مقارعة العدو في مجال الذكاء الاصطناعي التحدي المقبل للمقاومة
جمال واكيم
خلال الحرب الأخيرة بين لبنان والعدو الصهيوني، كانت المقاومة الإسلامية قد تحسبت لهذه الجولة عبر بناء قواها الرادعة برًا في مواجهة القوات البرية الراجلة والمدرعة للعدو، إضافة الى قواها الصاروخية التي كان باستطاعتها دك عمق العدو، إلى الحد الذي بات معه مجبرًا على طلب وقف إطلاق النار. لكن كان جليًا تفوق العدو في مجال الذكاء الاصطناعي الذي مكنه من توجيه ضربات قاسية للمقاومة تمثلت بضربات “البيجر” و”الووكي توكي” واغتيال قادة عسكريين للمقاومة، إضافة إلى اغتيال الأمين العام لحزب الله الشهيد السيد حسن نصر الله. هذا يطرح تحديًا كبيراً للمقاومة وهو تحقيق الردع في مجال الذكاء الاصطناعي الذي سيكون هو العامل الحاسم في المواجهة المقبلة بيننا وبين العدو.
والجدير ذكره، أن الخبراء العسكريين الصهاينة يركزون على هذا العامل الذي يجعل من الممكن تحقيق الحسم عبر الفضاء الافتراضي الإلكتروني. ولهذا الغرض أعلنت وزارة حرب العدو في الأول من كانون ثاني / يناير عن إنشاء إدارة جديدة مستقلة للذكاء الاصطناعي بغية إجراء البحث والتطوير والاستحواذ على الذكاء الاصطناعي والقدرات المستقلة لجميع فروع القوات العسكرية الصهيونية، على أن تعمل الإدارة الجديدة على الحفاظ على التفوق العملياتي للجيش الإسرائيلي”.
وقد أكد المدير العام لوزارة الحرب “الإسرائيلية” اللواء إيال زامير، أن هذه ستكون أول إدارة جديدة يتم إنشاؤها في الوزارة منذ أكثر من عقدين. وقال زامير إن “هذه الإدارة المستقلة لن تعمل على تعزيز التفوق العملياتي فحسب، بل ستعمل أيضًا على تحسين الموارد ودمج الجنود مع الأنظمة المستقلة، وتشكيل ساحات المعارك المستقبلية، حيث سيهيمن مفهوم الجندي الذي يقاتل بالتعاون مع الآلة والروبوتات.”
أما العميد “دانييل غولد”، وهو رئيس مديرية البحث والتطوير الدفاعي التي ستعمل إدارة الذكاء الاصطناعي الجديدة بإشرافها، فاعتبر أن “المبادرة ستوحد أصحاب المصلحة من الأوساط الأكاديمية وقوات الحرب “الإسرائيلية” والشركات الناشئة والصناعة الدفاعية ضمن إطار واحد.” واعتبر غولد أن من شأن ذلك أن يساهم في الحفاظ على موقع رائد للكيان عالميًا في مجال الذكاء الاصطناعي، علمًا أن مئات الشركات الصهيونية تعمل حول العالم في هذا المجال.
وقد لقيت هذه المبادرة الصهيونية دعمًا أميركيًا متوقعًا، علمًا أن الكيان لا يستفيد فقط من قدراته الذاتية بل هو يستفيد من دعم الولايات المتحدة والدول الأعضاء في حلف شمال الاطلسي “الناتو” التي تقدم له الدعم الاستخباراتي وتتشارك معه في كل الاختراعات التكنولوجية بما فيها تلك المرتبطة بالذكاء الاصطناعي. في هذا الإطار اعتبر المدير الأول لمركز الابتكار السيبراني والتكنولوجي في مؤسسة الدفاع ومقرها واشنطن، الأميرال المتقاعد في البحرية الأمريكية “مارك مونتجومري”، المبادرة بأنها قرار سليم من شأنه أن يعمل على تبسيط تكامل الذكاء الاصطناعي والأنظمة المستقلة في الجيش، ما سيمنح الكيان الصهيوني ميزة عسكرية وتكنولوجية نوعية في مواجهة أعدائه، مشددًا على أن هذا سيزيد من أوجه التعاون بين الكيان والولايات المتحدة.
والجدير ذكره، أن “إسرائيل” لجأت إلى استخدام الذكاء الاصطناعي بكثافة منذ العام 2021 في مواجهة حماس وحزب الله لتسريع قدرته على تحديد الأهداف. ومع دخول أنصار الله اليمنيين وفصائل المقاومة العراقية في المواجهة مع العدو، في ظل الدعم الإيراني لفصائل المقاومة، فإن القادة العسكريين الصهاينة سيسعون للجوء إلى تطوير قدراتهم في مجال الذكاء الاصطناعي للحفاظ على تفوقهم العسكري، علمًا أن من شأن ذلك أن يعزز من القيمة الإستراتيجية للكيان كشريك إستراتيجي للولايات المتحدة و”الناتو”.
من هنا، فإن على فصائل المقاومة في المنطقة وعلى رأسها حزب الله أن تعمل، لا على تحقيق توازن في مجال الذكاء الاصطناعي مع العدو، وهو أمر مستحيل في ظل الدعم الذي يتلقاه هذا العدو من الغرب الجماعي، بل الاستحواذ على قوى رادعة في مجال الذكاء الاصطناعي تجعل العدو يعي أن المقاومة قادرة على تعطيل تفوقه وإيلامه في هذا المجال، كما فعلت في السابق في مجال القوة البرية والصاروخية.