إبادة أطفال غزة.. كل ساعة طفلٌ يُقتل والعالم يتفرج
21 سبتمبر
تُعد الجرائم الإسرائيلية بحق أطفال غزة أكثر من مجرد انتهاكات عرضية للقانون الدولي، بل ترتقي إلى مستوى الإبادة الممنهجة التي تهدف إلى تدمير مستقبل الشعب الفلسطيني.
أطفال غزة، الذين يمثلون أكثر من 40% من سكان القطاع، يدفعون ثمن السياسات العسكرية والاحتلالية التي تتبناها حكومة الاحتلال وداعميه، في ظل غياب المحاسبة الدولية.
بعد 14 شهراً من العدوان المستمر، كشفت وكالة «الأونروا»، عن أن كيان الاحتلال الإسرائيلي يقتل طفلاً فلسطينياً كل ساعة في قطاع غزة.
وأكدت الوكالة الأممية، في بيان لها، أن عدد الأطفال الفلسطينيين الذين قتلوا منذ بداية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة بلغ 14500 طفل في غزة حسب منظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسف»، وأشارت إلى عدم وجود مبررات لقتل هؤلاء الأطفال في قطاع غزة الذين يخسرون حياتهم ومستقبلهم ومعظم آمالهم.
وقال المفوض العام لأونروا: إن الصبية والفتيات في غزة يتنقلون بين الأنقاض، وهم محرومون من التعليم، وحذر من نفاد الوقت بسرعة وخسران الأطفال حياتهم ومستقبلهم ومعظم آمالهم.
وفي يوليو/تموز الماضي، قالت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين: إن قطاع غزة على وشك فقدان جيل كامل من الأطفال بسبب الحرب الإسرائيلية، وأشارت إلى أن أكثر من 625 ألف طفل في غزة ظلوا خارج المدارس، منهم 300 ألف طالب كانوا ملتحقين بمدارس أونروا قبل الحرب.
الإبادة المباشرة للطفولة
على مدى عقود، لم تتوقف “إسرائيل” عن ارتكاب الجرائم المروعة بحق الشعب الفلسطيني، إلا أن استهداف الأطفال يظل أبرز مظاهر العدوان وأكثرها وحشية، في غزة، حيث يعيش أكثر من نصف السكان تحت سن 18 عامًا، أصبحت الطفولة في خطر دائم بسبب الحصار والقصف المتكرر والاعتداءات العسكرية.
وفقًا لتقارير المنظمات الحقوقية الدولية، قُتل آلاف الأطفال الفلسطينيين في غزة خلال العقدين الماضيين جراء العمليات العسكرية الإسرائيلية، في كل عدوان جديد، تكون المدارس، المنازل، وحتى المستشفيات عرضة للقصف، ما يؤدي إلى وقوع الأطفال ضحايا بشكل مباشر.
يُظهر تحليل منهجية العدوان الإسرائيلي على غزة أن الأطفال يُقتلون بشكل ممنهج من خلال عدة أمور واضحة في البداية يمكن الإشارة إلى القصف العشوائي أو الموجه للمناطق السكنية المكتظة بالسكان.
قصف المدارس والملاجئ: رغم كون المدارس والمرافق التابعة للأمم المتحدة أماكن محمية بالقانون الدولي، فإن “إسرائيل” استهدفتها عدة مرات، كما حدث في مجزرة مدرسة “بيت حانون” عام 2014، التي أدت إلى مقتل العشرات من الأطفال.
القصف الليلي: تُنفذ الضربات الجوية غالبًا في الليل، عندما يكون الأطفال داخل منازلهم، ما يؤدي إلى وقوع خسائر بشرية كبيرة بينهم.
استهداف البنى التحتية الطبية حيث أدى القصف الإسرائيلي للمستشفيات والعيادات إلى وفاة أطفال مرضى بسبب انقطاع الأدوية والكهرباء، كما حدث في مستشفى “الشفاء” خلال العدوان الأخير.
الإبادة النفسية والاجتماعية
لا يقتصر العدوان الإسرائيلي على القتل الجسدي، بل يشمل تدمير الطفولة نفسيًا ففي غزة الجريحة هناك أجيال تعيش في صدمة مستمرة من خلال الإصابات والإعاقات الدائمة حيث إن آلاف الأطفال الذين أصيبوا جراء القصف يعيشون بإعاقات جسدية دائمة، ما يجعلهم عاجزين عن العيش بشكل طبيعي.
من جانب آخر لا يمكن إغفال الأثر النفسي العميق حيث يعاني أطفال غزة من اضطرابات نفسية شديدة نتيجة التعرض المباشر للعنف وفقدان الأهل والأصدقاء، منظمة “اليونيسيف” أكدت أن 91% من أطفال غزة يعانون من أعراض اضطراب ما بعد الصدمة.
