خيارات واشنطن في اليمن.. إحداها التصعيد العسكري؟
21 سبتمبر || تقرير_ على الدرواني:
تسارعت التحركات الأمريكية في المنقطة الرامية إلى وقف الإسناد اليمني لغزة، والعمليات العسكرية في البحر الأحمر، والتي تمكنت من منع الملاحة الإسرائيلية والأمريكية والبريطانية من استخدام البحر الأحمر، وكبدّت محور الشر خسائر كبيرة؛ نتيجة المرور الإجباري عبر الرجاء الصالح.
وإزاء النجاح اليمني، هناك فشل أمريكي بريطاني، رغم التحالفات العسكرية التي شكلتها واشنطن وأوروبا، في البحر الأحمر، مثل تحالف “حارس الازدهار” الأمريكي البريطاني، وتحالف “أسبيدس” الأوروبي، وفي إطار هذه التحالفات فقد تمكنت اليمن من الصمود ومواصلة مهمتها المقدسة والإنسانية في إسناد غزة، واشتبكت مع البوارج الأمريكية والبريطانية والأوروبية، أكثر من مرة، وأسفرت تلك الاشتباكات عن فرار ثلاث من حاملات الطائرات الأمريكية، وعدد من البوارج البريطانية والفرنسية والألمانية، من البحر الأحمر على مدى عام.
تصعيد اقتصادي
ونتيجة لذلك الفشل بدأت الولايات المتحدة بالبحث عن سبل جديدة لتامين الملاحة الصهيونية في البحر الأحمر وباب المندب، وعلى رأس تلك الخيارات هو التفكير بما سماه المبعوث الأمريكي الخاص لليمن، “تيم لندركينغ”، سعي واشنطن ” إلى الحصول على دعم عالمي لمنح الأمم المتحدة صلاحيات أكثر وضوحاً لاعتراض السفن المتجهة إلى الموانئ اليمنية التي يسيطر عليها الحوثيون في البحر الأحمر، كجزء من محاولة منسقة لإضعاف الجماعة”. حسب الغارديان البريطانية.
تصريحات ليندركينغ، جاءت عقب زيارته إلى جيبوتي قبل أيام، ولقاءاته بآلية التفتيش التابعة للأمم المتحدة (يونفيم) والتي مثّلت تلويحا بنوع من التصعيد قد يتمثل في إعادة القيود التي كانت مفروضة على وصول السفن إلى ميناء الحديدة، وهي القيود التي تم تخفيفها مع بدء التهدئة بين الرياض وصنعاء عام 2022.
يوضح لندريكنغ “أن القوات الأممية ليست مجهزة، ولا تتمتع بالصلاحيات اللازمة للقيام بعمليات الاعتراض” ولسد ما سماها الثغرات، قال إن الأمر “يتطلب عقلية مختلفة ونوعاً مختلفاً من التركيز بدلاً من مجرد مرافقة السفن”. مشيرا إلى أن واشنطن، تسعى لجعل “تفويض البعثة أكثر فعالية في منع الحوثيين من الوصول إلى الأسلحة”، حسب تعبيره.
وفي نفس السياق الذي يسعى إليه ليندركينغ، فإن الأمر لا يختلف عن قيادة الأسطول الخامس حيث قال الأدميرال داريل كودل: “إن المفتاح للحفاظ على أمن باب المندب وخليج عدن والبحر الأحمر، هو منع تدفق الصواريخ والأسلحة إلى اليمن”، وهذا المنع مغاير لما يسعى إليه ليندركينغ، فهو يحمل طبيعة عسكرية بحرية، بمراقبة الشحنات المزعومة من إيران ووقفها حيث يضيف كودل: “إن البحرية الفرنسية والبريطانية ستعمل في تلك المياه قريبا أيضا”.
وبدمج تصريحات لندركينغ، وكودل، فإن الخيار الذي سينتج هو دعم آلية التفتيش الأممية بمهمة بحرية أمريكية بريطانية فرنسية، ضمن مهمة أممية مع تعديل مهامها كما لمح لذلك الجنرال كودل، إلا أن ذلك يستلزم قرارا من مجلس الأمن، وهو عبر عنه لندركينغ ب ” دعم عالمي لمنح الأمم المتحدة صلاحيات أكثر وضوحاً لاعتراض السفن “.
