أسلحة كيان الاحتلال الإسرائيلي إمعان في الإجرام ومطالبات بتحقيق دولي
استشهاد أعداد كبيرة وإذابة آلاف الجثث وتبخرها جراء الحرارة العالية وتحوّل الأجساد الواقعة في “عين الاستهداف” إلى ذرات صغيرة لا ترى بالعين المجردة تتطاير وتذوب في الهواء والتربة كلها أدلة واضحة على استخدام الكيان الغاصب الصهيوني لأسلحة محرمة دولياً بدعم أمريكي غربي، الأمر الذي دفع حماس للمطالبة بفتح تحقيق دولي بهذا الشأن وقالت حركة حماس -في بيان- إن “الشهادات المروّعة التي يدلي بها المواطنون والأطباء في شمال قطاع غزة بعد الغارات والمجازر التي تُنَفّذ ضد المدنيين الأبرياء، وتأكيد حالات استهداف بأسلحة وذخائر تؤدّي إلى تبخّر الأجساد؛ تؤشِّر بقوّة إلى استخدام جيش الاحتلال الإرهابي أسلحة محرّمة دولياً خلال حملة الإبادة الوحشية والمستمرة منذ ثلاثة وخمسين يوماً في شمال القطاع”.
وفي هذا السياق طالبت الحركة المجتمع الدولي والأمم المتحدة بتشكيل لجنة تحقيق دولية وتمكينها من دخول شمال القطاع والكشف عن طبيعة الذخائر التي يستخدمها جيش الاحتلال وحقيقة ما يرتكبه من انتهاكات واسعة للقوانين الدولية بحق المدنيين العزل.
وكان المدير العام لوزارة الصحة في غزة منير البرش قال أمس الجمعة: إن جيش الاحتلال يستخدم أسلحة “لا يعرف كنهها في شمال القطاع تؤدي إلى تبخر الأجساد”، كما أكد الدفاع المدني في قطاع غزة استخدام “إسرائيل” مثل هذه الأسلحة في أكثر من مناسبة خلال الأشهر الماضية وتسببها بإذابة جثث آلاف الشهداء وتبخرها.
أدلة كثيرة
في أكتوبر الماضى قال المدير العام لإدارة الإمداد والتجهيز بالدفاع المدني بقطاع غزة الدكتور محمد المغير، إن الاحتلال الإسرائيلي يستخدم أسلحة محظورة في المناطق التي تتسم بالكثافة البشرية العالية، واعتبر أن استخدام هذه الأسلحة يفسر استشهاد أعداد كبيرة، وإذابة آلاف الجثث وتبخرها جراء الحرارة العالية التي تنبعث عند وقوع الانفجار وتحوّل الأجساد الواقعة في “عين الاستهداف” إلى ذرات صغيرة لا ترى بالعين المجردة تتطاير وتذوب في الهواء والتربة.
وفي أغسطس الماضى أفاد جهاز الدفاع المدني في قطاع غزة بأن جثث 1760 شهيداً تبخرت بسبب الأسلحة المحرمة دوليا، كما أفاد الجهاز بعدم تمكنه من تسجيل بيانات أصحاب الجثامين في السجلات الحكومية المختصة.
وفي أبريل الماضي قال أطباء فلسطينيون من قطاع غزة: إن ظاهرة تحلل الجثامين وتبخرها “شائعة للغاية”، وإن نوعية الإصابات التي تصل إلى المستشفيات لم يسبق لهم أن تعاملوا معها، وكذلك الآثار الغريبة التي تتركها على المصابين، وأشاروا إلى أن السبب وراء هذه الإصابات يعود إلى درجة الحرارة الهائلة المنبعثة من الصواريخ غير التقليدية التي يستخدمها الاحتلال الإسرائيلي منذ بداية عدوانه على القطاع.
سجل حافل
على مدى الحروب العدوانية التي يشنها كيان الاحتلال ضد لبنان وقطاع غزة المتكررة منذ قرابة عقدين، ظهرت مؤشرات عديدة على استخدام أنواع من الأسلحة التي توصف بأنها “محرمة دوليا” لكونها تُحدث أضرارا بالغة بين المدنيين، والتي بات من غير المقبول دوليًا استخدامها في الحروب الحديثة، مهما كانت شدة الحرب وضراوتها.
ولطالما كان “توحش” الكيان الغاصب في كل مرة يزداد عن سابقتها ، فعلى سبيل المثال؛ في الفترة ما بين ديسمبر/كانون الأول 2008 ويناير/كانون الثاني 2009، أثناء العملية العسكرية في قطاع غزة، التي أسمتها إسرائيل “الرصاص المصبوب”، رُصدت ميدانيا العديد من الإصابات غير المعتادة، مثل الجثث المتفحمة حرقا على نحو يشير إلى إصابتها بأسلحة غير تقليدية، وأطراف مقطوعة تاركة جروحا تشبه الحروق، يَعرف الأطباء والمتخصصون أنها ليست ناتجة عن إصابات عادية، على إثر ذلك، اتهمت مؤسسات دولية جيش الاحتلال الإسرائيلي باستخدام أسلحة محرمة دولياً ضد المدنيين في القطاع.
وبشكل خاص، عادة ما يتم تركيز الكيان على استخدام القنابل الفسفورية بشكل مكثف، وهي أسلحة حارقة تحتوي على الفسفور الأبيض كحمولة أساسية، جرى تصميمها لتوليد حرارة شديدة تبلغ قرابة 1000 درجة مئوية، إلى جانب قوتها التدميرية، بيد أن هذا ليس السلاح “المحرم” الوحيد الذي تستخدمه حكومة الاحتلال، فثمة طبقات لا تنتهي يجري اكتشافها تباعا من توحش دولة الاحتلال في استخدام هذه الأنواع من الأسلحة، ما يستدعي التساؤل حول أنواع الأسلحة المحرمة دوليا التي استخدمها كيان الاحتلال بالفعل، بما فيها الفسفور الأبيض، ومتى ظهرت مؤشرات استخدامها؟
الفسفور الأبيض ..أداة عمياء
ينتج عن الفسفور الأبيض دماراً يفوق الخيال وحروقاً مؤلمة جداً قد تكون من الدرجة الثانية إلى الدرجة الثالثة، وخاصة أنه يذوب بسهولة في الدهون السطحية، وقد يُمتص مباشرة عبر الجلد، ومن ثم ينتشر في باقي الجسد، حيث يُلحق أضرارا خطيرة بالكلى والكبد والقلب، يمكن أن تؤدي إلى الوفاة.
تعمل القنابل الفسفورية بالشكل التالي عندما تنفجر القنبلة في الجو، يُطلِق نظام الإشعال حمولة الفسفور الأبيض إلى خارجها، فتنتشر الحمولة ويتفاعل الفسفور بسرعة مع الأكسجين الموجود في الهواء ويبدأ في الاحتراق بشدة.
ينشأ عن ذلك سحابة كثيفة من الدخان والجزيئات المشتعلة تُمطر على مساحة من الأرض تبلغ عدة مئات من الأمتار المربعة، وتحدث دمارا هائلا عند ملامستها أي مواد قابلة للاحتراق، ومنها أجساد البشر والمركبات والنباتات والحيوانات، وبالإضافة إلى خصائصه الحارقة، ينتج الفسفور الأبيض دخانًا كثيفًا، عادة ما يُستخدم لأغراض تكتيكية، مثل حجب الرؤية.
القنابل الفراغية والتوحش الصهيوني
هذا النوع من المتفجرات يُحدث انفجارًا عالي الحرارة والضغط، ويولد قوة اندفاعية عالية تصل إلى مساحة كبيرة، وعلى عكس المتفجرات التقليدية التي تعتمد على تفاعل كيميائي لإحداث الانفجار، تعمل الأسلحة الحرارية عبر إطلاق سحابة من جزيئات الوقود ثم إشعالها، وينتج عن هذا موجةُ انفجار شديدة وكمية كبيرة من الحرارة، يمكن أن يكون لها آثار مدمرة في الأماكن الضيقة.
وثق المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان في أبريل/نيسان 2024 مستوى جديدا مروعا من القتل في قطاع غزة.. ضحايا يبدو أن أجسادهم تبخرت أو ذابت نتيجة قصف إسرائيلي للمنازل السكنية، هذه الملاحظات دفعت المرصد للقول بأنه “يجب إطلاق تحقيق دولي في استخدام إسرائيل المحتمل للأسلحة المحظورة دوليًا، بما فيها القنابل الفراغية”.
المتفجرات المعدنية الخاملة الكثيفة
أشارت العديد من التقارير إلى أن كيان الاحتلال الإسرائيلي استخدم أيضا ما تسمى “المتفجرات المعدنية الخاملة الكثيفة” في غزة، سواء بإسقاطها جوا عبر الطائرات المسيرة أو تركيبها كرأس حربي للصواريخ، والمتفجرات المعدنية الخاملة الكثيفة تُحدث انفجارا نصفُ قطره محدود نسبيًا، لكنه فعال وقاتل للغاية.
تعمل هذه النوعية من المتفجرات في تمزيق الأنسجة البشرية بشكل مختلف تمامًا عن الشظايا المعروفة بشكل عادة ما يؤدي إلى بتر الأطراف السفلية، وكان عدد من العلماء الإيطاليين المنتسبين إلى لجنة مراقبة أبحاث الأسلحة الجديدة قد أعلنوا أن جروح هذه النوعية من القنابل غير قابلة للعلاج، لأن مسحوق “تنغستن” لا يمكن إزالته جراحيًا.
كل ذلك إلى جانب التأثيرات المسببة للسرطان لسبائك “تنغستن” المعدنية الثقيلة، حيث وجدت دراسة أجرتها وزارة الصحة والخدمات الإنسانية الأمريكية عام 2005، أن هذه الشظايا تُحفز بسرعة “الساركوما العضلية المخططة” في فئران المختبر، وهي نوع نادر من أنواع السرطانات-2009.
القنابل الغبية
لا تقتصر المسألة عند كون السلاح محرماً دولياً أم لا بسبب طبيعته، بل يمكن أن يُستخدم سلاح قانوني في الحروب لكن بشكل لا يُميّز، ما يزيد قدرته على الفتك والتدمير.
وعلى سبيل المثال وحسب تقييم استخباراتي أمريكي صدر في ديسمبر/كانون الأول 2023، فإن قرابة نصف الذخائر الجوية التي استخدمتها قوات الاحتلال الصهيوني في قطاع غزة، والتي بلغ عددها نحو 29 ألف قطعة، كانت من نوعية القنابل الغبية، تلك التي تفتقر إلى الدقة لأنها لا تمتلك أجهزة توجيه، مثل الذخائر الذكية التي توجّه عبر قطع تقنية دقيقة كالاعتماد على الليزر أو نظام التوجيه العالمي “جي.بي.إس”.