تحركات أمريكية مكثفة لتقويض الجهود العمانية.. ونكوص سعودي عن التفاهمات
21 سبتمبر || تقرير _ عبدالجليل الموشكي :
مع بداية التحركات العمانية التي تنصب نحو دفع عملية السلام بين السعودية واليمن ، استنفرت الإدارة الأمريكية بكافة مستوياتها لعرقلة تلك الجهود ، وكثف المبعوث الأمريكي جولاته إلى المنطقة لعرقلة الجهود والضغط لإعاقتها ، وفي السياق نفسه وصل مستشار الأمن القومي الأميركي «جيك سوليفان» إلى الرياض، وحسب ما هو معلن سيلتقي محمد بن سلمان.
ما صرح به سوليفان يبين أن الزيارة تحمل عنوان اليمن ، ومن الواضح أن الإدارة الأمريكية دفعت بمملكة العدوان السعودية إلى التراجع عما أبدته من استعدادات للمضي في صرف المرتبات ورفع الحصار وحل الملف الإنساني ، تعبر عنه المماطلة السعودية الواضحة إزاء حل الملف الإنساني.
تدفع أمريكا بالمملكة السعودية نحو مزيد من التصعيد ، وتحاول إبقاء الحالة معلقة بين اللاحرب واللاسلام ، بهدف إبقاء يدها محتلة لليمن ، وأيضا لحلب مزيد من الأموال السعودية.
وقد شكلت الزيارة السعودية إلى صنعاء في التاسع من أبريل المنصرم نقطة بداية لاستدارة سعودية نحو الخروج من الحرب على اليمن، وبمعزل عن مجرياتها وما تمخضت عنه ، إلا أن اندفاعة أمريكية لوقف أي نتائج إيجابية تفضي لصرف المرتبات ورفع الحصار والوصول إلى سلام ، ومن اللحظة الأولى أرسلت الولايات المتحدة الأمريكية مدير وكالة الاستخبارات المركزية، «سي آي إيه»، «وليام بيرنز»، إلى السعودية للقاء محمد بن سلمان ، وإبلاغه استياء واشنطن من الحل في اليمن.
زيارة مدير وكالة الاستخبارات الأمريكية غير معلنة، فيما تؤكد وسائل إعلامية أمريكية ومصادر دبلوماسية، تحذير المسؤول الأمريكي الحاكم السعودي من مغبة المضي نحو اتفاق سلام في اليمن.
تبرز التحركات الأمريكية المشبوهة لإفشال أي تقدم نحو السلام، بما يضمن استمرار مصالح واشنطن، وبقاء الرياض في ورطة الاعتداء وتدمير بلد وانتهاك سيادته، بكل ما لذلك من تداعيات على السعودية نفسها إن عادت للتصعيد.
موقف صنعاء
لم يتغير موقف القيادة بشأن أجندة أي مفاوضات، فالملف الإنساني في الطليعة، رغم محاولات الرياض ومن ورائها واشنطن استبعاده في أكثر من جولة مفاوضات، وبالتزامن مع التحرك السعودي كان بالمقابل ثمة تحركات أمريكية، نسردها لكم وتداعياتها في سياق زمني يبين دلالاتها وأبعادها وآثارها.
ورسميًا أعلنت صنعاء بأن الوفدين العماني والسعودي اللذين وصلا في التاسع من إبريل ، هو لبحث رفع الحصار بكل تداعياته، ووقف العدوان، واستعادة كافة حقوق الشعب اليمني، ومنها صرف مرتبات جميع موظفي الدولة من إيرادات النفط والغاز».
وفي ذات اليوم الذي وصل فيه الوفد السعودي صنعاء، وعلاوة على بقية المتغيرات، تعلن الولايات المتحدة الأمريكية توسيع انتشارها العسكري في الخليج وصولا إلى البوابة السعودية، بإرسال الغواصة النووية «يو إس فلوريدا» التي تمركزت في البحر الأحمر.
البحرية الأمريكية أعلنت في بيان لها أن الغواصة ستقوم بتعزيز عمليات الأسطول الأمريكي الخامس المتمركز في البحرين، والمنتشر على امتداد الخريطة البحرية لليمن من بحر العرب والمحيط الهندي في الشرق، وصولًا إلى البحر الأحمر في الغرب.
لا تشير هذه الخطوة الأمريكية وتوقيتها إلا إلى تصاعد وتيرة مخاوف واشنطن من احتمالات أي اتفاق يفضي إلى وقف العدوان وإنهاء الحصار، والتوقيت ، كان واضحا.
