21 سبتمبر.. رؤيةٌ ثوريةٌ أضاءتها شمسُ الشهادة في سماء اليمن
21 سبتمبر ||بقلم- حسام باشا|
إن ثورة 21 سبتمبر لا تقبل القراءة المنفصلة عن سيرة الشعب اليمني ومحطاته الحاسمة، فهي ثمرة تراكمات من الجراح والأحزان والمظالم التي عانى منها أبناء هذه الأرض على مدى عقود من حكم الطغاة والفاسدين، كما أنها امتدادٌ لرؤية ثورية أضاءتها شمسُ الشهادة في سماء اليمن، وهو الشهيد القائد السيد حسين بدرالدين الحوثي -رضوان الله عليه-، الذي رفَعَ رايةَ المقاومة والنهضة في وجه المشروع الصهيوأمريكي.
حقيقة، لم تكن ثورة 21 سبتمبر ثورة عادية، بل كانت ثورة نهضوية بامتيَاز، فقد حقّقت إنجازات مذهلة على كافة الأصعدة، رغم كُـلّ التحديات والمؤامرات التي واجهتها من قبل تحالف العدوان السعوديّ الإماراتي، الذي شن حرب عدوان ظالمة على اليمن، بدعم من أمريكا وبريطانيا وإسرائيل.
فعلى الصعيد العسكري، تمكّنت ثورة 21 سبتمبر من كسر شوكة التحالف العدوان، وصد هجماته المتكرّرة على مختلف الجبهات، وتحرير معظم المحافظات من قبضة الجماعات التكفيرية الموالية للعدوان.
كما تمكّنت من شن هجمات مضادة على مواقع العدوّ في الداخل والخارج، باستخدام أسلحة محلية الصنع، طوَّرها المهندسون والخبراء والمخترعون اليمنيون، رغم الحصار والعزلة التي فرضها العدوان على صنعاء، ومن بين هذه الأسلحة: صواريخ بالستية وكروز، قادرة على ضرب أهداف حساسة في قلب المملكة السعوديّة والإمارات، وطائرات مسيَّرة ومفخخة، قادرة على تنفيذ عمليات استشهادية ضد قواعد عسكرية وأهداف اقتصادية للعدو، وقنابل ذكية وموجَّهة، قادرة على اختراق دفاعات العدوّ وإصابة أهدافها بدقةٍ عالية، وألغام وصواريخ بحرية وبرية، قادرة على تعطيل حركة الملاحة والتجارة للعدو في المضائق والبحار.
ولا تقتصر إنجازات ثورة 21 سبتمبر على الجانب العسكري فقط، بل شملت أَيْـضاً الجانب السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي، فقد استطاعت ثورة 21 سبتمبر أن تحافظ على استقرار المؤسّسات الحكومية في المناطق المحرّرة، وأن تدير شؤون البلاد بكفاءة، رغم صعوبة الظروف التي تعيشها، كما استطاعت أن تبني سياسات اقتصادية ناجحة، ساهمت في حفظ سعر العملة المحلية، وتوفير الخدمات الأَسَاسية للمواطنين، مثل: الكهرباء والماء والصحة والتعليم والاتصالات، كذلك استطاعت ثورة 21 سبتمبر أن تثبت قيم الدين والأخلاق والثقافة في المجتمع اليمني، وأن تعزز روح المقاومة والشجاعة والإبداع في صفوف شبابه، كما كان لها دور كبير في ترسيخ هُــوِيَّة الشعب اليمني الإيمانية ونشر التوعية الدينية والسياسية، ومحاربة الأفكار الهدامة والدخيلة، التي تهدف إلى زرع الفتنة والانقسام.
لا شك أن ثورة الـ21 من سبتمبر لم تك مُجَـرّد ريح تهب وتذهب، بل كانت إعصاراً هدم أسوار التبعية والعمالة، وزرع بذور دولة يمنية حديثة، متحدة كقلب واحد، ذات مؤسّسات صلبة تنهض بالعدالة والتنمية والكرامة للمواطنين وتحفظ الوطن وسيادته، هي ثورة عظمى علمت الشعب اليمني الذي نهض بإرادته وعزيمته لنيل حريته واستقلاله وكرامته ولم يخضع لأية قوى خارجية أَو داخلية تريد السيطرة على مصيره دروساً في الصبر والمثابرة والفداء والالتزام بمبادئه وهُــوِيَّته الإيمانية، هي ثورة تاريخية أحدثت تغييرًا جذريًّا في موازين القوى في المنطقة، وأثبتت أن الحق ينتصر على الباطل، وأن العدل يسود على الظلم، ثورة أحيت وطنًا كان على شفا الهاوية، وأعادت له كرامته وسيادته، وأطلقت له طاقاته وإمْكَاناته، وأوقدت فيه شعلة الصمود والمقاومة، وأرسلت للعالم رسائل قوية بأن الشعب اليمني لن يقبل بالذل والخضوع، ولن يسمح بالتدخل في شؤونه وقراراته، إنها ثورة تستحق أن تكتب بحروف من نور في تاريخ اليمن والأمة، وأن تدرس بعناية في المدارس والجامعات، ففيها دروس وعبر لكل من يريد أن يحرّر نفسه من قيود الاستبداد والتبعية.
وإن من الصعب إبراز مختلف جوانب إنجازات هذه الثورة المباركة؛ إذ يتطلب ذلك مساحة أكبر من مقال واحد، فهي تشمل مجالات عديدة ومتنوعة، وتحتاج إلى دراسات أكاديمية وبحثية معمقة وشاملة تستقصي حقائقها وإنجازاتها.