب بأن الصين تسيطر على قاعدة باغرام الجوية، وقال: “هذه القاعدة في أيدي قوات الإمارة الإسلامية، أفغانستان مستقلة ولن نعطي أراضينا لأي دولة، “باجرام تقع تحت سيطرة قواتنا، وليس الصين”، وبشأن إمكانية استعادة الأسلحة الأمريكية من طالبان، قال مجاهد أيضاً: “هذه الأسلحة أخذناها كغنائم وسنستخدمها للدفاع عن الاستقلال والنظام الإسلامي”.

وحذر المتحدث باسم حكومة طالبان إدارة ترامب على شبكة إكس: “لن نعطي أيًا من الأسلحة المتبقية من الولايات المتحدة لأي شخص، هذه غنيمة، وإذا أرادها أي شخص، فسنرد بنفس هذه الأسلحة نحن لسنا أشرف غني، سنفعل كل ما تطلبه”.

ما الذي يقلق ترامب؟

ويبدو أن مخاوف ترامب بشأن حكومة طالبان في أفغانستان تتجاوز بكثير قضية الأسلحة والمعدات العسكرية:

النفوذ الصيني: خلال السنوات القليلة الماضية، تمكنت الصين من توقيع العديد من اتفاقيات التعاون مع طالبان في إطار مبادرة الحزام والطريق، في الواقع، وفي غياب أمريكا، نجحت الحكومة الصينية في أن تصبح شريكاً موثوقاً به لطالبان، وهذا الوضع أشبه بالكابوس بالنسبة لأمريكا ترامب، في حين أن العديد من البلدان في جميع أنحاء العالم تتعامل مع طالبان باعتبارها نظامًا معزولًا، فقد وسعت الصين علاقاتها الدبلوماسية والاقتصادية في أفغانستان، ويبدو أن حركة طالبان سعيدة بهذا الاهتمام أيضاً.

وفي هذا الصدد، أفاد مراسل “دويتشه فيله” بأن الرئيس الصيني أصبح العام الماضي أول رئيس حكومة أجنبية يقبل رسميا أوراق اعتماد سفير طالبان في بكين، وفي أواخر صيف العام الماضي، أصبحت الصين أول دولة ترسل سفيرا جديدا إلى أفغانستان الخاضعة لسيطرة طالبان.

وقال سيد جلال بازوفان، أستاذ العلوم السياسية بجامعة كاردان الخاصة في كابول، لرويترز: إن الموارد الطبيعية الهائلة في أفغانستان، مثل النحاس والليثيوم والمعادن النادرة، لها إمكانات اقتصادية كبيرة بالنسبة للصين، وإن مجموع هذه الظروف يعني أن الصين أصبحت الآن دولة مؤثرة في أفغانستان، ومن دون شك فإن النفوذ الصيني الواسع في أفغانستان ليس مرغوباً فيه بالنسبة للحكومة الأمريكية، وترامب ليس مهتماً باستبدال الصين بعد انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان، في واقع الأمر، تتمثل سياسة إدارة ترامب في زيادة الضغوط على الصين في جميع المناطق، ويبدو أن الضغط على الصين في أفغانستان هو أيضا أحد أهداف ترامب الأخرى ضد بكين.

الاعتراف الدولي بطالبان: تستمر قائمة الدول الراغبة في التعامل مع طالبان في النمو، وبعض هذه الدول، بما في ذلك قطر، هي حليفة وصديقة للولايات المتحدة، ويأتي هذا في حين تسعى إدارة ترامب، في الوقت الذي تقطع فيه المساعدات عن أفغانستان، إلى الضغط على طالبان لتعطيل عملية الاعتراف بسيادة طالبان، لأن الاعتراف الدولي بطالبان يعني إضفاء الشرعية على نهجها المناهض لأمريكا، وهذا ليس شيئاً يقبله ترامب.

تخوض حركة طالبان والولايات المتحدة حربًا طويلة ومميتة منذ عشرين عامًا، والتي كلفت الولايات المتحدة تريليونات الدولارات وأودت بحياة الآلاف من الجنود الأمريكيين، على مدى الأيام القليلة الماضية، ومع قطع المساعدات النقدية الأمريكية عن حركة طالبان، اجتاحت عاصفة واضطرابات الأسواق المالية في أفغانستان، وأطلقت حركة طالبان جهودا للسيطرة على الوضع، ولكن الجهود التي كانت جزءاً من هذه التدابير في بعض الحالات، مثل إجبار الصيارفة على بيع دولاراتهم أو حظر نشر أسعار الصرف على شبكات التواصل الاجتماعي ومواقع الأخبار، لا يبدو أنها قادرة على تخفيف الضغوط الأمريكية في أفغانستان حتى الآن.

 

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com