اخبار دولية وعربيةتقارير

كواليس زيارة رئيس المخابرات العراقية إلى سوريا

21 سبتمبر

جذب لقاء حامد الشطري، الرئيس الجديد لجهاز المخابرات العراقي، مع أبو محمد الجولاني، الذي نصب نفسه حاكماً لسوريا، اهتمام وسائل الإعلام، وغادر الشطري، الذي تم تعيينه رئيسا لجهاز المخابرات العراقي منذ أسبوع فقط، إلى دمشق برفقة وفد سياسي وأمني عراقي رفيع المستوى.

وفي حين أرسلت دول أخرى بشكل أساسي وفودها السياسية والدبلوماسية إلى دمشق للقاء الجولاني، رفض العراق إرسال وزير أو شخصية سياسية خارجية للبلاد إلى العاصمة السورية، وبإرسال الشطري، تتجدد التكهنات حول النظرة العراقية الأمنية للقضية السورية.

إن تاريخ الجولاني ليس مفهوماً لبلد مثل العراق، وخلال سنوات قيادته للجماعات الإرهابية في العراق وسوريا، كان الجولاني مسؤولا عن التخطيط لأكثر من 100 عملية إرهابية على أراضي العراق وحدها، واعتقله الأمريكيون عام 2006 أثناء قيامه بزرع الألغام، وتم نقله إلى سجن بوكا البصرة من قبل الجنود الأمريكيين مع إرهابيين مثل أبو بكر البغدادي وأبو مصعب الزرقاوي، وتم نشر هذه الأرقام أخيرًا من قبل الأمريكيين في عام 2010.

وفي العام نفسه، يبايع الجولاني أبو بكر البغدادي ليخرج من العراق إلى سوريا من خلال تشكيل وتأسيس “الجبهة الشامية”، ولا شك أن أحد العوامل الأساسية التي أدخلت العراق في أزمة مواجهة الجماعات الإرهابية منذ عام 2014 عندما سيطر تنظيم “داعش” على جزء من سوريا، كانت عمليات الجولاني.

ولذلك فإن العراق لن ينسى أبداً دور الجولاني في عدم استقرار بلاده، لكن بشكل عام، يبدو أن الجيش والحشد الشعبي والقوات الأمنية العسكرية العراقية الأخرى يحاولون أن يقتصروا كل شيء في تنظيم علاقاتهم مع التطورات الأخيرة في سوريا على الحدود، والامتناع عن أي قراءة لنوايا والأحكام المسبقة على حكام سوريا الجدد في ظل الظروف الملتهبة للمنطقة.

وقبل لقاء حامد الشطري رئيس جهاز المخابرات العراقي مع الجولاني زعيم هيئة تحرير الشام، ترددت تكهنات بأن خميس الخنجر رئيس حزب السيادة التقى شخصيا بالجولاني في الأيام الأخيرة خلال رحلة إلى دمشق.

وحتى الآن لم ينف أي مصدر مقرب من الخنجر هذه المسألة، لكن يبدو أن العراق لن يتخذ أي إجراءات وقرارات سلبية أو عقابية حتى لا يضر الحكام السوريين الجدد بمصالح الحكومة والشعب العراقي.

وتعتبر زيارة الشطري الأولى إلى سوريا كرئيس لجهاز المخابرات العراقي بمثابة رسالة تحذيرية من بغداد إلى الجولاني لتحذيره من أي مغامرة قد تنشأ من المشاريع الأمريكية والبريطانية والإسرائيلية.

إن القلق الرئيسي للجانب العراقي في الوضع الحالي هو وضع اللاجئين المتواجدين في مخيمي “الهول” و”الركبان” والسجون التي تم فتحها أمام الإرهابيين دون أي رقابة، ويستوعب مخيم الهول حالياً 20 ألف شخص، ومعظم سكان هذه المخيمات هم من أقارب عناصر تنظيم “داعش” الذين نفذوا عمليات إرهابية في سوريا والعراق خلال السنوات الماضية.

يقال إن أحد أبرز مواضيع اللقاء بين الشطري والجولاني كان يتعلق بمسألة السجون والمعسكرات السورية التي يمكن اعتبارها تهديداً خطيراً للعراق في أي لحظة، وتم الإعلان عن قضية الأكراد السوريين كأحد المواضيع الرئيسية في المحادثة بين رئيس جهاز المخابرات العراقي وزعيم هيئة تحرير الشام.

