تحريك المياه الراكدة لوقف إطلاق النار في غزة
بينما تركزت أنظار العالم في الأيام الأخيرة على التطورات في سوريا، استأنفت حماس والكيان الصهيوني أيضاً محادثات وقف إطلاق النار في القاهرة، وكان المحور الرئيسي لهذه المحادثات هو تبادل الأسرى، وإنهاء النزاع، وتشير الأخبار إلى تقدم ملحوظ في هذه الجولة ولديها مفاوضات فنية.
وفي هذا الصدد، أشارت “العربي الجديد”، الإثنين، نقلاً عن مصدر مطلع، إلى تقدم مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة، وأكدت أن المفاوضات وصلت إلى مرحلة تبادل أسماء الأسرى عبر وسطاء.
سلم فريق حماس المفاوض، خلال زيارته إلى القاهرة الأحد، وزارة المخابرات المصرية أسماء عدد من الأسرى الإسرائيليين المرضى والمسنين المقرر إطلاق سراحهم في إطار اتفاق تبادل الأسرى بين المقاومة والكيان الصهيوني.
كما سلمت هذه الحركة للمصريين قائمة بأسماء الأسرى الفلسطينيين في السجون الصهيونية التي ترغب في إطلاق سراحهم في إطار هذه الاتفاقية، ويقال إنه خلال عملية تبادل الأسرى سيتم أيضًا إطلاق سراح 4 أسرى يحملون الجنسية الأمريكية.
وأكدت حماس في بيان لها أنه تم خلال هذا اللقاء بذل الجهود من أجل وقف إطلاق النار ومناقشة تشكيل لجنة الدعم الشعبية في غزة، وذكرت هذه الحركة أنها عازمة على نجاح هذه الجهود وإنهاء الحرب ضد الشعب الفلسطيني.
وأكدت “العربي الجديد” أن الوفد الإسرائيلي سيزور القاهرة أيضًا لمراجعة بعض بنود اتفاق وقف إطلاق النار المقترح، وفي هذا الصدد، ذكر التلفزيون الإسرائيلي أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ترأس اجتماعا أمنيا لبحث احتمالات إحياء محادثات تبادل الأسرى، وقال: إن هناك تقدما في محادثات التبادل، لكنه لا يرقى إلى مستوى الاتفاق.
كما قال رئيس الكيان الصهيوني إسحق هرتسوغ: إن “المفاوضات تجري خلف الكواليس لإعادة الأسرى من قطاع غزة، وهناك فرصة جيدة لإجراء تغيير خاص يؤدي إلى اتفاق لإعادة الأسرى من غزة.”
وقف إطلاق النار المؤقت
هناك تكهنات حول عملية التفاوض في حين تصر حماس على أنه لكي يتم تبادل الأسرى بين الجانبين لا بد من وقف إطلاق النار، وقد أثير هذا الموضوع أيضا في مفاوضات القاهرة.
وحسب التقارير، فقد وافقت حركة حماس على أن تكون المرحلة الانتقالية لاتفاق وقف إطلاق النار 60 يومًا، سيتم خلالها إدخال المواد الغذائية الأساسية والأدوية والوقود إلى غزة.
كما ذكرت صحيفة معاريف الصهيونية أن المفاوضات في القاهرة تركزت على ثلاثة محاور، قناة عسكرية تهدف إلى إنهاء الحرب، وقناة سياسية تهدف إلى التوصل إلى اتفاق تبادل الأسرى، وقناة إنسانية تتعلق بإعمار قطاع غزة وإعادة الحياة إلى طبيعتها، وتم دمج هذه القنوات الثلاث مع بعضها البعض وأصبحت تحت سيطرة المصريين.
وكتبت هذه الصحيفة العبرية: “النقاط الرئيسية للاتفاق هي كما يلي: يجب على الجيش الإسرائيلي أن يوقف الحرب على عدة مراحل وينسحب تدريجيا من غزة، وسيتم فتح معبر رفح أمام مئات الشاحنات التي تحمل المساعدات، وستطلق “إسرائيل” سراح مئات السجناء الأمنيين، ومثل لبنان، ستراقب الولايات المتحدة والعديد من الدول الأخرى التنفيذ المرحلي للاتفاق.
وقال أحد المفاوضين الصهيونيين لصحيفة “هآرتس”: إنه من أجل استئناف المفاوضات، يجب على “إسرائيل” أن تخفف من مواقفها، مثل الانسحاب من محور صلاح الدين (فيلادلفيا).
