اخبار دولية وعربيةاخبار محليةالعرض في السلايدرتقارير

منظمات دولية وخبراء: استهداف “القرض الحسن” جريمة حرب وعلى الجنائية الدولية التحرك

سارة عليان

“الإسرائيلي” مفلس، لقد استنفذ جميع أوراقه” حقيقة واقعية انتشرت في حلقات القراءة والتحليل السياسي والعسكري والاستراتيجي حاليًا، يستند كل من يتبناها إلى جدول أهداف العدو المحدّث الذي بدأ يظهر تباعًا، مع استهدافه الإجرامي لمؤسسات مدنية بحت بحجّة اتصالها بالمقاومة، وليس آخرها جمعية “القرض الحسن” التي تشكّل أنموذجًا صادقًا ومشرّفًا عن العمل الاجتماعي الخيري الوطني، وقبل كل شيء المرخّص قانونيًا ورسميًا.

خدمة الناس بالصفة القانونية

انطلقت جمعية “القرض الحسن” منذ ما يقارب الـ 42 عامًا، كان هدفها الأول هو خدمة الناس ومساعدتهم في حل مشكلاتهم الاجتماعية وتعزيز روح التكافل والتعاون بين أبناء الوطن الواحد. وهي تمتلك ترخيصًا من وزارة الداخلية منذ العام 1987 بموجب علم وخبر 217/أ.د ومرخصة لإعطاء القروض، وفقًا لما أفاد به مصدر خاص في الجمعية لموقع “العهد” الإخباري، كما أنها لا تبغي الربح، ومنح القروض من دون فوائد ولكل المقيمين على الأراضي اللبنانية من دون استثناء.

بلغ عدد المستفيدين من خدمات الجمعية أكثر من مليوني مستفيد، وقيمة القروض الممنوحة 4 مليارات دولار، وهي تموّل من حسابي المساهمة والاشتراك، واستمرار المؤسسة في عملها لأكثر من 40 عامًا هو دليل قاطع على مصداقيتها وثقة الناس بها.

مؤسسة ضمن إطار الدولة

في إطار الحديث عن الشرعية القانونية لجمعية “القرض الحسن”، كان لا بدّ من اللجوء إلى القانون اللبناني الداخلي وتحديدًا القانون المصرفي لتوضيح المشهد، فهل هذه المؤسسة تمثل نظامًا مصرفيًا خارج إطار الدولة أم أنها مؤسسة مرخصة؟.

المحامي الدكتور صلاح رعد أكد، في هذا السياق، أن مؤسسة “القرض الحسن” هي جمعية محلية لا تتوخى الربح. كما أنها لا تعدّ مصرفًا كباقي المصارف اللبنانية والمؤسسات المالية التي تخضع لإشراف مصرف لبنان الذي يشكل السلطة النقدية الناظمة لعمل المصارف في لبنان، وصاحب الصلاحية بمنح التراخيص لإنشاء مصارف جديدة. ولكون “القرض الحسن” جمعية فهي مرخصة من الدولة اللبنانية وفقًا للقوانين المرعية الإجراء وحاصلة على “علم وخبر” من وزارة الداخلية، وعملها محصور بمنح قروض صغيرة من دون فائدة تعطى بضمانات إما مقابل ذهب أو نقود، ولا تودع أموالها في المصرف المركزي، ولا تستثمر في سندات الخزينة، ولا تبيع وتشتري العملات إسوة بباقي المصارف. وهي بذلك مماثلة لعدة جمعيات تنشط في المجال نفسه على الأراضي اللبنانية، ولكن لا يسلّط الضوء عليها لأسباب معروفة، وتاليًا كل المزاعم التي تدعي خروجها عن القانون أو عن الأنظمة المرعية الإجراء تعدّ باطلة حكمًا وفي غير محلها.

المؤسسة تحظى بحماية عامة وخاصة

على صعيد القانون الدولي، أيضًا تعدّ مؤسسة القرض الحسن جمعية مدنية تهدف إلى عمل مالي اقتصادي اجتماعي خيري، فهي عين مادية بنظر القانون الدولي الإنساني، وفقًا لما تؤكده الدكتورة أحلام بيضون المتخصصة بالقانون الدولي، مشيرة إلى أن هذه المؤسسة تحظى بحماية اتفاقيات جنيف للعام ١٩٤٩، وبروتوكولاتها التكميلية للعام ١٩٧٧، بالاضافة إلى اتفاقية لاهاي لعام ١٩٠٧. ولا يشترط بالجهات المعنية أن تكون طرفًا في تلك الاتفاقيات كي تلتزم بها، كون قواعد القانون الدولي الإنساني تتمتع بقوة إلزامية قصوى بصفتها قواعد عرفية اتفاقية.

كما تحظى مؤسسة القرض الحسن بنظر القانون الدولي الإنساني – وفقًا للدكتورة بيضون- بحماية عامة، حيث يحرم القانون استهداف المؤسسات والمباني المدنية، ويعدّ ذلك جريمة حرب، كما تحظى بحماية خاصة كونها تقدم خدمات اقتصادية واجتماعية للمدنيين خاصة الفقراء منهم، وهي مؤتمنة على ودائعهم.

هذا؛ وتلفت الدكتور بيضون إلى أن المحكمة الجنائية الدولية يجب أن تتخذ موقفًا فوريًا إزاء هذه الجريمة بصفتها جرائم الحرب من اختصاصها وفقًا للمادة الثامنة من نظامها الأساسي، والذي يهدف إلى ملاحقة المرتكبين ومحاكمتهم بجرمهم وتحميلهم كامل المسؤولية عمّا لحق بمؤسسة القرض الحسن وفروعها والمدنيين المتعاملين معها، كذلك ما لحق بالمدنيين من أصحاب المباني والشقق المدنية التي تشغل فيها فروع القرض الحسن طابقًا على الأكثر، والذين لا علاقة لهم بها أساسًا.

استهدافات ترقى لجرائم حرب

منذ أيام؛ أصدرت “منظمة العفو الدولية” بيانًا أكدت فيه أن استهداف “إسرائيل” لجمعية “القرض الحسن” يشكّل انتهاكًا للقانون الدولي الإنساني ويتعين التحقيق فيه بصفته جريمة حرب. وبيان المنظمة يتحدث عنه الأستاذ زهير ماخلو، وهو كاتب عام “منظمة العفو الدولية” في تونس سابقًا ونائب سابق في البرلمان التونسي، إذ يؤكد لـ”العهد” أن البيان واضح لجهة تصنيف الاعتداء الإسرائيلي على مؤسسة القرض الحسن بأنه جريمة حرب، ولكن الأمر يستدعي التحقيق وجمع الأدلة، وهو تحقيق بسيط، ولكنه ضروري من أجل أن تحال القضية للمحكمة بأشكال متعددة، إما عبر مؤسسات المجتمع المدني من خلال إقناعها الوكيل العام للمحكمة الجناية الدولية، وعندها يصبح قادرًا على إثارة المسألة، أو بتعهّد هذا الأخير بإثارة القضية من قرارة نفسه، أو عبر الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن وهي الجهات التي تحيل التهم إلى المحكمة الجنائية. ويلفت ماخلو إلى أن القضية يمكن أن تثار ضد الكيان “الإسرائيلي” ككل وضد أشخاص ضمن هذا الكيان، بعد جمع الأدلة.

في الإطار عينه، يشير الأستاذ عبد الإله عبد السلام، وهو منسق “الإئتلاف المغربي لهيئات حقوق الانسان”، إلى أن التطهير العرقي الذي يقوم به العدو “الإسرائيلي” ليس سوى أداة من أدوات الاستعمار الغربي الذي يدعي الديمقراطية، وأن استهداف المؤسسات المدنية يرقى بالطبع لمستوى جرائم الحرب التي لا تستثني البشر والحجر، مشددًا على أن التقدم بدعاوى أمام المحاكم الدولية أمر ضروري، على غرار ما قامت به دولة جنوب أفريقيا وغيرها، بالرغم من خضوع المنظمات الدولية فعلًا للّوبي الصهيوني منذ نشأتها.

الأهداف المدنية: إفلاس بكل المعايير

ما أجمع عليه الخبراء القانونيون أيده الإعلامي بيار أبي صعب، والذي رأى أن إفلاس العدو الصهيوني توّج مؤخّرًا بإفلاس عسكري تمثّل بافتقاره لأي أهداف حقيقية. وقد أشار، في هذا السياق، إلى أن الكيان الصهيوني قائم بشكل أساسي على نظام الإبادة والدعم الأميركي والغربي له وعلى سياسات التضليل والكذب، وأن الغاية من ضرب فروع جمعية القرض الحسن هي خلق حالٍ من الهلع عند الناس الذين يمتلكون الودائع، مع العلم أن حزب الله قد قام فعليًا بنقل كل تلك الودائع والأمانات مسبقًا إلى أماكن أكثر أمنًا، بالإضافة إلى محاولة تفتيت وتمزيق لبيئة المقاومة بشكل خاص وللمجتمع اللبناني بشكل عام، واليوم يحاول استهداف المستشفيات على غرار ما حصل في غزة، بحجة وجود قواعد تابعة للمقاومة.

وفقًا لأبي صعب، العدو هدفه فعليًا هو قصف كل المؤسسات المدنية وكل ما يتعلق بمؤسسات الإغاثة والمسعفين والفرق الطبية وكذلك كل من يقدم الدعم للنازحين، من دون اي احترام للمواثيق والمعاهدات الدولية خدمة لمشروع الإبادة الذي ينفذه بحق المقاومة وبيئتها الحاضنة، كونها تشكّل مكونًا أساسيًا من مكونات المجتمع اللبناني، وهذه الجرائم كلها ترتقي بالطبع إلى مستوى جرائم الحرب.

في الخلاصة، يعدّ استهداف مباني جمعية “القرض الحسن” جريمة حرب تطال مؤسسة مدنية تضاف إلى سجل العدو “الإسرائيلي” الأسود الحافل بالجرائم ضد المدنيين والأعيان المدنية. وهي ترتكب على مرأى ومسمع من العالم أجمع الذي يقف صامتًا لا يحرك ساكنًا إزاء هذا التمادي في الإرهاب والتوحش “الإسرائيلي”، فيما يفترض بالمحكمة الجنائية الدولية المسارعة للتحرك ولمحاكمة قادة العدو على ارتكاباتهم الممتالية بحق المدنيين.

 

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com