وسبق أن زعمت بعض المصادر الكردية أن مظلوم عبدي، قائد ما تسمى قوات سوريا الديمقراطية، بحث مستقبل سوريا مع مسعود بارزاني، زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني العراقي، وأضافت مصادر كردية إن المحادثات بين قوات سوريا الديمقراطية والحزب الديمقراطي الكردستاني العراقي لم تسفر عن اتفاق حتى الآن، لكن الطرفين أكدا على زيادة التعاون الثنائي بهدف تحديد وضع الأكراد السوريين.

وتناقلت الأخبار في الأيام الأخيرة، تصاعد حدة الصراع بين قوات سوريا الديمقراطية والقوات المدعومة من تركيا في منطقتي كوباني ومحيط سد تشرين، ومؤخراً هدد “فرهاد شامي” المتحدث باسم قوات سوريا الديمقراطية بأن سقوط كوباني سيكون بداية إسقاط مدن أخرى في المناطق الكردية.

كلام “فرهاد الشامي” كان في الواقع رسالة لزعيم هيئة تحرير الشام مفادها بأنه في حال تم تجاهل المناطق الكردية في سوريا من قبل القائد الحالي لسوريا أو إذا كان لدى الجولاني نية الصراع مع المناطق التي يسيطر عليها الأكراد سوف تشتعل نار الحرب والاضطرابات في المنطقة بأكملها.

من ناحية أخرى، يمكن أن يكون تأجيل عملية دفع رواتب الموظفين الإداريين في الإقليم والخلاف حول تشكيل حكومة جديدة في كردستان العراق، سبباً لبداية أزمة جديدة في إقليم كردستان العراق.

ويرى العديد من المراقبين والمحللين أن بغداد لا تزال تنظر إلى الجولاني على أنه إرهابي في تقييم الزيارة الأمنية العراقية إلى دمشق، ورغم أن العراق كان من أوائل الدول التي اعترفت بالسفارة والعلم الجديد لمن نصبوا أنفسهم حكاما في سوريا، إلا أنه لا يزال يعتبر وجود الجولاني على رأس الحكومة السورية الحالية تهديدا لنفسه.

وفي الساحة تشير الأخبار إلى أن الحشد الشعبي والجيش العراقي في حالة استنفار كامل 24 ساعة يوميا، وهو ما يؤكد ما ورد أعلاه عن شعور السلطات العراقية بخطورة وجدية من التطورات في سوريا، لأن شكل الحكومة الجديدة في سوريا كان قد أدخل بغداد في السنوات الماضية إلى واحدة من أكبر الأزمات الأمنية، وهو أمر غير مقبول على الإطلاق بالنسبة لحكومة هذا البلد.

وفي الوقت الذي ذهب فيه الشطري، رئيس المخابرات العراقية، إلى دمشق، عين الجولاني شخصا في منصب وزارة المخابرات السورية، وهو “أنس خطاب” المعروف بـ “أبو أحمد حدود” لأنه خلال السنوات التي استهدف فيها تنظيم “داعش” العراق، كان مسؤولا عن نقل القوات الإرهابية من العراق إلى سوريا.

وعمل “أنس خطاب” ضمن قوة تنظيم القاعدة في العراق في الفترة من 2004 إلى 2011، وأصبح فيما بعد همزة الوصل بين “داعش” وسوريا، وتاريخ “خطاب” مثل الجولاني بالنسبة لقوات الأمن العراقية واضح تماما.

في غضون ذلك، يبدو أنه إذا اسفرت زيارة هذا المسؤول العراقي إلى سوريا أمس، والذي سافر إلى دمشق بصفته مسؤولاً أمنياً، عن نتائج إيجابية، فإن الحكومة العراقية ستواصل تعاونها ونشاطها مع حكومة الجولاني، وأعلنت فيما يتعلق بالقضايا الأمنية أنها لن تشكل أي علاقات سياسية رسمية بين بغداد ودمشق حتى إجراء أي انتخابات وطنية وشاملة في سوريا.

 

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com