الرئيس الشهيد الصماد .. الرمز الحيًّ في وجدان أمته
21 سبتمبر || مقالات:
الرئيس الشهيد صالح علي الصَّمَّاد (رحمه الله)، يظلُّ رمزًا حيًّا في وجدان أمته، وذاكرة شعبٍ عَرف فيه تجسيداً حقيقياً للهوية الإيمانية، والوفاء والصدق لقضايا الوطن والأمة، لقد كان أنموذجاً للقائد الصادق، والصابر، والمضحّي، الذي جعل من سعيه الدؤوب لمرضاة الله تعالى وإعلاء شأن شعبه غايةً لا تحيد عنها الإرادة.
كيف نبدأ الحديث عن “المواطن الصالح” و”الرئيس المكافح” الذي اتّسع عطاؤه كالبحر في كلّ اتجاه؟ فقد جمع بين العلم والفهم، والحكمة والدراية، مع زهدٍ وتواضعٍ قلّ نظيرهما، صبر حتى نال، وثبت حتى انتصر، وسعى بإيمان المؤمنين حتى حاز أعلى المراتب شهادةً في سبيل الله، وخلوداً في سجلّ العظماء.
عُرِف الشهيد الرئيس الصماد بصدق انتمائه للمشروع القرآني، فانطلق منذ شبابه يحمل هموم أمته، مجسداً قيم الثبات والتضحية في وجه أعتى المؤامرات، وفي زمن العدوان، كان حاضرا بقوةٍ كقائدٍ مُلهِم، يُوحّد الصفوف، ويُعزز القدرات، ويُحفز الهمم، في مرحلته الأصعب حضوراً وتفانياً وبذلاً لجهدٍ كبير عزّز به الأولويات المهمة إزاء مجتمعه وصولاً إلى التصدّي البارز للعدوان على وطنه، فاستهدفته أيادي الغدر الأمريكية لتُسكت صوتاً آمن بأن النصر رهينٌ بالثبات على المبادئ.
كان الرئيس الصماد مثالاً فذاً في تحمُّل المسؤولية؛ فقبل المنصب الأعلى بدافع الواجب، لا طمعاً في جاهٍ أو سلطة، فكرّس حياته لخدمة شعبه، صامداً أمام التحديات، صابراً على الإساءات، زاهداً في مغريات الدنيا، فكان شعاره “يدٌ تحمي ويد تبني” الذي جسّده الشهيد الرئيس الصَّمَّاد، تعبيراً عن رؤيته الثاقبة لمستقبل الوطن، فكان يعمل بلا كللٍ ولا مللٍ لتحقيق هذا الشعار على أرض الواقع، من خلال بناء الدولة، وتعزيز قدراتها، وحماية سيادتها، كان يؤمن بأنَّ الحماية والبناء وجهان لعملة واحدة، فلا بناء دون حماية، ولا حماية دون بناء، فكان يعمل على الجبهتين بكلّ إصرارٍ وعزيمة، حتى أصبح نموذجاً يُحتذى به في القيادة، وفي الإدارة، وفي التضحية.
وفي عهده، تحوّل التصدي للعدوان إلى أولويةٍ قصوى، فكان داعماً معنوياً للمقاتلين، وحاضناً للوحدة الداخلية، ومُعبئاً للشعب نحو النصر، ورغم حربٍ شاملةٍ شنها العدو عسكرياً واقتصادياً وإعلامياً، إلا أن إرادة الصمود – بقيادة الشهيد الرئيس – حوّلت الهزيمة الموعودة إلى ملحمة انتصار.
رحل جسد الشهيد الرئيس، لكن روحه ظلّت حيّةً تُحرّك الضمائر، وتُذكّر المسؤولين بواجباتهم، وتُلهم الأجيال دروساً في الإيمان والعزّة والإصرار، لقد أراد الأعداء محو أثره، لكنّ الله أراد أن يُعلي ذكره، وأن يجعل منه منارةً تهتدي بها الأجيال القادمة.
لقد كان الصَّمَّاد يحمل روح الشهادة فنالها، بإيمانه بأنَّ الشهادة في سبيل الله هي أعلى مرتبة يمكن أن يصل إليها الإنسان، فكان يسعى إليها بكلّ ما فيه، حتى تحققت له، فاستحقّ بجدارة لقب “الشهيد الرئيس”، فقد الشهادة كبداية الى طريق الخلود، فكانت حياته كلّها سعياً نحو هذه الغاية العظيمه.
هكذا خلّد التاريخ الشهيد الرئيس الصماد، فصار أيقونةً للإيمان وللوعي، ومنارةً للهدى، ومَعلماً يُستلهم منه دروس العزة والصبر، ستظلُّ روحُه حاضرةً في كل قلبٍ مؤمن، وعدوُّه خاسئاً أمام إرادة شعبٍ آمن أن الشهادة ليست نهاية الطريق، بل بداية الانتصارٍ.
أستشهد الرئيس الصَّمَّاد، لكنّ إرثه باقٍ، وذكراه خالدة، ودروسه مستمرة. لقد كان نموذجاً يُحتذى به في القيادة، وفي التضحية، وفي الإيمان، فسلامٌ عليه يوم وُلد، ويوم استشهد، ويوم يُبعث حياً. لقد كان بحقٍّ “علوّاً في الحياة، وفي الممات”، وكان “إحدى المعجزات” التي تُذكّرنا بأنَّ الإيمان بالله، وحمل قضايا الأمة، هو الطريق الوحيد لتحقيق النصر.
بقلم/ عبدالحكيم عامر*