تتحرك الولايات المتحدة الأمريكية بقضها وقضيضها لإعاقة أي تقدم نحو سلام يكفل لليمنيين حقوقهم، فبعد يوم من وصول الوفد السعودي، تدفع واشنطن بسفارة المرتزقة هناك لإصدار بيان ترفض فيه السماح بدخول السفن التجارية إلى ميناء الحديدة، رغم أن ذلك ليس من اختصاصها، بيد أن الأولى تحاول اللعب بكل الأوراق حتى الحارقة منها.
لا يقتصر اللعب الأمريكي بأوراق العمالة على الخارج فقط، بل يمتد إلى الداخل ويلتقي ما يسمى بالسفير الأمريكي «ستيفن فاجن» في ذات اليوم بالمرتزق طارق صالح، ومع التظاهر بالحرص على السلام، تتكشف الأكاذيب الأمريكية.
تلاعب مفضوح
في العاشر من أبريل، أعرب مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة «هانس غروندبرغ»، عن تفاؤله بقرب تحقيق السلام في اليمن، وإنهاء الحرب التي تشنها السعودية للعام التاسع توالياً، بيد أن الواقع يثبت فشل أي دور أممي في تحقيق السلام، بقدر ما يكشف وقوف الأمم مع الجلاد ضد الضحية.
المبعوث الأممي أكّد أيضًا بحسب وكالة أسوشيتد برس: «هذه لحظة يجب اغتنامها والبناء عليها وفرصة حقيقية لبدء عملية سياسية شاملة تحت رعاية الأمم المتحدة لإنهاء الصراع بشكل مستدام «.
لكن الأمم المتحدة أعلنت في اليوم التالي، على لسان متحدثها «ستيفان دوجاريك»، أنها لا تشارك في المفاوضات الجارية في صنعاء، بيد أنها رحبت في ذات الوقت بزيارة السفير السعودي الى العاصمة اليمنية.
الإشارة إلى تصريحات الأمم المتحدة في هذا السياق لما يرتبط بها من دلالات لموقف استحدثته لاحقًا، سيجري الحديث عنه، ضمن إطار التحركات الأمريكية المكثفة لإفشال أي اتفاق سلام قد يلوح في الأفق.
دفع أمريكي لإفشال المسار
في 12 من أبريل، لم يكتف البيت الأبيض بإرسال مدير الاستخبارات المركزية إلى السعودية، حيث يقول إن مستشار الأمن القومي «جيك سوليفان» تحدث مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وناقشا الأوضاع العالمية والإقليمية، والجهود الدبلوماسية لإنهاء الحرب في اليمن «، بحسب ما يزعم.
الخارجية الأميركية أعقبت تصريحات البيت الأبيض بإعلان إرسال مبعوثها إلى اليمن «تيم ليندركينغ» إلى الخليج لما وصفته «دعم الجهود الجارية لتأمين اتفاق جديد بشأن عملية سلام شاملة في اليمن»، والحقيقة أن إرساله لم يكن إلا للوقوف أمام أي اتفاق بعد التهديدات الأمريكية التي تلقاها محمد بن سلمان، بحسب ما تشير إليه بقية تحركات واشنطن في ذات الملف.
ما تمارسه واشنطن من ضغوط على السعودية للاستمرار في العدوان على اليمن، يرى مراقبون أنه بهدف ضمان استمرار عمل مصانع أسلحتها، وتواصل الدعم الاستخباراتي الأمريكي للرياض، الذي يكلفها مئات الملايين من الدولارات، فضلًا عن استمرار واشنطن في السيطرة على المناطق المحتلة في اليمن، والاستئثار بثرواتها، والسيطرة على الملاحة البحرية والموقع الاستراتيجي اليمني.
في 13 من أبريل، أعلنت وزارة الخارجية السعودية أن كبير مستشاري البيت الأبيض للشرق الأوسط «بريت ماكغورك» والمبعوث الأميركي لشؤون أمن الطاقة العالمي «آموس هوكستين» وصلا إلى السعودية، والتقيا بوزير الخارجية فيصل بن فرحان.
استجابة سعودية
بعد زيارة استمرت نحو ستة أيام، غادر الوفد السعودي العاصمة صنعاء، بعد نقاشات مع القيادة، ورغم محاولته تقمص دور الوسيط، إلا أن سنوات العدوان والحصار بما فيها من القتل والدمار تبقى شاهدة على بشاعة الدور السعودي في الحرب الظالمة التي منح لنفسه فيها صفة القيادة.
