اخبار دولية وعربيةالعرض في السلايدرتقارير

الصمت العالمي تجاه جرائم كيان الاحتلال الإسرائيلي نموذج للإجرام من نوع آخر

في ظل تصاعد الانتهاكات والجرائم التي يرتكبها كيان الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني، يتكشف يومًا بعد يوم مدى التواطؤ أو التجاهل العالمي لهذه الجرائم. ففي الوقت الذي يعاني فيه الفلسطينيون من عدوان مستمر وحصار خانق، يتجلى الصمت الدولي كوصمة عار على جبين الإنسانية، حيث تُرتكب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية تحت أنظار العالم الأمر الذي دفع الأزهر مؤخراً للانتفاض لعل العالم الاسلامي ينهض من غفوته

حيث تعد الأحداث الأخيرة في قطاع غزة مثالًا حيًا على حجم الكارثة الإنسانية التي يتسبب فيها الاحتلال الإسرائيلي. فقد وثقت تقارير وتحقيقات استقصائية موثوقة جرائم بشعة تتراوح بين القصف العشوائي، والتدمير الممنهج للبنية التحتية، واستهداف المدنيين، وصولًا إلى حرق المستشفيات والمراكز الصحية. بحسب تحقيق استقصائي حديث نشرته صحيفة “واشنطن بوست”، شملت هذه الانتهاكات تدمير أكثر من 120 منشأة حيوية، بما فيها مستشفيات ومرافق طبية، وهي أفعال تنتهك بشكل صارخ القوانين الدولية التي تحظر استهداف المنشآت المدنية.

بيان جامعة الأزهر: صرخة في وجه الظلم

في سياق هذه الجرائم، أصدرت جامعة الأزهر بيانًا قويًا أعربت فيه عن استنكارها الشديد لحرق المستشفيات والمراكز الصحية في غزة. وأشارت الجامعة في بيانها إلى أن هذه الأعمال تعد انتهاكًا صريحًا لكل القيم الإنسانية والشرائع السماوية، فضلًا عن القوانين الدولية. وأضاف البيان أن ما يحدث في غزة من استهداف متعمد للبنية الصحية يمثل جريمة إبادة جماعية، لا يمكن تبريرها تحت أي ذريعة.

وأكدت جامعة الأزهر أن العالم مطالب بالتحرك العاجل لوقف هذه الجرائم، مشيرة إلى أن الصمت أو التجاهل يعكس تواطؤًا مرفوضًا أخلاقيًا ودينيًا. ودعت الجامعة جميع المؤسسات الدولية، بما في ذلك الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية، إلى تحمل مسؤولياتها تجاه حماية الشعب الفلسطيني ووقف الانتهاكات الإسرائيلية.

و في هذا السياق أدان الأزهر الشريف بأشد العبارات حرق جيش الاحتلال الإسرائيلي لمستشفى كمال عدوان في شمال قطاع غزة، واختطاف الأطباء والمرضى لأماكن مجهولة، بحسب بيان أمس.

وجاء في البيان، أن الأزهر “يدين بشدة الصمت الدولي تجاه المجازر التي يرتكبها الكيان الإرهابي في قطاع غزة، والتي كان آخرها إحراقه لمستشفى كمال عدوان شمال القطاع، واستهدافه المرضى والأطباء، واستشهاد عشرات الأبرياء، واعتقاله للأطباء والمسعفين والممرضين وإجبارهم على خلع ملابسهم واختطافهم لأماكن مجهولة”.

وأكد الأزهر أن ما حدث هو “جريمة حرب مكتملة الأركان لا تصدر إلا عن عصابات معدومة الرحمة والأخلاق، ووحوش مجردة من كل معاني الإنسانية”.

وشدد على أن استهداف المرضى والمصابين في المستشفيات ودور الرعاية الصحية “هي جريمة أخلاقية بشعة ستسجل في التاريخ بدماء هؤلاء الأبرياء، وستبقى شاهدة على العار الذي ارتكبه هؤلاء الإرهابيون ومَن يعاونونهم ويمدونهم بالسلاح ويدعمونهم في ميادين السياسة لارتكاب المزيد من الجرائم”.

وذكر بيان الأزهر أن “هذا الوحش الصهيوني الكاسر -عديم الرحمة والإنسانية- قد ارتكب كل جرائم الحرب المحرمة في حق الشعب الفلسطيني البريء، وسط تهميش متعمد لما يحدث في قطاع غزة، ودون أي تحرك دولي أو عربي”.

وأضاف أن “هذا العدو قد اطمأن لردود الفعل تجاه جرائمه، وأنها لن تعدو -وللأسف الشديد- مجرد اجتماعات وقرارات لا تتجاوز قيمتها قيمة الحبر الذي كتبت به”، مؤكدا أنه “يجب علينا النظر في بدائل أخرى رادعة لإقرار السلام في فلسطين”.

وأقدم جيش الاحتلال الإسرائيلي الخميس الماضي، على حرق مستشفى كمال عدوان ومحيطه وإخلائه بالقوة من المرضى والجرحى والطواقم الطبية والمرافقين.

وتغضب لغة الأزهر وردود فعله القوية على ممارسات إسرائيل في قطاع غزة، الإسرائيليين وسبق أن علقت وسائل إعلام عبرية بالإضافة إلى سفيرة إسرائيل السابقة لدى مصر أميرة أورون، والتي شنت هجوما حادا على الأزهر الشريف وشيخه د. أحمد الطيب، ووجهت اتهام للمؤسسة السنية الأولى في العالم الإسلامي بأنها معادية للسامية.