خيارات عسكرية
بالعودة إلى تصريحات قائد الأسطول الخامس الأمريكي الأدميرال داريل كودل، المشار إليها أعلاه، فإن الخيار العسكري الأمريكي لا يزال مطروحا، إلا أن وضع القوات البحرية الأمريكية ليس جيدا، حسب تعبير كودل، الذي أضاف إلى التصريحات أعلاه في فعالية لرابطة البحرية، بالنص: “إننا لسنا في وضع جيد”، مشيرا إلى أن هناك عدة سفن حربية أمريكية تخضع للصيانة وتستغرق وقتا طويلا، وأن بعض تلك البارجات والسفن تستغرق وقتا أطول بين أربعة وخمسة أشهر ، وأن السفن التي تجاوزت عمرها الافتراضي فإن صيانتها يجب أن تتم عندما تكون منطقية، بالنسبة لتلك السفينة مضيفا التأكيد على عبارة “كن واقعيا كن أفضل”، وأنه يجب الّا تكون مجرد شعار، والتي فهمت بأن واقع البحرية الأمريكية هش للغاية ، لا سيما بعد هروب ثلاث حاملات طائرات أمام الضربات اليمنية، هي “أيزنهاور”، و”روزفيلت”، و”إبراهام لنكولن”، وها هي الرابعة “هاري ترومان”، تصل إلى المنقطة .
على ذكر حاملة الطائرات هاري ترومان، فإنها تصل إلى المنطقة في ظل تكهنات وتخرصات بشأن تصعيد عسكري عدواني أمريكي على اليمن، والحقيقة أنه لا يزال حبيسا لتمنيات بعض المرتزقة اليمنيين للأسف الشديد، ولا يمكن البناء عليها، لاسيما أن تلك التخرصات سرعان ما تعود للتعبير عن اليأس وإلقاء اللوم على أعضاء ما يسمى بالمجلس الرئاسي الذي لم يتمكن من الاجتماع في عدن، لكنه يجتمع في الرياض.
وفي الاجتماع الأخير، حضر جميع أعضاء المجلس الهزيل في الرياض للقاء بسفراء رباعية العدوان على اليمن ومعهم السفير الفرنسي، ورشح عن اللقاء دعم السفراء لسلطة مجلس الثمانية، بعد أن استمع إلى ما سماها الإعلام السعودي، التزام المجلس: “بتحقيق الأولوية السياسية والاقتصادية والأمنية” حسب صحيفة عكاظ، التي قالت: “إن السفراء رحبوا برؤية المجلس، ” وطموحاته للإصلاح الاقتصادي وتحقيق الاستقرار، وتحسين الأوضاع المعيشية للشعب اليمني، مشددين على التزامهم الثابت بدعم “مجلس القياد الرئاسي”، و”الحكومة اليمنية” ومؤسساتها، لتقديم الخدمات الأساسية، وتعزيز الحوكمة، ودعم التنمية الاقتصادية في البلاد.
يشار إلى أن هذا الاجتماع يأتي في ظل تراجع مهول في الخدمات وشلل كبير تعاني منه سلطات المجلس، وشح في الإيرادات، لدرجة العجز عن صرف مرتبات الشهرين الماضيين، وحالة من الضيق الشعبي، والاحتقان، ودعوات للإضراب الشامل في عدن والمحافظات المحتلة.
الحذر واجب والجهوزية عالية:
من تصريحات القيادة في صنعاء، بدءا بالسيد القائد عبدالملك الحوثي “يحفظه الله”، فإن الاستعدادات كبيرة، والجهوزية في أعلى مستوياتها، والمناورات مستمرة ، وتوقع الغدر من الأعداء المتربصين في الحسبان، ومع كل ذلك وقبله وبعده، هناك ثقة لا سقف لها بأن النصر قادم، وأن أي نكوص من قبل الرياض عن التفاهمات وخفض التصعيد الحاصل، ستحمل متغيرات كبيرة لصالح اليمن وشعبه العزيز.
الرسائل إلى الرياض متواترة، بأن العين تراقب وأن التحركات مرصودة، واليد على الزناد، والنصيحة التي لم تتوقف صنعاء عن الإدلاء بها، هي التقدم في خارطة الطريق، وترجيح المصالح لشعوبنا ومستقبل بلدينا، وعدم الانسياق وراء التحريض الأمريكي، والاتعاظ من عشر سنوات تقارب على الإكتمال.