بعبارة أخرى لا يقتصر العدوان على القتل فقط، بل يمتد إلى تشويه الأجساد والنفوس، الأطفال الذين ينجون من القصف يعانون من إصابات مزمنة مثل بتر الأطراف، وفقدان الأهل، وتدمير منازلهم، على الصعيد النفسي، يعاني معظم أطفال غزة من اضطرابات مثل الصدمة النفسية، القلق المزمن، واضطرابات النوم، ما يعيق نموهم الطبيعي ومستقبلهم.
الحرمان من التعليم والطفولة الطبيعية
استهداف المدارس وفرض الحصار أدى إلى تعطيل العملية التعليمية، العديد من الأطفال لا يتمكنون من استكمال دراستهم بسبب الدمار أو فقدان الأمل، فيما يحرم تدمير البنية التحتية الأطفال من ممارسة أبسط حقوقهم في اللعب والنمو في بيئة آمنة.
الإبادة الممنهجة من خلال الحصار
الحصار الإسرائيلي المفروض على غزة منذ عام 2007 يعد أحد أدوات الإبادة الجماعية التي تستهدف الأطفال بطرق غير مباشرة ويتجلى ذلك من خلال:
سوء التغذية والأمراض: يعاني 50% من أطفال غزة من فقر الدم بسبب نقص الغذاء.
انهيار النظام الصحي: يمنع الحصار وصول الأدوية والمعدات الطبية، ما يؤدي إلى وفاة الأطفال المصابين بأمراض يمكن علاجها.
تدمير المستقبل: استمرار الحصار يمنع الأطفال من الحصول على فرص عمل أو تعليم جيد، ما يحكم عليهم بمستقبل مليء بالفقر والمعاناة.
التبريرات العنصرية لقتل الأطفال
السياسات الإسرائيلية تجاه أطفال غزة تستند إلى خطاب عنصري يجرّد الفلسطينيين من إنسانيتهم وخاصة الأطفال، في وسائل الإعلام والسياسة الإسرائيلية، يتم تصوير الأطفال الفلسطينيين كـ”تهديد أمني مستقبلي”، ما يبرر قتلهم تحت مسمى “الأمن القومي”.
حيث تطالب تصريحات مسؤولين إسرائيليين وبشكل علني بـ”إبادة الفلسطينيين” وتدمير غزة بالكامل ما يعكس العقلية الاستعمارية التي تشرعن قتل الأطفال، وفي مشاهد وثّقتها تحقيقات صحفية، ظهرت دعوات إسرائيلية علنية للإبادة الجماعية، ما يعكس تغلغل العنصرية في المجتمع الإسرائيلي.
غياب العدالة والمحاسبة الدولية
رغم وضوح الأدلة على جرائم الإبادة، يظل المجتمع الدولي متواطئًا بصمته أو دعمه ل”إسرائيل”، وتبقى الحماية السياسية التي تقدمها الدول الكبرى، مثل الولايات المتحدة، تمنع أي محاسبة جدية لكيان الاحتلال الصهيوني على جرائمه.
حيث تُعامل قضايا العدالة الدولية بمعايير مزدوجة، ويتم غض الطرف عن جرائم كيان الاحتلال بينما تُفرض عقوبات صارمة على دول أخرى لأفعال أقل خطورة، ورغم فظاعة الجرائم، يظل المجتمع الدولي عاجزًا عن اتخاذ إجراءات حازمة لوقف العدوان أو محاسبة كيان الاحتلال الإسرائيلي فيما تستمر الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية بتقديم الغطاء السياسي والعسكري، ما يشجعها على الاستمرار في سياساتها العدوانية.
استهداف متعمد
يروج الاحتلال الصهيوني لادعاءات بأن قوات الاحتلال تستهدف “الإرهابيين” فقط، وأن الأطفال يُقتلون نتيجة “أضرار جانبية”، لكن الوقائع والأدلة الميدانية تكشف عكس ذلك.
تحقيقات استقصائية وتقارير موثقة أثبتت أن استهداف الأطفال لم يكن محض صدفة، بل جاء في سياق استهداف المناطق السكنية المكتظة بالسكان، وقصف المدارس والمستشفيات التي تُستخدم كملاذات آمنة.
الختام: نداء لإنقاذ الطفولة
جرائم الإبادة بحق أطفال غزة ليست مجرد مأساة فلسطينية، بل وصمة عار على جبين الإنسانية جمعاء، حيث إن السكوت عن هذه الجرائم يُشجع على استمرارها، ويهدد مستقبل جيل كامل من الأطفال الذين يمثلون الأمل الوحيد لاستمرار الحياة في غزة، ولا بد من تحرك دولي حقيقي لإنهاء العدوان الإسرائيلي ومحاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم، فالأطفال الفلسطينيون يستحقون أن يعيشوا حياة كريمة وآمنة، بعيدًا عن الخوف والدمار.
في نهاية المطاف ينبغي للعالم أن يدرك أن قتل واستهداف أطفال غزة ليس مجرد أرقام في تقارير إخبارية، بل هو انعكاس لصراع مستمر بين الاحتلال وحقوق الإنسان، فالأطفال ليسوا ساحة حرب، بل أمل البشرية ومستقبلها، وأي استهداف لهم هو جريمة لا تغتفر بحق الإنسانية جمعاء.