ترامب يتجه نحو تفعيل سياسة العقوبات المالية الأميركية
قال الخبير الاقتصادي باتريك شوفانيك “من جملة التهديدات التي وجهها الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى كولومبيا على خلفية موضوع ترحيل مهاجرين كولومبيين كان التلويح بفرض عقوبات مصرفية ومالية كاملة استنادًا إلى قانون الطوارئ الاقتصادية الدولية”.
وفي مقالة نشرتها مجلة “فورين بوليسي”، أشار الى أن التلويح بفرض عقوبات مصرفية يعني التلميح إلى ما يوصف عادة في السياسة الاقتصادية بأنه “الخيار النووي”، مضيفًا أن المصطلحات المستخدمة تفيد باتخاذ خطوات للتعامل مع كولومبيا على أنها عدو، إذ شملت إمكانية تجميد أصولها (بما في ذلك احتياطها في الخزانة الأميركية) وعزلها عن النظام المالي الأميركي وكافة التعاملات بعملة الدولار.
الكاتب نبّه إلى أن فاعلية العقوبات المالية الأميركية تعتمد على اعتبارها تستخدم في حالات استثنائية، بمعنى أن أغلب الدول والمستثمرين يجب ان يطمئنوا بأنهم لن يتعرضوا لها، وأنها تستخدم بشكل أساس ضد دول مثل كوريا الشمالية وإيران والصين وروسيا، وإذا استخدمت ضد دول مثل كولومبيا او كندا او الدنمارك، فهذا يعني ان أي طرف قد يستهدف بحسب ما قام به ترامب مؤخراً.
عقب ذلك، تحدث الكاتب عن أسباب وجيهة الاحتفاظ غالبية الدول باحتياط من الدولار الأميركي، لافتًا إلى أن لدى الولايات المتحدة الأسواق المالية الأكبر والأكثر سيولة في العالم، بحيث يمكن إدخال وإخراج الأموال من هذه الأسواق بسهولة، كما قال إن الولايات المتحدة ما يزال لديها الاقتصاد الأكبر في العالم، بما يضمن الطلب الدائم على الدولار من أجل دفع ثمن السلع والخدمات التي ينتجها الاقتصاد الأميركي، والذي يعني أن أسواقًا أخرى للسلع العالمية هي أيضًا في عملة الدولار.
الكاتب تساءل عما سيحصل في حال أصبح هذا الملاذ الآمن عبارة عن سكين موضوع على الحلق (أي يستخدم كتهديد بهذه الخطورة)، وأشار إلى أنه سبق وأن كان هذا التهديد مخصص للدول المارقة وكتهديد لأفعال مفرطة مثل اجتياح بلد سيادي مجاور. أما اليوم، فإن أي طرف وفي أي وقت يمكن ان يستهدف إذا ما خالف ترامب، وبان حاملي الدولار قد يبدؤون التفكير ببدائل، حتى وإن كان يعني ذلك تحمل اثمان.
كذلك تابع “على غرار أي تحولات كارثية، قد يحدث ذلك بشكل تدريجي ومن ثم بشكل مفاجئ”، وحذّر من أن هذا سيترجم إلى ألم مالي وخفض مستوى العيش بشكل دراماتيكي لملايين الاميركيين”.
وقال الكاتب “إمّا أن قيمة الدولار ستتراجع بحيث تصبح الإيرادات أكثر تكلفة بكثير، اأو سيضطر الاحتياطي الفدرالي الأميركي إلى رفع سعر الفائدة، ما سيدخل الاقتصاد بحالة ركود، منبهًا من أن أزمة حقيقية لعملة الدولار ستعني الأرجح حصول كلا السيناريوين.
كذلك حذّر الكاتب من أنه وفيما لو اعتبر ترامب انه انتصر ضد كولومبيا، ستكون له مغريات قوية لإطلاق مثل هذه التهديدات مجددًا، منبهًا إلى ان هناك خلافات مماثلة تلوح في الافق مع أطراف مثل الدنمارك (على خلفية ملف غرينلاند)، والاتحاد الأوروبي (على خلفية نظم وسائل التواصل الاجتماعي) وكندا (على خلفية جعل الأخيرة الولاية الأميركية الحادية والخمسين).
وخلص الى أن واشنطن ستدخل في لعبة في غاية الخطورة بالفعل إذا ما اصبح الرئيس الأميركي يعتمد دائمًا التلويح بالعقوبات المصرفية “النووية” مع الأصدقاء والخصوم على حد سواء.