إثر سقوط سورية… هل باتت المنطقة تحت النفوذ الصهيوني- التركي؟
حسان الحسن
يسعى الرئيس التركي رجب الطيب إردوغان إلى الالتفاف على الأزمة الاقتصادية الحادة التي تشهدها بلاده راهنًا، من خلال تحقيق “إنجازٍ اِستراتيجيٍ” في سورية، علّه بذلك يستطيع حرف الأنظار عن الأزمة المذكورة الناجمة عن الفساد وتضخم أسعار المستهلكين – وإن تراجع مع بداية هذا العام- والبطالة، وارتفاع أسعار مختلف السلع والخدمات السياحية.
لذلك؛ يركّز الرئيس التركي على اِستكمال السيطرة على القرار والميدان والإدارة ومختلف المرافق والمؤسسات العامة في سورية، وتمكين القبضة التركية عليها، بعد سقوط الدولة السورية في نهاية العام الفائت. ولعل إردوغان يراهن على التخلص من الأزمة الاقتصادية الداخلية، أو التخفيف من أعبائها، من خلال تنشيط حركة التجارة الخارجية، وما شاكل.
كما لا ريب أن السيطرة على سورية، هي مكسب اِستراتيجي لرئيس النظام التركي. لذلك، وعلى الرغم من وضعه المأزوم في الداخل التركي، يولي الشأن السوري أولويةٍ أساسيةٍ خاصةٍ في سلم أولوياته. ويعمل بوضوحٍ تامٍ على تحويل الجمهورية العربية السورية برمتها إلى محميةٍ أو ولايةٍ تركيةٍ، إن اِستطاع إلى ذلك سبيلًا.
إذ بعد لقائه ” الرئيس الانتقالي لسورية أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني) أعلن إردوغان أنه سيقدّم المساعدات إلى هذا البلد في مختلف المجالات. وهنا تحذّر مصادر عليمة “من خطورة هذا التصريح”، لافتةً إلى أنه يحمل عنوانًا جليًا لا لبس فيه، هو محاولة وضع الجمهورية السورية، أرضًا وقرارًا ومؤسساتٍ ومنشآتٍ، تحت الوصاية التركية المباشرة. أي: تأليف الحكومة، المطارات، المرافئ، بناء الجسور والأنفاق…إلخ.
“لكن الأمر البالغ الخطورة، في هذا الصدد، هو بناء “جيش سوري” و”صياغة دستور” جديدين وفقًا للإملاءات التركية، وبإشراف خبراء أتراك. إذ إنّ هذه هي المساعدات التي سيقدّمها الرئيس التركي إلى سورية، والتي أعلنها في كلامه، بعد لقائه الأخير بالجولاني” – أي إيفاد الخبراء- بحسب تأكيد المصادر.
أما في شأن “المسألة الكردية”، فالوضع بعد تنصيب الشرع نفسه “حاكمًا على البلاد السورية”، وبعد “مبايعة عدد من الفصائل المسلحة له” في الأيام الفائتة، ليس كما كان قبل هذا “التنصيب”، فقد أضحت “قوات سوريا الديمقراطية- قسد” ذات الأمرة الكردية، والناشطة في شمال شرق- سورية، بين “فكّي كماشة”، حيث يحاصرها الجيش التركي من المناطق الحدودية السورية- التركية المشتركة، تسانده “قوات الشرع” وأخواتها من الداخل السوري.
كما لا ريب أنه بعد سقوط الدولة السورية باتت “قسد” في وضعٍ خطرٍ، على أساس أنها كانت تستفيد من الكباش بين دمشق وأنقرة، قبل سقوط النظام السوري، تحديدًا من خلال التنسيق مع الحكومة السورية السابقة في الأمور والأوضاع ذات الاهتمام المشترك، بوساطةٍ روسيةٍ أحيانًا. وقد يزيد الوضع الكردي سوءًا، إذا اِنسحبت القوات الأميركية من الأراضي السورية، بعد إبرام صفقةٍ أميركية- تركيةٍ، تفضي إلى أن تكون لأنقرة اليد الطولى في الجمهورية السورية.
كما لا ريب أيضًا أن سقوط الدولة في دمشق، وسيطرة النظام التركي على سورية وتحويلها إلى ولايةٍ تركيةٍ، سيؤدي ذلك إلى أن تكون أنقرة لاعبًا إقليميًا قويًا في المنطقة بعد الكيان الإسرائيلي، على حساب الحضور العربي فيها، إثر تراجع دور الدول العربية ومحور المقاومة وروسيا تحديدًا في المشرق، بعد خروج سورية من هذا المحور، والتي لطالما كانت تشكّل عموده الفقري.
أما بخصوص وعود إردوغان بتقديم المساعدات الى سورية، تلفت مصادر عليمة إلى أن “المساعدات العربية وسواها التي وصلت إلى سورية حتى اليوم، إاِتصرت على المساعدات الطبية وما شاكل”، مؤكدة “عدم ضخ سيولة مالية في الأسواق السورية حتى الساعة، إن عن طريق المساعدات والهبات، أو عن طريق الاستثمارات”. وتشير المصادر إلى أن” المساعدات التي وعد بها الرئيس التركي، ستبقى مجرد وعودٍ، إذا لم تقترن بتمويلٍ مالي، وهذا ليس متوافرًا في المدى المنظور على ما يبدو”.
في المحصلة، لا ريب أن كل ما حدث ويحدث في سورية يحظى بمباركة الإدارة الأميركية ورعايتها المباشرة، بشكل يرضي الكيان الصهيوني، وبما يتوافق مع مصلحته وسياسته في المنطقة.