وقالت آرون في لقاء تلفزيوني سابق، إن الأزهر الشريف يكن عداء لا مثيل له لإسرائيل، وإنه عداء في منتهى القسوة والصعوبة، مشيرة إلى أن الطيب يصدر دائما بيانات شديدة اللهجة وفي منتهى القسوة ضد إسرائيل

استهداف الطواقم الطبية والمستشفيات: جرائم بلا حدود

يمثل استهداف الطواقم الطبية والمستشفيات أحد أخطر الجرائم التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي في غزة. فقد أظهرت تقارير حقوقية موثوقة أن قوات الاحتلال تعمدت قصف المستشفيات وسيارات الإسعاف، مما أسفر عن مقتل وإصابة العديد من الأطباء والممرضين أثناء أداء واجبهم الإنساني. وتشير الإحصائيات إلى أن عشرات المنشآت الصحية تعرضت لأضرار جسيمة، بما في ذلك مستشفى الشفاء ومستشفى الأقصى، اللذين يُعدان من أكبر المرافق الطبية في غزة.

ولا تقتصر الانتهاكات على القصف فقط، بل تشمل أيضًا منع وصول المساعدات الطبية والمواد الأساسية، مما يفاقم الأوضاع الصحية والإنسانية. وقد وثقت منظمات حقوقية شهادات من أطباء وممرضين أكدوا تعرضهم لمضايقات واستهداف مباشر أثناء محاولاتهم إنقاذ أرواح المدنيين. هذه الأفعال لا تمثل فقط انتهاكًا للقانون الدولي الإنساني، بل تعكس أيضًا استهتارًا صارخًا بكل المبادئ الإنسانية

الصمت العالمي: مسؤولية مشتركة

يتساءل الكثيرون عن أسباب الصمت العالمي المريب تجاه هذه الجرائم. فهل هو نتيجة لهيمنة المصالح السياسية والاقتصادية على القيم الإنسانية؟ أم أنه تعبير عن ازدواجية المعايير التي تتعامل بها الدول الكبرى مع قضايا حقوق الإنسان؟

لقد أدانت منظمات حقوقية دولية، مثل هيومن رايتس ووتش والعفو الدولية، الجرائم الإسرائيلية مرارًا وتكرارًا. لكن هذه الإدانات لم تُترجم إلى إجراءات ملموسة على الأرض. فمجلس الأمن الدولي، الذي يُفترض أن يكون الضامن للسلم والأمن الدوليين، ظل عاجزًا عن اتخاذ قرارات حاسمة بسبب الفيتو الأمريكي الذي يحمي إسرائيل من أي مساءلة.

ازدواجية المعايير الدولية

يتضح جليًا أن هناك ازدواجية واضحة في تطبيق القانون الدولي. ففي حين يتم فرض عقوبات صارمة على دول أخرى بسبب انتهاكات أقل حجمًا بكثير، تحظى إسرائيل بمعاملة استثنائية تتيح لها الإفلات من العقاب. هذه الازدواجية تعكس الانحياز السافر الذي يشجع إسرائيل على المضي في انتهاكاتها دون أي رادع.

أثر الجرائم على الواقع الفلسطيني

لا يمكن تجاهل الأثر الكارثي لهذه الجرائم على الشعب الفلسطيني. فاستهداف المستشفيات والمراكز الصحية يحرم المدنيين من حقهم الأساسي في الرعاية الصحية، ويزيد من معاناتهم الإنسانية. كما أن تدمير البنية التحتية يفاقم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في قطاع غزة، الذي يعاني أصلًا من حصار خانق منذ أكثر من 17 عامًا.

إلى جانب ذلك، يؤدي استهداف الطواقم الطبية إلى إضعاف قدرة النظام الصحي على الاستجابة للاحتياجات الطارئة، مما يجعل الوضع الإنساني أكثر سوءًا. ومع تزايد أعداد الجرحى والمرضى، يصبح توفير الرعاية الطبية تحديًا يكاد يكون مستحيلًا في ظل شح الموارد وقصف المنشآت.

دعوات للتحرك

إن ما يحدث في غزة لا يمكن اعتباره شأنًا فلسطينيًا أو عربيًا فقط، بل هو قضية إنسانية بامتياز. على المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولياته الأخلاقية والقانونية لوقف هذه الجرائم ومحاسبة مرتكبيها. ولا يمكن تحقيق ذلك إلا من خلال:

الضغط الدولي: يجب على الدول الحرة ومؤسسات المجتمع المدني ممارسة الضغط على حكوماتها لاتخاذ موقف حازم تجاه الجرائم الإسرائيلية.

محاسبة مرتكبي الجرائم: تفعيل آليات المحاسبة الدولية، بما في ذلك محكمة الجنايات الدولية، لملاحقة المسؤولين عن هذه الجرائم.

دعم المقاومة الفلسطينية: تقديم الدعم السياسي والاقتصادي للشعب الفلسطيني لمساعدته على الصمود في وجه العدوان.

ختام القول

إن الصمت العالمي تجاه جرائم كيان الاحتلال الإسرائيلي في غزة يمثل أزمة أخلاقية وإنسانية لا تقل خطورة عن الجرائم نفسها. وعلى العالم أن يدرك أن التخاذل في مواجهة هذه الجرائم لا يؤدي إلا إلى تعزيز ثقافة الإفلات من العقاب وتشجيع المزيد من الانتهاكات. إن بيان جامعة الأزهر ليس مجرد كلمات استنكار، بل هو دعوة للتحرك العاجل لإنقاذ ما تبقى من إنسانية في هذا العالم.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com