كانت النقاشات إيجابية حول العديد من النقاط، وتم الاتفاق على عقد جولة جديدة بعد عيد الفطر المبارك، نظراً لطبيعة القضايا التي تم نقاشها، ويد اليمن هي الطولى والأقوى، إذا ما فكر تحالف العدوان ومن ورائه أمريكا استئناف المواجهات العسكرية وعرقلة خطوات السلام.
هكذا كان توصيف الرئيس المشاط لنتائج المحادثات بحسب تصريحاته خلال اطلاعه لقيادات الدولة على نتائج المحادثات.
بعد يوم واحد من عودة الوفد السعودي من صنعاء، أجرى وفد من البيت الأبيض محادثات مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان حول ملف اليمن، وقال متحدث باسم البيت الأبيض «إن الوفد أكد دعمه للسعودية على صعيد اليمن وغيره من الأماكن»، مضيفًا أن البلدين اتفقا خلال المحادثات على البقاء على تواصل منتظم.
يجدر بالذكر وبحسب معلومات، أن المفاوضات التي جرت في صنعاء كانت تنحو منحىً إيجابيًا، لولا أن تدخلت واشنطن وقامت بالضغط على السعوديين لقطعها وإيقافها، وهي بالمقابل تجهل مجرياتها، وتعمل دون أن يتم تحقيق أي تقدم باتجاه السلام.
تحركات ميدانية
بعدها بأيام صعّدت الولايات المتحدة الأمريكية، من تحركاتها في المناطق الشرقية اليمنية، وقال ما يسمى بالسفير الأمريكي، «ستيفن فاجن»، إنه زار محافظة حضرموت، في زيارة هي الثانية خلال أقل من 5 أشهر، وبحسب معلومات مؤكدة أجرى عدة لقاءات في مدينة المكلا مع محافظ المرتزقة وشخصيات قبلية.
الزيارة وسابقاتها لذات المحافظة وغيرها، تعزز حقيقة خبث الدور الأمريكي في إعاقة السلام، وتصعيد التحركات العسكرية الواسعة في حضرموت وعموم مناطق السواحل الشرقية لليمن، ضمن مخطط خبيث لتثبيت نقاط السيطرة على تلك المناطق الاستراتيجية والثمينة من البقعة الجغرافية للبلد.
نشطت الإدارة الأمريكية في إجراء الاتصالات الرفيعة بشكل لافت، بعد عودة الوفد السعودي من محادثات صنعاء، في محاولات حثيثة للتأثير في مستقبل الجولة الحاسمة للمفاوضات في صنعاء، ففي 19 من أبريل كان الملف اليمني هو العنوان الأبرز في الاتصال الهاتفي بين وزير الخارجية الأمريكي «أنتوني بلينكن» ونظيره السعودي.
إن الاهتمام الأمريكي البالغ بملف اليمن، يكشف قلق الإدارة الأمريكية من خسارة عائداتها من الحرب وخسارة نفوذها في اليمن، ما يجعلها تعمل جاهدةُ للتأثير على صانع القرار السعودي، بهدف إجباره على التراجع عن التفاهمات التي أحرزتها المفاوضات الأخيرة في صنعاء بوساطة عمانية، دون أي اعتبار تضعه لما قد يتعرض له حال تصدره طليعة العدوان مجددًا، بعد محاولته الخروج.
عدو السلام
ولخطورة ما يقوم به الأمريكي من دور تخريبي، لم يفت رئيس المجلس السياسي الأعلى المشير الركن مهدي المشاط أن يكشف في خطابه بمناسبة عيد الفطر المبارك المؤامرات الأمريكية الإجرامية في إعاقة أي جهود لتحقيق السلام العادل والمشرّف.
الرئيس المشاط يؤكّد أنه بات من الواضح أن ثمان سنوات من العدوان الأمريكي السعودي على اليمن لم تجلب إلا الخراب والدمار لليمن والمنطقة، في حين أن السلام سيحمل الخير للمنطقة ويجنبها المزيد من الدمار، بما في ذلك دول العدوان.
الرئيس يشير أيضًا إلى أن «بوادر السلام تلك قد انعكست بالارتياح لدى شعوب المنطقة برمتها، غير أن الجانب الوحيد الذي يرى في استمرار العدوان مصلحة تعود عليه بالمنفعة المالية والسياسية والعسكرية، وتنفذ مخططاته للهيمنة، هو الجانب الأمريكي، الذي كان المتسبب الأول في العدوان على بلدنا».