هذا فيما بدأت حكومة نتنياهو تنفيذ خطة “الجنرالات” في شمال غزة قبل شهرين لفصلها عن المحور الجنوبي باحتلال هذه المنطقة، وهو ما أثار رد فعل حاداً من جانب حماس والوسطاء.
وتحاول قيادات حماس تسهيل عودة اللاجئين إلى مناطق الشمال، رغم اعتراض الوزراء الصهاينة المتشددين في هذا الشأن، فإن تحقيق حماس لهذا الطلب يحيط به حالة من عدم اليقين.
وتأمل بعض المصادر أن يمهد اتفاق تبادل الأسرى الطريق أمام وقف كامل للأعمال العدائية في غزة.
وتجري المفاوضات بين حماس و”إسرائيل” بينما عقدت حركتا فتح وحماس مؤخرا محادثات في القاهرة بشأن إدارة غزة في فترة ما بعد الحرب، وبناء على الاتفاقيات المبرمة بين الجانبين الفلسطينين، تتولى لجنة الدعم الاجتماعي في غزة إدارة شؤون هذا القطاع المختلفة وستعمل تحت إشراف السلطة الفلسطينية.
كما ذكرت صحيفة معاريف أن وثيقة الاتفاق التي حصل عليها المصريون من حماس ومنظمة الحكم الذاتي تعتبر إنجازا في حد ذاتها، وعلى حكومة نتنياهو أن تقرر قريبا ما إذا كانت ستقبل تسليم غزة إلى هذه اللجنة أم لا.
نتنياهو تحت وطأة الضغوط الداخلية والخارجية
ورغم أن وزراء متطرفين مثل إيتمار بن غفير، وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي، هددوا بالانسحاب من الائتلاف الحكومي إذا توقفت الحرب في غزة، من أجل الضغط على نتنياهو لمواصلة الحرب، إلا أن حجم الضغوط الداخلية وهناك ضغوط دولية كبيرة على نتنياهو.
إحدى أدوات الضغط هذه هي الاحتجاجات الواسعة لعائلات الأسرى الصهاينة الذين يطالبون الحكومة كل يوم بإنهاء الحرب في غزة وإعادة أطفالهم.
وفي انقلاب واضح عن مواقفه السابقة، قال نتنياهو في لقاء أخير مع أهالي الأسرى إنه نجح على الجبهة الشمالية مع حزب الله، ويؤيد الآن وقف إطلاق النار، ويخشى نتنياهو أن يموت السجناء المتبقون، وفي هذه الحالة ستشتد موجة الانتقادات لحكومته.
وحذر الجيش الصهيوني مؤخرا القيادة السياسية من أن أزمة الغذاء في غزة تعرض الأسرى الإسرائيليين لخطر الموت والمجاعة.
في المقابل، أثيرت قضايا الفساد الخاصة بنتنياهو من جديد، وعليه المثول أمام المحكمة، وبالتالي فإن الفشل في قضية إطلاق سراح السجناء سيضعه في موقف صعب.
من جهة أخرى، سيدخل الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب أيضا البيت الأبيض في الأسابيع المقبلة، وقالت وسائل إعلام عبرية إن ترامب يضغط على نتنياهو لإغلاق ملف تبادل الأسرى وحرب غزة في أقرب وقت ممكن، حتى أنه قال له في بداية حكومته الجديدة، اطرح قضية غزة على مكتبك.
وكان الضغط الدولي فعالاً أيضاً في جلب نتنياهو إلى طاولة المفاوضات مع حماس، وبعد صدور مذكرة اعتقال نتنياهو من محكمة الجنايات الدولية، والتي رحبت بها حتى بعض الدول العربية وأعلنت استعدادها لاعتقال نتنياهو في حال سفره إلى هذه الدول.
من المؤكد أن نتنياهو في وضع صعب ومضطر إلى اتخاذ خيارات صعبة لأن أي إعلان عن اتفاق مع حماس يعني قبولاً رسمياً بالفشل في هدف تدمير حماس، كما أنه يشكل تحدياً خطيراً لبقاء الحكومة، ومن ناحية أخرى، فهو لا يستطيع شراء المزيد من الوقت، وقد وصل الصهاينة والعالم إلى نهايتهم.