منوعات

الفرشاة والمعجون… ما وراء الأسنان البيضاء والابتسامة المشرقة؟

هل تلتقط فرشاة ومعجون الأسنان لتنظف بهما أسنانك بعد كل طعام؟

ربما يكون الجواب على هذا السؤال لا لعدد كبير من الأشخاص، إذ يعتبر هذا الفعل من العادات التي تحتاج إلى الانتظام والتكرار والثقة بها أولاً، وعلى رغم ذلك لا يخلو منزل اليوم في أحد أركانه من وجود مجموعة من فراشات الأسنان والمعجون لنوع واحد أو أكثر.

لكن هل خطر في بالك أن تتساءل كلما قمت بهذه العملية متى بدأت؟ وما هو هذا المعجون الذي تنظف به أسنانك؟ وهل هو مفيد حقاً كما قيل أم للتسويق دور في استهلاكه؟ وهل حافظ على مكونات القدماء في خلطته؟

زهر السوسن

يعود تاريخ معجون الأسنان إلى الحضارات القديمة، حيث كان المصريون من أوائل الذين طوروا مادة لتنظيف الأسنان نحو 5000 سنة قبل الميلاد، واستخدموا لهذا الغرض العظام المطحونة وأصداف المحار والأعشاب المجففة مثل النعناع لصنع معجون بدائي.

وفي أوائل هذا الألفية اكتشف الباحثون تركيبة لمعجون أسنان ترجع إلى القرن الرابع الميلادي في وثائق من ورق البردي، الذي كان يستخدم في مصر القديمة، والمحفوظة في فيينا بالنمسا، وعليه عدت هذه الوثيقة أقدم تركيبة عرفها الإنسان لمعجون الأسنان.

وشملت مكونات هذه التركيبة درخمة واحدة من الملح ودرخمتين من النعناع، و20 حبة من الفلفل الأسود وكمية من السوسن المجفف، الذي اكتشف الأطباء أخيراً أنه يشكل حماية ضد أمراض اللثة، والدرخمة هي وحدة وزن دقيقة جداً تعادل جزءاً من مئة جزء من الأونصة، إذ لا تملأ هذه الكمية أنبوب معجون أسنان، لذلك كانوا يصنعونها عند كل تنظيف للأسنان لمرة واحدة، إذ كانوا يطحنون المكونات لتكون ناعمة جداً وتختلط جزئياتها بجزئيات الزهر (السوسن) ويدلكون الأسنان لأسفل بهذه التركيبة حتى يصلوا إلى اللثة.

خلطات حول العالم

وجدت أول فرشاة أسنان مصنوعة من عظام الأسماك وأشواك الأسماك في الصين القديمة، وقبلها استخدموا أغصان الأريكا، وهو نبات استوائي استخدم جوزه أيضاً كمعجون أسنان، كما استخدموا الأريكا في الشرق لصنع معجون الأسنان الخاص بهم، وذلك بخلطه مع الجير الناتج من طحن أصداف الرخويات، كما صنعوا علكة تحافظ على الأسنان نظيفة وبيضاء ولامعة.

وفي نحو عام 550 قبل الميلاد ببلاد فارس القديمة كانوا ينظفون أفواههم عن طريق وضع خليط من الصبغة وحمض البوريك بفرشاة، أما عند العرب فتذكر المراجع أن تنظيف الأسنان كان من طقوس الموت، إذ كان عليهم تنظيفها بالسواك حتى تظهر الروح نظيفة أمام الله.

وخلال القرن الـ 17 استخدم خليط من غبار المرجان أو قشر البيض المحروق والمكسر كمعجون أسنان في بعض مناطق أميركا، إذ يوضع الخليط على قطعة من القماش ثم يفرك على الأسنان، وفي أوروبا استخدم قصب السكر للحفاظ على نظافة الفم، وهو الأمر الذي أوصى به حتى الأطباء مثل فريدريك سلير (1647- 1727)، وهو طبيب وكيميائي إنجليزي مشهور.

أول محاولة متطورة

على رغم وجود العديد من المحاولات لتطوير منتج من شأنه أن يساعد في نظافة الفم، إلا أنه لم يبدأ استخدام معجون الأسنان بطريقة واسعة النطاق وموحدة إلا في القرن الـ 19، وقد نشأ معجون الأسنان كما نعرفه اليوم عام 1842، عندما خطرت لطبيب الأسنان بيبودي (اسمه الأول غير معروف) فكرة إضافة الصابون إلى تركيبة معجون الأسنان التي كانت موجودة في ذلك الوقت، وانطلاقاً من هذه الإضافة، تم تحسين معجون الأسنان كل بضع سنوات بمكونات جديدة ومثيرة للاهتمام، وفي 1850 أضاف جون هاريس عنصراً جديداً إلى تركيبة بيبودي وهي الطباشير.

وفي عام 1873 أطلقت شركة “كولجيت” أول معجون أسنان أنتجته بكميات كبيرة، في شكل مسحوق ومعبأ في إناء زجاجي، وقد أحدث هذا ثورة بصناعة صحة الأسنان، وجعل المعجون في متناول عامة الناس، كما شهدت أواخر القرن الـ 19 تقدماً كبيراً آخر في تعبئة معجون الأسنان مع اختراع أنابيب قابلة للطي.

