اخبار محلية
بتر أعضاء وصعق بالكهرباء وقلع أظافر: بعض ما تعرّض له اليمنيون في السجون السعودية
21 سبتمبر / الاخبار /ضيف الله حمران
بصفقات مالية وصلت إلى حدّ دفع الرياض مئة ألف دولار مقابل أسير يمني واحد، سلّمت المجموعات المسلحة الأسرى اليمنيين إلى السلطات السعودية التي استمر جنودها لأشهر طويلة في تعذيبهم للحصول على معلومات عسكرية عن الجيش و«أنصار الله»
استُكمل في اليومين الماضيين وصول الأسرى اليمنيين الذين بلغ عددهم 116 إلى صنعاء من السعودية، ضمن صفقة تبادل أبرمتها «أنصار الله» مع مسؤولين سعوديين في اللقاءات الحدودية المستمرة.
ومقابل عشرة جنود سعوديين كانوا في قبضة الجيش اليمني و«اللجان الشعبية»، وصل الأسرى اليمنيون إلى صنعاء حيث كان في انتظارهم استقبال رسمي حضره رئيس «اللجنة الثورية العليا» محمد علي الحوثي وعدد من مسؤولي الدولة ووسائل إعلام محلية ودولية وثقت خلال لقاءاتها مع الأسرى المفرج عنهم آثار التعذيب الذي تعرض له الأسرى على يد النظام السعودي.
وتنوعت عمليات التعذيب بين بتر الأعضاء وتشويه أخرى، إلى جانب الصعق بالكهرباء وقلع الأظافر والحرمان من الطعام وقضاء الحاجة. ووفقاً لشهادات الأسرى، كان الهدف من التعذيب إجبار الأسرى على تقديم اعترافات ومعلومات عن المواقع العسكرية والطرق التي يتحرك فيها الجيش اليمني، خصوصاً في الجبهات الداخلية حيث أسروا.
يسرد إسماعيل محمد علي، وهو واحد من الأسرى، لـ«الأخبار» تفاصيل التعذيب الذي تعرض له خلال ستة أشهر من أسره في أحد سجون النظام السعودي في منطقة خميس مشيط جنوبي المملكة. «مكثت في زنزانة انفرادية لمدة ثلاثة أشهر متواصلة تعرضت خلالها للتعذيب بالكهرباء في أماكن مختلفة من جسدي، أبرزها الصدر والمفاصل». ويضيف إسماعيل: «كنت إذا طلبت الذهاب إلى دورة المياه يتم جلدي 70 جلدة، ولم يكن يسمح لنا بتناول الطعام إلا بشكل يسير جداً، ويكون الطعام مخصّصاً لمجموعة كبيرة من الأسرى، وغالباً ما كان يتم وضع مادة فيه تسبب الإسهال الشديد لفترات طويلة».
وفي اليوم الذي سبق عملية التبادل، يتابع إسماعيل أن الجنود السعوديين الذين عذبوه قالوا له إنهم «لم يستفيدوا منه بشيء»، لأنه لم يخبرهم بمواقع أو بأسماء لقيادات عسكرية. ويتابع: «بعدها قاموا بخلع ظفري من أحد أصابعي وسلموني لأنصار الله الذين قاموا بعلاجي والاهتمام بحالتي».
رشيد العبادي، أحد الأسرى أيضاً، تمّ أسره في محافظة مأرب من قبل القوات الموالية للنظام السعودي. يقول إنه تعرض لمعاملة سيئة من القوات والمسلحين الموالين للنظام السعودي في مأرب، قبل أن يتم تسليمه للسلطات السعودية من أجل استخدامه مع آخرين في عملية مقايضة بأسرى سعوديين. «كان الجنود السعوديون يمارسون علينا مختلف أنواع التعذيب النفسية والجسدية لمحاولة إجبارنا على تقديم الاعترافات والمعلومات التي تتعلق بالجيش اليمني واللجان الشعبية، ولكننا تمكنّا من تحمّل هذا التعذيب».
وتحدث آخرون من الأسرى لوسائل الإعلام عن حالات مشابهة من التعذيب الذي تعرضوا له طيلة فترة أسرهم. وأكد هؤلاء أن العناصر الموالين للرياض في الداخل اليمني، الذين وقعوا في أيديهم أولاً، تسلّموا مبالغ مالية مقابل تسليمهم للسلطات السعودية. وفي هذا السياق، علمت «الأخبار» بأن بعض الأسرى «بيعوا» من قبل المسلحين للسعودية بنحو مئة ألف دولار للأسير الواحد، وكان يتم نقلهم إلى معسكر صافر في مأرب ومن ثم إلى منفذ الوديعة الحدودي حيث ينقلون بطائرات مروحية إلى قاعدة خميس مشيط.
رئيس «اللجنة الثورية العليا» محمد علي الحوثي الذي استقبل الأسرى في القصر الجمهوري في صنعاء، قال إن ما قام به النظام السعودي من معاملة سيّئة للأسرى اليمنيين «يعبّر عن الانكشاف الأخلاقي للسعوديين في التعامل مع الأسرى»، مضيفاً أن تلك الأخلاق «لا تمت إلى الإسلام بصلة ولا إلى الأعراف والقوانين الدولية، وأن ذلك التعامل السيّئ لا يمكن أن يمس الأخلاق والقيم والثقافة التي تربّى عليها اليمنيون الأحرار»، بحسب قوله.
من جهته، أكد عضو «اللجنة الثورية العليا»، الحقوقي محمد المقالح، أن التعذيب الذي لحق بالأسرى من قبل السعودية يمثل واقع الأخيرة وقيمها، لافتاً إلى أن المفقودين وبقية الأسرى «يتحمّل مسؤوليتهم تحالف العدوان، وأن قيادة الثورة حريصة عليهم وعلى مصائرهم».
وقوبلت شهادات التعذيب السعودي بموجة استياء شعبية وحقوقية عارمة داخل اليمن، حيث هاجم عدد من الناشطين والحقوقيين نظام السعودية على الأعمال التي كان يهدف منها إلى إهانة الأسرى اليمنيين، في الوقت الذي تسلم فيه أسراه من الجانب اليمني من دون تعرضهم للتعذيب أو الإهانة. وقد شدّد الناشطون اليمنيون على ضرورة محاسبة النظام السعودي على تلك الأعمال، لكونها تمس بحقوق الإنسان المكفولة من المواثيق والشرائع الدولية.
يشار إلى أن عملية التبادل التي جرت في الأيام الماضية هي الثانية بعد عملية سبقتها في الثامن من آذار، حين تم تسليم جندي سعودي مقابل سبعة يمنيين. وتعدّ هذه العمليات مؤشراً إيجابياً على توالي التفاهمات بين طرفي الحرب، وتنذر بعمليات مماثلة في الأيام المقبلة، إذا نجح المسار السياسي الذي أعلن عنه المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ.