اخبار دولية وعربيةاخبار محليةالعرض في السلايدرتقارير

الإعلام المقاوم شريك الجهاد والتضحيات

سارة عليان

وسط الحرب الإعلامية الشرسة التي تشنها “إسرائيل” ومعها الولايات المتحدة الأمريكية والغرب على المقاومة وبيئتها، يقف الإعلام المقاوم حاملًا مسؤولية نقل المشهد كما هو بالصوت والصورة. وسط أزيز الرصاص والقذائف وعلى وقع التهديدات والمخاطر، يقف العاملون فيه بثبات في مواقعهم، متحدّين وحشية الاحتلال باللحم الحي. سلاحهم الكاميرا والصوت. غايتهم نقل مجريات الأحداث على أرض الواقع، ودحض أكاذيب العدو وادعاءاته، حتى وإن كلّفهم الأمر أن يدفعوا حيواتهم ثمنًا لإظهار الحقيقة، حيواتهم بكل ما للكلمة من معنى.

اتخذ العدو من العاملين في الإعلام المقاوم هدفًا أساسيًا له. أهدر الأرواح. دمّر المباني الإعلامية. قصف المراسلين في أماكن إقامتهم. لاحق الأصوات المقاومة التي أوجعته وتحدّته وما زال، في محاولة يائسة منه لإسكات صوت الميدان والمقاومة.

هذه التضحيات تكللت مؤخرًا باستشهاد الحاج محمد عفيف، مسؤول العلاقات الإعلامية في حزب الله، بعد عمر من الجهاد والتحدي وإعلاء صوت المقاومة بوجه كل الإعلام الصهيوني والغربي وبعض الإعلام العربي واللبناني الذي أوجعته صلابة وشجاعة الحاج عفيف في الميدان الإعلامي.

وفي محضر شهادة الحاج محمد عفيف، يؤكد رئيس تحرير صحيفة “الديار” الكاتب شارل أيوب أن العدو لم يستطع تحقيق أية انتصارات في الميدان، وإلى جانب ذلك كان صوت المقاومة قويًا يزعزع الكيان الصهيوني، وقد أخذ الحاج محمد عفيف على عاتقه هذه المهمّة، “كان شجاعًا مقاومًا بالكلمة التي لم يستطع العدو تحملها،” لأن الكلمة أقوى من الصاروخ، بينما لم يخرج مسؤول “إسرائيلي” واحد ويكون موازيًا في دوره وحضوره للحاج محمد عفيف.

ويصف الأستاذ أيوب الحاج محمد عفيف بأنه “شهيد الكلمة”، مضيفًا :”هو من قرر أن يلتحق بركب الشهداء وبسماحة الشهيد الأقدس السيد حسن نصر الله (رض) ، ليجسّد بشهادته ارتباط الأمة بالقضية الفلسطينية ورفضها التخلي عنها، وليثبت أن فلسطين حاضرة في وجدان الشعوب، وستتحرر بفضل المقاومة في كل المحاور، لأننا أقوياء في الميدان والكلمة ومنتصرون بها”.

شهيد كلمة الحق، حفر في وجدان الأمة ولدى زملائه في الميدان الإعلامي صورة بطولية مشرّفة، ليصبح بشهادته رمزًا إعلاميًا جهاديًا يحتذى به، فهو باستشهاده” كرّس دور الإعلام المقاوم والقدرة على المواجهة في التعبير” وفق ما نوّهت الإعلامية ڨيرا يميّن، مضيفةً ” هذا الاستشهاد كرّس أيضًا الكلمة، كفعل مقاومة وفعل حرية.” مباركةً للإعلام اللبناني والإعلام المقاوم شهادةً بهذا الحجم.

الإعلامية يمّين رأت في هذا السياق أن الإعلام المقاوم مستهدف، لأنه استطاع أن يكون إلى جانب البندقية، مواجهًا متحديًا مطلقًا الصوت والصورة كما الرصاصة، لذا لا بدّ أنه يؤلم العدو لدرجة أنه بات هدفًا فعليًا له، علّه يستطيع إسكات الكلمة وإيقاف الصوت والتعتيم على الصورة، ولكنه كما في كل مرة يتحول هدفه إلى حافز جديد في الميدان والسياسة والإعلام والثقافة والتعبير، ولمزيد من الصلابة والقدرة والمواجهة والتحدي والصبر والبصيرة، “وهكذا سنستمر.”

في الإطار نفسه، أكدت الإعلامية مي خريش أن استهداف العدو “الإسرائيلي” للإعلام المقاوم ورموزه يعتبر جزءًا من إستراتيجية توسعيّة هدفها إضعاف المقاومة، وقد لعب إعلام المقاومة منذ بدء العدوان “الإسرائيلي” على لبنان دورًا حيويًا في تعزيز الوعي وإظهار الحقيقة للبنانيين، لذلك من الطبيعي لهذا العدو أن ينظر إلى هذا الإعلام كبنية تهدد سياساته الدعائية.

وفقًا للإعلامية خريش، فإن استهداف الحاج محمد عفيف -وهو يعد شخصية مدنية- يحمل عدة دلالات، أبرزها محاولة كسر إرادة المقاومة وإضعاف معنوياتها وكسر الروح المعنوية المؤيدة لها، وإسكات صوت الإعلام المقاوم، لأنه أوجع “إسرائيل” وبيّن وحشيتها وهمجيّتها، فضلاً عن إضعاف تأثير هذا الإعلام وتحجيم قدرته على التأثير الدولي والمحلي. وهنا لا بد من لفت النظر إلى أن إعلام المقاومة وكل من يؤيدها من مؤثرين وفنانين وإعلاميين نجحوا بتغيير صورة “إسرائيل” في العالم لتصبح إرهابية، كما أن “إسرائيل” لم ولن تتمكن من تحقيق هدفها، لأن هذا النوع من الاستهدافات يزيد من عزيمة المقاومين ويزيد الدعم الشعبي للمقاومة، وبالتالي يمنع العدو من تحقيق أهدافه.

ترك الحاج محمد عفيف إرثاً جهاديًا وفكريًا مقاوماً، حاله كحال كل القادة الذين أمضوا حيواتهم على هذا النهج، وختموا مسيرة الجهاد بشهادة مشرّفة، بعد أن تركوا خلفهم أجيالًا مقاومة جاهزة وحاضرة لاستكمال المسيرة، ولتحقيق النصر المؤزّر.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com