في عام 1892 أدرك ابن جراح الأسنان واشنطن شيفيلد وينتورث، وهو من عشاق الرسم سهولة تعامل الرسامين مع أنابيب الألوان، ومن هنا ولد أول أنبوب لمعجون الأسنان، وعليه فقد سمح هذا الابتكار بسهولة التوزيع والحمل وملاءمة للاستخدام، إضافة لذلك فقد خضعت تركيبة معجون الأسنان لتغييرات مع مرور الوقت واستبدل الصابون، الذي كان يستخدم في البداية في معجون الأسنان، بمكونات أخرى مثل كبريتات لوريل الصوديوم، ما أدى إلى التحول لخيارات معجون أسنان أكثر لطفاً مع مجموعة متنوعة من النكهات.

يعتبر عام 1901 عاماً مهماً جداً لتطور معجون الأسنان، وذلك عندما بدأ طبيب الأسنان فريدريك ماكاي بدراسة استخدام الفلورايد في طب الأسنان، ونتيجة لذلك ظهر معجون الأسنان بالفلورايد للمرة الأولى 1914.

وأطلقت شركة “بروكتر أند غامبل” عام 1950 مشروعاً بحثياً لتطوير معجون أسنان جديد يحتوي على الفلورايد كمكون رئيس، والذي تم طرحه في البلدان الصناعية نهاية الستينيات، وبفضل هذه التركيبة الجديدة انخفض معدل تسوس الأسنان لدى الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و16 سنة بنسبة 49 في المئة، وهو انخفاض مشابه جداً لذلك الذي يعانيه البالغون.

وفي عام 1955 اعترف بمعجون الأسنان (Procter & Gamble’s Crest) من قبل الجمعية الأميركية لطب الأسنان (ADA) لفعاليته، وقد حفز هذا الإنجاز على استخدام معجون الأسنان على نطاق واسع، فبمجرد اكتشاف فوائد الفلورايد واستغلالها، ركزت الأبحاث على مشكلات رئيسة أخرى مثل جير الأسنان وفرط حساسية الأسنان، حتى عام 1990، مع ظهور معاجين الأسنان الأولى التي تهدف إلى القضاء على كلتا الحالتين.

الإعلانات والحقيقة

واليوم مع انتشار الإعلانات التسويقية التي تدعو بشكل غزير لاستخدام معجون الأسنان من شركات محددة، كان لا بد من معرفة بعض التفاصيل التي لا تقال في العلن، إذ تعمل معاجين الأسنان العادية غير المبيضة على إزالة بعض البقع السطحية التي تغير لون الأسنان، وقد صممت معاجين الأسنان المبيضة لإزالة البقع السطحية التي يصعب التخلص منها، إذ تحتوي عادة على مجموعة من المكونات الخشنة لإزالة البقع، مثل السيليكا، ومنها ما يحتوي على بيروكسيد الكارباميد أو بيروكسيد الهيدروجين، وبعضها قد يحتوي على مادة الكوفارين الكيميائية الزرقاء التي تخلق وهماً بصرياً يمكن أن يجعل الأسنان تبدو أقل اصفراراً بشكل فوري، بينما عند استخدام معجون أسنان يحتوي على عوامل تبييض أخرى، قد يستغرق الأمر أسابيع عدة حتى تلاحظ التغيير عند استخدامه مرتين يومياً، وقد يستغرق الأمر من أسبوعين إلى ستة أسابيع حتى تظهر الأسنان أكثر بياضاً.

ولذلك يجب العلم بأن المعاجين تبيض الأسنان ولا تغير اللون الفعلي للأسنان، فإذا كان الفرد مدخناً أو يتناول الكثير من القهوة ، فقد لا يرى النتائج التي يتوقعها من معجون أسنانه، وعليه فإن معاجين الأسنان المبيضة يمكن أن تحل الأضرار الطفيفة وبعض البقع السطحية الداكنة، إلا أنها غير قادرة على الوصول إلى مسافة كافية في المينا للقضاء على البقع العميقة، كما يمكن أن تؤدي المكونات الكاشطة الموجودة في معجون الأسنان إلى إتلاف مينا الأسنان إذا تم الإفراط في استخدامها على المدى الطويل.

ومن هنا يجب الانتباه للإعلانات الخاصة بهذا المنتجات ومعرفة ما لها وما عليها، ولذلك سعت طبيبة أسنان ك.سارفيندران، التي تدير عيادتها الخاصة في تورونتو بكندا، إلى مشاركة العديد من النصائح والمحتوى المعلوماتي المتعلق بنظافة الفم وصحته على صفحتها بـ”تيك توك”، وعبرت عن استنكارها لإعلانات معجون الأسنان وكمية المعجون التي تستخدمها، معتبرة أن الكمية الموضحة في وسائل الإعلام مبالغ فيها تماماً، وأظهرت الكمية الصحيحة التي يجب أن نستخدمها كل يوم من أجل نظافة الأسنان المثلي والتي تعادل حجم حبة البازلاء.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com