ويستطرد: «لقد كان الأمريكي طوال الفترة الماضية يعرقل أي جهود نحو السلام، ويرفض حلحلة الملفات الإنسانية، وصرف مرتبات كافة موظفي الدولة من ثروات اليمن، ويسعى لاستمرار الحرب خدمة لأجنداته ومصالحه».
ويؤكد الرئيس المشاط: «ليس من مصلحة الرياض ولا المنطقة الرضوخ له، وها هي التحركات الأمريكية التي جاءت بالتزامن مع وجود الوفد السعودي في صنعاء سعت إلى إعاقة أي جهود لوقف الحرب، والاستجابة لمطالب الشعب اليمني العادلة».
كما حذر الرئيس من استمرار التحركات الأمريكية الساعية إلى عرقلة مسار السلام، ناصحًا دول العدوان بعدم الرضوخ لتلك المساعي، التي لن تحقق لها أي مصلحة، بل ستجلب عليها المزيد من الدمار والاستنزاف.
معركة خارج اليمن
تلك هي رسائل الدولة على الصعيد السياسي، أما على الصعيد العسكري فالرسائل بعثها وزير الدفاع اللواء الركن محمد ناصر العاطفي من أكثر من جبهة خلال أيام عيد الفطر المبارك منها الساحل الغربي، ولعل أولها للأمريكي، ومفادها أن البحر الأحمر وباب المندب منطقة يمنية خالصة، والقوات المسلحة قادرة على حمايتها.
اللواء العاطفي حذر تحالف العدوان من المراوغة والإقدام على أي التفاف أو مناورات، مؤكدًا أن عليه التعلم من الدروس السابقة، ولافتًا إلى أن: «المعارك المقبلة لن تكون داخل اليمن كما يتوهمون، بل ستكون في مفاصل العمق البعيد للعدوان، والتي ستجعلهم يدركون جيداً معنى الألم الكبير».
اللواء العاطفي، ومن البحر الأحمر مجددًا، من جزيرة كمران ذات الموقع الاستراتيجي المحاذي لخطوط الملاحة الدولية، وجه رسالة نارية أكّد فيها أن أي محاولة من قبل التحالف للتصعيد أو نهب الثروات والالتفاف على ما تم طرحه، فإن القوات المسلحة جاهزة لإفشال هذه المحاولات وحماية السيادة الوطنية.
ومطلع مايو الجاري، وصل المبعوث الأممي لليمن إلى صنعاء، في سياق يبدو خارج سرب المفاوضات تمامًا، ولأهداف أخرى، ليلتقي بالرئيس المشاط ويتلقى صدمة جديدة بموقف صنعاء الثابت والمبدئي، ويتم تحميله رسائل بالغة القسوة للأمريكي والبريطاني والعالم بأسره.
وبمعزل عن تصريحات، تأتي تحركات المبعوث الأممي بالتزامن مع اقتراب الجولة الجديدة من المفاوضات، التي سبق وأعلنت الأمم المتحدة أنها لا تشارك فيها، لكن المعطيات تثبت أن ما يسمى بالمبعوث الأممي يعمل مخبرًا لصالح الولايات المتحدة لا الأمم.
مراقبون يرون أن زيارة المبعوث الأممي الأخيرة إلى صنعاء، إنما تأتي بهدف استطلاع حقيقة الموقف في صنعاء وأجواء مشاورات ما بعد رمضان، خصوصًا أنها تأتي بالتوازي مع زيارات مكوكية لما يسمى أيضًا بالمبعوث الأمريكي إلى الرياض وعمان.
«العالم كله سيتضرر»
الرئيس المشاط التقى المبعوث الأممي والفريق المرافق له، وأكد أن الوقائع أثبتت أن الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا هما من يضعا العراقيل أمام كل محاولات إحلال السلام في اليمن، انطلاقاً من رؤيتهما في أن استمرار العدوان والحصار، يمثل مصلحة اقتصادية وسياسية لهما.
وأشار إلى أنه كلما حدث أي تقارب بين اليمن والسعودية، والوصول إلى تفاهمات، تسارع أمريكا إلى إرسال مبعوثها المشؤوم إلى المنطقة وتفشل كل الجهود.
ونوه الرئيس المشاط إلى «إن الدور الرئيسي لأمريكا في العدوان والحصار على اليمن، وما رافقه من قطع لمرتبات كافة موظفي الدولة، وصولاً إلى مساعيها لإفشال جهود السلام، يؤكد لكافة أبناء الشعب اليمني أنها هي من تقف وراء كل معاناته، وأنها تسعى دائماً إلى استمرار الحرب، ومحاربة أي جهود للسلام».
