الخطأ “اليمني” الذي أنقذ “اردوغان”.. هل سيهدي انتصارنا على “السعودية” مجانا لإيران !!
بقلم / عابد المهذري ..
لست مقتنعا بتحليلات القائلين بأن وراء انقلاب تركيا أمس خطة يسعى من خلالها اردوغان لاستكمال سيطرته على الجيش التركي والتخلص من القيادات العسكرية المناؤة له ثم شن حرب على سوريا لاسقاط رئيسها الاسد . سبب عدم قناعتي يتعلق بتضارب وتناقض تحليل هؤلاء الخبراء السياسيين .. الذين كانوا في بداية اذاعة اخبار محاولة الانقلاب ؛ يزعمون ان الرئيس بشار هو من يقف وراء العمل ويبنون موقفهم هذا على تسريبات منسوبة لقيادة الانقلاب تتحدث عن اصدارهم لتوجيهات تقضي بسرعة انسحاب القوات التركية من سوريا والعراق . ومع الاعلان عن فشل العملية الانقلابية التي انتهت دراماتيكيا بسرعة في غضون ساعات وجيزة .. تغيرت رؤيتهم جذريا للتداعيات ما حدث في أنقرة بالترويج لتلك الاطروحات التحليلة ومضاف اليها قولهم بان ماجرى كان مسرحية اردوغانية نفذها بطريقة استباقية وان هدف اردوغان هو تفكيك وتدمير جيش تركيا بما يؤدي لتوسيع نفوذ وهيمنة وصلاحيات القوات الأمنية التابعة والموالية له واحلالها كبديل يتسم بالطابع الاسلامي يكون موازيا لقوة الجيش ذا النزعة العلمانية . المحللون الاستراتيجيون إياهم يتشعب باضطراب فاضح في ربط بين ماجرى بمخططات الدول الغربية وفي مقدمتها امريكا واسرائيل لتدمير وتفكيك جيوش الدول الاسلامية (!!) ويستشهدون للاستدلال على صواب طرحهم بما تعرضت له جيوش العراق وليبيا واليمن وسوريا واستهداف الجيش المصري وذكر جيش ايران باستحياء على هامش ذلك الكلام . اليمنيون كانوا أكثر المبتهجين بأحداث تركيا امس .. واندفعوا اليها بعاطفية وسطحية يغلب عليها الوعي القاصر ..فالفرحة اليمنية بالاضطرابات التركية رغم ان اليمن أقل من فيرها تأثرا بها .. كانت أكبر واكثر من فرحة واهتمام العراقيين والسوريين والمصريين وهم الاعداء الحقيقيون لتركيا والاشد حقدا وكراهية على اردوغان . لم اجد اعلام سوريا مثلا او اعلاميو مصر ايضا ولا حتى المعارضة الكردية .. يقدمون الاسد او السيسي كأبطال يقفون وراء ما تعرض له اردوغان .. فيما قام بالدور الاعلاميين والنشطاء اليمنيين .. ليس بالسخرية والشماتة فقط التي يمكن استساغتها وفهم حيثياتها .. بل في التسابق الارعن للنخب والقيادات السياسية والثقافية في منح البطولة لزعامات لم تقم شعوبها بتقديمها بالشكل البطولي كما فعلنا نحن . ليست المرة الاولى ولن تكون الاخيرة التي ينساق فيها المثقف اليمني خلف الانبهار بما يأتي من الخارج .. لقد انبهرنا كثيرا ببوتين وبشار والسيسي والرئيس الكوري بنفسية عفوية لايفترض ان نظل اسرى لها دائما وننسى اليمن وابطاله وانتصاراته حد التفريط غير المبرر و وكشف عقدة النقص المستفحلة في تفكيرنا واسلوب تعاملنا مع الآخر .. متناسين الندية وروحية الانتماء للهوية الوطنية اليمنية بمنأى عن التبعية للغير والانجذاب اليهم مهما كانوا اقوياء وابطالا ومؤثرين .. لأننا في الحقيقة أكبر واهم وأقوى واعظم من أي أحد آخر من واقع ما يصنعه اليمني في الميدان ويجسده من ملامحم اسطورية على ارض التحدي والصمود ومواجهة اشرار العالم بثورية وتضحيات لا يصل لثلثيها ما يقدمه ويقوم به أولئك الذين ننبهر بهم ونهديهم انتصاراتنا بالمجان . أخشى لو بقي تفكيرنا سطحيا بهذا الانحدار ان يأتي اليوم الذي نسقط فيه عروش آل سعود ثم نجدنا نصدق ان من اسقط حكام وملوك وامراء السعودية والخليج هو بشار وبوتين وملالي طهران ؛ وليس الشعث الغبر اليمنيين . فكروا بصوت مرتفع -من الآن – فيما كتبت لعلكم تعرفون حجمكم وتعلمون قدركم وقيمتكم !!