الرئيس المشاط نقل من خلال المبعوث للمجتمع الدولي بما في ذلك الدول الأوروبية، التحذير من سعي أمريكا وبريطانيا للدفع باتجاه التصعيد، لافتًا إلى «أن العالم كله سيتضرر إذا عاد التصعيد في اليمن، بما فيها أمريكا وبريطانيا، فنحن لن نقبل أن يدخل اليمن في تصعيد جديد وتخرج أمريكا وبريطانيا بسلام».
جاء المبعوث الأممي ليستطلع موقف صنعاء، فعاد برسائل نارية حملها وهو ليس راضٍ، ومفادها أن العودة للتصعيد ستكلف أمريكا وبريطانيا الكثير الكثير، الذي قد ربما تدفعانه حتى من أمنهما ومصالحهما، والعالم كذلك.
رغبة أمريكية في استمرار الحرب
بالتزامن، أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية، أن المبعوث الأمريكي الخاص لليمن «تيم ليندركينغ» يزور منطقة الخليج لـ «تعزيز الجهود القائمة لضمان التوصل إلى اتفاق جديد وإطلاق عملية سلام شاملة»، ما يكشف طبيعة مهام كل منهما في تخريب جهود السلام، فلواشنطن مبعوثين أحدهما إلى صنعاء، والآخر إلى الرياض.
مثلما تعمل أمريكا باستمرار على تعقيد المشهد في اليمن ومفاقمة الوضع الإنساني، فهي تعمل بالتزامن مع المفاوضات الجارية من أجل تعكير الأجواء التي قد تبدو إيجابية إلى حدٍ ما، كونها أصلًا لا تصب في صالحها، ومن صالحها استمرار العدوان والحصار.
نائب مدير دائرة التوجيه المعنوي للقوات المسلحة العميد عبد الله بن عامر، أوضح في تغريدة له على صفحته بتويتر، أن واشنطن اعترضت على بعض النقاط التي سبق التفاهم بشأنها بين صنعاء والرياض، ما قد يؤدي لتراجع نسبة الرغبة السعودية في الخروج نتيجة التحرك الأمريكي.
العميد بن عامر بيّن أيضًا أن التحرك الأمريكي قائم على محاولة فرض رؤية معينة للسلام، تقوم على التجزئة والتأجيل وعدم الحسم، بهدف إبقاء الصراع في حالة من التهدئة، لتحريكه وإشعاله وقت الحاجة.
العميد عامر أفاد في تغريدة أخرى، أن السعودية حينما أرادت قبل 3 سنوات الخروج من اليمن، تحركت الولايات المتحدة وطرحت ما يشبه الشروط، فلا خروج إلا بوجود حكومة في صنعاء تكون صديقة للغرب.
وأضاف العميد عامر، «حينها تحدث «فايرستاين» نيابة عن السعودية، وقال إن الهدف وجود يمن موحد ملتزم بالعمل مع جيرانه ومع الغرب، ويتماشى مع مصالح الولايات المتحدة.
لا تهدأ واشنطن وفي الأفق برق يلوح بالسلام، فهي عملت طوال الأسابيع الماضية على إفشال كل المحاولات التي قد تؤدي إلى سلام، ويكشف ويؤكد ذلك، طبيعة التحركات التي تجريها من أعلى هرمها في السلطة من خلال الزيارات والاتصالات الرفيعة، وما يظهر في الإعلام نزر يسير مما يدور خلف الكواليس.
ووصل «سوليفان» مستشار الأمن القومي الأمريكي السبت مجددًا إلى الرياض في زيارة هي الثانية التي تم الإعلان عنها خلال أقل من شهر، وهو من أكد أن ملف اليمن سيكون على رأس اهتماماته، ما يؤكد قطعًا طبيعة الدور الأمريكي الخبيث والتآمري لإفشال الوساطة العمانية.
ما من شك أن أمريكا وهي رأس العدوان، تتآمر بعد أن قتلت وحاصرت الشعب اليمني لثمان سنوات، لكن استحضار التحركات الأمريكية وسياقها الزمني، إنما بهدف التأكيد بمواقف اتخذتها القيادة الأمريكية علنًا، وما خفي كان أعظم، ما قد يؤخر أو ربما يؤثر سلبًا على الزيارة السعودية المرتقبة لاستكمال النقاشات، لتبقى السعودية بين خيارين أحدهما قد ذاقت مراراته، والقادم أعظم.
نقلاً عن الثورة الرسمية :